8 نقاط توضح لك الفرق ما بين العلم والفلسفة – د. أمين السعدني

مقالات فكرية ,

الواقع أن ثمة فروقاً عديدة بين العلم والفلسفة يمكن إجمالها فيما يلى:

1- يستهدف العلم وصف الظواهر وكيف تحدث، أما الفلسفة فهى تحاول تفسير ما وصل إليه العلم، فالعلم يبحث فى كيفية حدوث الظواهر، بينما تبحث الفلسفة فى علة حدوثها، أى أن العلم وصفى والفلسفة تفسيرية.

2- الأحكام العلمية أحكام تقريرية لا تقرر أكثر مما هو موجود فى الواقع الخارجى، أما الأحكام الفلسفية فبعضها معيارى وبعضها نقدى لا يعبأ بما عليه هذا الواقع. أى أن العلم تقريرى والفلسفة معيارية.

3- يهتم العلم بمقولة الكم Quantum اهتماما كبيرا، أما الفلسفة فتتناول موضوعاتها من زاوية الكيف Quality أى أن العلم كمى والفلسفة كيفية.

4- يتمسك العلم بكل ما هو موضوعى، ويحاول أن ينصت إلى الطبيعة دون أن يتدخل، أما الفلسفة فهى فى صميمها مواقف ذاتية وأفكار شخصية ووجهات نظر أحادية، أى أن العلم موضوعى والفلسفة ذاتية.

5- العلم لا يتجاوز حدود الواقع الأمبيريقى الذى يمكن أن يخضع للحواس والأجهزة، أما الفلسفة فإنها تتجاوز تلك الحدود وتتسامى إلى ما فوقها، إنها التفكير الثانى على حد تعبير مارسل، أى أن العلم واقعى والفلسفة متعدية.

6- العلم يبحث عن العلل القريبة المباشرة التى تحدث الظواهر وفقها، أما الفلسفة فإنها تتعدى ذلك كى تبحث فى العلل البعيدة التى تقف وراء هذه العلل أو فوقها، أى أن العلم مباشر والفلسفة متحورة.

7- العلم يختص كل فرع فيه بجزء تخصصى محدد يبحث فيه ويكشف عن قوانينه، أما الفلسفة فتحاول دراسة الوجود الكلى من حيث هو وجود متكامل، أى أن العلم تحديدى والفلسفة كلية.

8- يقوم العلم أساسا على المنهج التجريبى، أما الفلسفة فلا شأن لها بالتجريب أو التجربة، فهى تأملية، وهذا فارق منهجى، أى أن العلم تجريبى والفلسفة نظرية.

ورغم كل أوجه الاختلاف هذه بين العلم والفلسفة، فإن هناك وجه اتفاق يربط بينهما، وهو أنهما لا يستطيعان أبداً الوصول إلى حقائق يقينية صادقة صدقا مطلقا ونهائيا، وذلك ما عرف فى تاريخ العلم باسم “أزمة الفيزياء النيوتونية” بعد اكتشاف نظرية النسبية Relativity على يد   أينشتين، و”أزمة الرياضيات الإقليدية” بعد اكتشاف الهندسة اللاإقليدية ونظرية المجاميع على يد كانتور. كما أن الفجوة بين العلم والفلسفة بدأت تضيق جدا هذه الأيام ، حيث بدأت الفلسفة تسلك طريقا نحو العلمية، لاسيما فى نظرياتها التى توصلت إليها فى مباحثها المختلفة (وجود وقيم ومعرفة) ثم أنها تمد العلم بطرق الربط والتحليل التى بدونها ينفرط عقده إلى شتات غير متماسك من الوحدات المعرفية المتناثرة .

هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي فريق المكتبة العامة.