علوم وتكنولوجيا

علم النفس والأعصاب: كيف تتولد المشاعر والأفكار والذاكرة؟

سنغوص في هذا الموضوع في تعرجات الذاكرة ،ومصادر الضحك والدموع ،وعالم الجدارات الغامض. علم النفس والأعصاب هو الدراسة المتكاملة للأعصاب ،أي مايختص بالدماغ، وعلم النفس،هوما يختص بالتصرفات.
يحأول علم النفس والأعصاب الرد عل ىسؤال محير. كيف لعضو بحجم الكربفر يولد المشاعرو الأفكار والذاكرة؟
تعلم العزف على آلة موسيقية وتذكر أول رحلة قمنا بها وحفظ رقم هاتف عن ظهر قلب، كل هذه مهمات تعتمد بالكامل على الذاكرة.
بدأ العلماء مؤخرا بالكشف عن الأسلوب الذي تعمل به الذاكرة. فتوصلوا إلى أن هناك عدة أنواع من الذاكرة. وأن كل واحدة تشغل جانبا من الدماغ.
فحفظ رقم هاتف عن ظهر قلب مثلا ،من مهمات ذاكرة قصيرة المدى. وقد تم تحديد مكان هذه الذاكرة في أعلى مقدمة الدماغ. وهو جزء من سطح الدماغ يتميز بتعرجاته العميقة. تسمح هذه الذاكرة باستساغة المعلومات لبعض الوقت. أوربما لدقائق معدودات .عادة مانلجأ لهذه الذاكرة كي نحفظ معلومات تفيدنا لمتابعة عمل ما. وكثيرا ما ننسى هذه المعلومات بسرعة.
أما إذا تم استخدامها باستمرار ،فمن المحتمل أن يتم نقلها إلى ذاكرة بعيدة المدى كي يتم حفظها لمدة أطول.
تمكننا الذاكرة البعيدة المدى من الاحتفاظ بمعلوماتنا لسنوات، وحتى لمدى الحياة. هناك ثلاثة أنواع من الذاكرة بعيدة المدى.
أولا، المناسبات التي لها صلة بحياتنا الشخصية تحفظ في حلقات من الذاكرة .كل مناسبة يتم حفظها في تلك الذاكرة لها صلة بمكان محدد وتاريخ معين.
أكدت بعض الأبحاث مؤخرا أن الهيبوكامبوس الذي يقع أسفل القشرة والمهاد الواقع في وسط الدماغ ،يلعبان دوران هامان في حلقات الذاكرة.

وقد اتضح أن هذه الهيكلية، لاتكون في قمة نضوجها الكامل بعد عند الولادة. قد يبرر هذا عدم وضوح ذاكرتنا في فترة الطفولة .حين نتعلم العزف على آلة موسيقية، أوعلى قيادة سياره ،نعتمد على ذاكرة إجرائية .تمكننا هذه الذاكرة من إتقان كفاءات عديدة، أما من خلال التمارين او التكرار. وعندما نتقن هذه الكفاءات تصبح أشبه بالأوتوماتيكية.
تحتل الذاكرة الإجرائية جزءا من القشرة الأمامية للدماغ، كما تشغل كذلك الهيكلية التي تحت القشرة والمسماة بنواة المادة الرمادية.
الشكل الثالث من الذاكرة بعيدة المدى يحتضن مانعرفه عن الكون ومعلوماتنا العامة. تحتضن هذه الذاكرة قواعد اللغة، وقواعد الحساب، أوالكلمات. عمل هذا النوع من الذاكرة يتم في أرجاء متعددة من الدماغ.
حين يتم طبع المعلومات على أيمن الأشكال الثلاثة للذاكرة بعيدة المدى، يترك أثرا هو في واقع الأمر الذاكرة بعينها.
هذا الأثر، يتوافق مع تعديلات في خلايا الأعصاب. لنأخذ نموذج ممثل يجهز نفسه لدور ما فهو يجهز نفسه أولا لعدد من جوانب أدائه العام.
يبتكر الدماغ أولا نماذج داخلية عن المشاهد. يحتكر كل من هذه المشاهد نشاط شبكة محدده من خلايا الأعصاب .والحقيقة أن الدماغ يتشكل من مليارات الخلايا العصبية التي تسمى نيورونات .تتصل هذه النيورونات ببعضها البعض عبر إطلاق إشارات كيميائية إلى الأماكن المقصودة بالاتصال.
كلما استمر الممثل بالتمرن ،تتعزز نقاط الاتصال بين مختلف النيورونات المنشغلة. مما يثبت إرسال المعلومات بين النيورونات .هذا التماسك في الاتصالات يؤدي إلى تمكن الممثل من حفظ المشهد والدور الذي سيؤديه في العرض .ولكن كيف تتمكن خلايا الأعصاب من حفظ المعلومات؟ لمعرفة ذلك، يقوم الخبراء بدراسة آلية ذاكرة مبسطه لحلزون بحري .يستخدم هذا الحيوان في الدراسة لاعتماده على نظام أطراف عصبية بسيطة نسبيا. يؤكد العلماء أن هذه الحيوان تعلم أن يتجاهل المحفزات ،حين تتكرر عدة مرات. حتى انه يسحب أطرافه حين يلمس هذا المحفز جانبا آخر من جسمه. ولكن حين يتعرض للمس مستمر، تبدأ ردة فعله بالاختفاء تدريجيا. يؤكد العلماء انه بناء على ماسبق ،تتغير الاتصالات بين النيورونات بالكامل.

وقدلاحظوا بوضوح انخفاض في عدد الإشارات التي تحتويها النيورونات حين تنتقلب المحتويات الكيميائية. لهذا تصبح الاتصالات بين النيورونات، معدلة.
هذه الاكتشافات في الحلزون البحري تؤكد أن خلايا الأعصاب في الذاكرة البعيدة المدى تتعرض للمتغيرات. يعتبر الباحثون أن هناك احتمالات كبيره بوجود ظاهرة مشابهة لدى البشر. فعلى سبيل المثال كي يحفظ ممثل ما أحد النصوص يردده عدة مرات ،ليمكن النيورونات من تعديل اتصالاتها ،باستمرار. هذا مايثبت بأن الذاكرة الأكثر قدما ،هي الأقل تعرضا للنسيان. والحقيقة أن عملية التذكر المستمرة ،عادة ماتؤدي إلى الثبات النهائي في الذاكرة بعيدة المدى. لهذا تحتفظ خلايا الأعصاب بتفاصيل ذكريات مرحلة الطفولة .اكتشف مؤخرا أن الأحاسيس والمشاعر تنعكس في الدماغ على شكل أنشطة كيميائية وكهربائية في بعض الأماكن المحددة فيه.
يبدو أن نقل النيورونات ،أي إرسال خلايا الأعصاب ،يلعب دورا هاما في بيولوجية المشاعر، حيث انه المسؤول عن إثارة ا لضحك والأحزان والمخاوف.
تثير لدينا أحاسيس نعبر عنها من خلال أجسادنا قبل أن تظهر على ملامحنا ،إذا تبدأ الأحاسيس في الدماغ، مع أنها غالبا ماتستفز لدينا عبر محفزات خارجية .فمثلا ،حين يشاهد المرء أداء مهرج ما، تنتقل هذه المعلومات إلى عدة أجزاء من قشرة دماغه ،فتثير هذه المعلومات نبضات عصبية محددة في القشرة.
تحل هذه النبضات محل أخرى في النظام الرئيسي ،فتتشكل مجموعة من الهيكليات في جانب الدماغ الخاص بانفعالات المشاعر،فتودي إلى دفع إحساس من السعادة والسرور .إذا كانت الانفعالات مكثفة بما يكفي ،تتولى نواة الدماغ نقل المعلومات إلى هيكلية مجاوره ،تسمى الهايبوثالاموس .تختص هذه الهيكلية بالتعبير عن المشاعر من خلال الجسد. وهي في هذه الحالة تدفع إلى الضحك. يتم التعبير الجسدي عن الضحك من خلال تحريك مجموعة عضلات في أنحاء الجسد. يتحرك في الوجه وحده مالا يقل عن اثني عشر عضلة دون اخذ عضلات العنق بالاعتبار. أضف إلى ذلك أن إشارة الضحك ترسل إلى القفص الصدري أيضا .انقباض هذه العضلات يؤدي إلى ذبذبة في التنفس عادة مايتميز بها الضحك. عند انقباضها ،تدفع العضلات الهواء عبر قنوات التنفس، بسرعة تزيد عن مائة كلم في الساعة.
الألم الناجم عن هذا الانقباض يجعل المرء يمسك بجنباته ،وكثيرا ماتسهم عضلات المعدة أيضا بالأمر. حين تساهم عضلات المعدة في الضحك، يصبح الألم واضحا بحيث يجبر صاحبه على الانحناء من شدة الضحك.

المصدر

هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي فريق المكتبة العامة

Public library

موقع المكتبة العامة يهتم بنشر مقالات وكتب في كافة فروع المعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى