في إسرائيل كلمة «فلسطين» تؤدّي إلى السجن
Public library ,
مشاركات الأعضاء ,
15 نوفمبر, 2016,
في إسرائيل كلمة «فلسطين» تؤدّي إلى السجن – بقلم: حمودة إسماعيلي
تاريخ إسرائيل ككيان سياسي، هو تاريخ مشاريع قوانين عنصرية كجزء من عملية الإستيطان وتهويد المنطقة. تهدف إسرائيل لإقامة مشروع قانون يحرم المؤسسات الثقافية التي لا تعترف بالدولة اليهودية ولا تصب في منهجها الثقافي ومصالحها السياسية ـ من الدعم والتمويل. وفي معرض الحديث عن حرية التعبير والرأي، تساءل الكاتب إدوارد سعيد إلى أنه في مقابل حملات الدفاع عن حقوق الكتّاب حينما يتعلق الأمر بحرية التعبير كما في قضية سلمان رشدي، يجد الصمت اتجاه الصحفيين والكتّاب الفلسطينيين الذي يسجنون بإسرائيل لأسباب سياسية. حد أنه اندفع بحديثه موضّحا لمحاوره ريتشارد كيرني بأنه في إسرائيل هناك عقوبة ستة أشهر سجنا لاستعمال كلمة فلسطين. واستمر في تساؤله حول المعيار الذي تخضع له قضية مماثلة مقارنة بالقضايا التي تندرج في الدفاع المشترك عن الحق في حرية التعبير. بعدها بعشرين سنة ظهر مشروع قانون بنفس العقوبة لاستعمال كلمة “نازية” وللرموز التي تشير إليها.
وهناك مساعي منذ سنوات بحذف اللغة العربية من اللغات الرسمية للدولة، ما يعني التعامل باللغة العبرية فقط على المستوى الإداري بما يشتمل الوثائق والعقود، بل حتى اللافتات والملصقات والإعلانات العمومية. وفي حالات كما هو مُتناقل يُمنع على العمّال والموظفين التحدث فيما بينهم بالعربية خلال العمل.
وتُعتبر السنة الفارطة حسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين، السنة الأكثر عنصرية في تشريع القوانين الإسرائيلية كما جاء في التقرير السنوي، حد وضع قانون إدانة الفلسطينيين دون شبهات ضمن قانون الإرهاب، إشارة لتخويل المحاكم الإسرائيلية إدانة النشطاء الفلسطينيين حتى دون شهود.
إن المشاريع القانونية الإسرائيلية التي تبدو أقرب للدعابة، لا تختلف عن قانون الخدمة الألماني الذي سنّه حزب هتلر إبّان صعوده للسلطة، والذي يقضي باستبعاد اليهود من المهن والوظائف العمومية، ومع مرور السنوات وصلت القوانين الألمانية حد منع اليهود من دخول المدارس والجامعات وصالات العروض والسينما، بما في ذلك عزلهم عن الألمان ومنع الطبيب اليهودي من لمس المريض الآري. همّشت القوانين الألمانية اليهود لغاية عزلهم عن المناطق الآرية.
تسعى إسرائيل للملمة جراح الماضي، عبر التماهي مع النازية المضطهِدة : وهي عملية معروفة بحالة اضطراب عقب الصدمة، حيث يقوم الضحية في بعض الحالات بالتماهي مع المعتدي، التشبّه به كترقيع لجراحه النفسية. هنا تقوم إسرائيل بالتماهي مع العدو، الذي تعيد تصنيعه في الدمج النازي الفلسطيني، حيث أن تسلطها وتضييقها على الفلسطينيين يعرب عن تسلط وتضييق على النازيين المدمجين ـ في عملية الرقع الوهمية ـ كحل لرد الإعتبار. هنا يكمن عنف الضحية على الضحية، وهو ما يختزله إدوارد سعيد في تعريف الفلسطينيين ب”ضحايا الضحايا”.
وكما كان سعي الألمان بتلك الفترة إلى تنقية المجتمع الألماني لتوفير عرق أصيل خالص، تجهد إسرائيل بنفس العملية متماهية مع فكرة العرق الخالص، ما يتجلى في استمرار اعتمادها على الكتاب المقدس كدستور أسطوري للدولة يُغذّي حنينها لقصة الخروج. أما واقعيا فهي ككيان سياسي تعتمد على قوانين أساسية تُعنى بشكل نظام الحكم، وصلاحيات مؤسسات السلطة ضمن علاقتها بالأفراد.
ــــــــــــــــــــــ
هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي فريق المكتبة العامة.
الوسوم:إسرائيل, الاستيطان, الصهيونية, العنصرية, المكتبة العامة, فلسطين