ماذا تعرف عن ابن باجة ؟
ماذا تعرف عن ابن باجة ؟ .. ابن باجة: هو أبو بكر بن يحيى بن الصايغ، ولد في سرقسطة في نهاية القرن الخامس الهجري (1085 – 1138 م)، وعاش في سرقسطة إبان حكم المستعين الثاني (478 – 502) آخر أمراء بني هود حكام سرقسطة ولاردة وتطيلة، أما معنى (باجة) فهي تعني الفضة باللهجة العربية الأندلسية، وقد اشتغلت أسرته وامتهنت الصياغة، ويبدو أن ابن باجة اشتغل كذلك مدة من الزمن في الصياغة، وقد تعاطى علومًا وبرز في اللغة والشعر والفلسفة والموسيقى، ثم ارتحل إلى فاس بعد أن أقام في الجنوب في المرية وغرناطة وإشبيلية، ثم صار وزيرًا عند حكام سرقسطة (ابن تفلويت) ثم وزيرًا (لابن تاشفين)، وقيل إنه توفي مسمومًا بعد أن وُضع له السم في أكلة الباذنجان.
أما مؤلفاته، فأورد ابن أبي أصيبعة 27 عنوانًا كما أورد تلميذه أبو الحسن بن الإمام ما يربو على 105 من كتبه ورسائله، أما علومه الفلسفية فقد توفر على علمين هما علم النفس والعلم الطبيعي، وذكر تلميذه الوزير أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن الإمام أنه لم يحظ في تعاليقه على شيء مخصوص به اختصاصًا تامًا في العلم الإلهي خلال ما جاء في “رسالة الوداع” واتصال الإنسان بالعقل الفعال، وهي بالرغم من اختصارها إلا أنها بادية القوة والعمق، وتُعرف فلسفة ابن باجة بفلسفة علم الإنسان لاشتمالها على ما أصابته أبحاثه وموضوعاته، فقد جاء في كتابه (تدبير المتوحّد) وهي رسائل في ص 27 – 48: “فأما من يفعل الفعل لأجل الرأي الصواب ولا يلتفت إلى النفس البهيمية ولا ما يحدث فيها، فذلك الإنسان أخلف به أن يكون فعله ذلك إلهيًا من أن يكون إنسانيًا، فلذلك يجب أن يكون هذا الإنسان فاضلًا بالفضائل الشكلية حتى يكون متى قضت النفس الناطقة بشيء لم تخالف النفس البهيمية، بل قضت بذلك الأمر من جهة أن الرأي قضى به.. ولذلك كان الإنسان الإلهي – ضرورة فاضلًا بالفضائل الشكلية. أما غايات الإنسان في فلسفة ابن باجة فهي تقع على ثلاثة أقسام وهي:
1- الصورة الجسمانية.
2- الصورة الروحانية الخاصة.
3- الصورة الروحانية العامة.
وهي تلحظ على أن الصورة الأولى للإنسان من حيث هو جسم، أما الثانية فتوجد في كثير من الحيوانات كما في الحياء عند الأسد، والملق عند الكلب والتعجب أو العجب عن الطاووس والكرم عند الديك والمكر عند الثعلب، بيد أننا نلاحظ هذه الصفات عند أو لدى الإنسان بأشخاصه، أي بمصاديقه لا بنوعه، أما الكمالات الفكرية فهي أحوال خاصة بالصور الروحانية الإنسانية مثل جودة المشورة وجودة الرأي، فقد جاء في رسائل “تدبير المتوحد” ص 77 – 78 ما نصه: “ومن الناس من يراعي صورته الجسمانية فقط وهو الخسيس، ومنهم من يعبأ بصورته الروحانية فقط وهو الرفيع الشريف، وهنا تلاحظ أن أخس مراتب الجسماني من لا يحفل بصورته الروحانية عند صورته الجسمانية ولا يلتفت إليها، كذلك أفضل مراتب الشريف من لا يحفل بصورته الجسمانية ولا يلتفت إليها.
ويقسم ابن باجة الصور الروحانية إلى أربعة أصناف:
1- صور الأحسام المستديرة وهي الأجرام السماوية التي تتحرك حركة دورية.
2- العقل الفعال والعقل المستفاد.
3- المعقولات الهيولانية.
4- المعاني الموجودة في قوى النفس.
وهي الموجودة في الحس المشترك وفي قوة التخييل وفي قوة الذكر والصور الروحانية نمطان: أما العامة وهي التي لها نسبة إلى الإنسان، وأما الخاصة ولها نسبتان إحداهما خاصة وهي نسبتها إلى المحسوس والأخرى عامة وهي نسبتها إلى الحاس المدرك لها.
ولعل اللافت والواضح في منحى ابن باجة الفلسفة هو تأثره الشديد بآراء أفلاطون أكثر منه بأرسطو، وكذلك تأثر كثيرًا بالفارابي واستند إليه في مباني كتبه، إضافة إلى ذلك هو شرحه للوجود وعلاقته بالعقل عبر تقسيمات، فقسم الموجودات إلى قسمين إضافة: متحرك وغير متحرك، ثم متناه وغير متناه، ثم أزلي وهو العقل، هكذا كان فيلسوفنا، وقد أوردنا فيما تقدم وفاته وذكرنا أنه توفي مسمومًا.
ــــــــــ
المصدر: الدليل الفلسفي الشامل، الجزء الأول، ص: 19 – 21.