تعرّف على أفضل الطرق لقراءة لغة الجسد وتعابير الوجه !
إذا كنت تريد أن تتعامل بشكل صحيح مع الآخرين، عليك أن تفهم ماذا تعنيه تصرفاتهم وتحركاتهم، معرفة لغة الجسد مدخل هام لفهم آليات التعامل مع الآخرين.
أولاً: ما هي لغة الجسد؟
يُعنى بلغة الجسد: الإشارات الجسدية، غير اللفظية التي يستخدمها البشر للتواصل فيما بينهم. حيث تختلف معاني بعض هذه الإشارات من مجتمع إلى آخر، إلا أنه لا يوجد مجتمع بشري على وجه الأرض لا يستخدم هذه اللغة كطريقة للتواصل.
ووفقاً للعديد من الباحثين والخُبراء، تُشَكِّل هذه الإشارات غير اللفظية جزءاً كبيراً من الاتصالات اليومية، حيث يُعتقد أنها تُشَكِّل ما نسبته 50 إلى 70٪ من عملية التواصل البشري، من تعابير الوجه إلى حركات الجسد، حتى صمتنا في بعض المواقف بإمكانه أن ينقل كمية من المعلومات إلى الطرف الآخر.
إن فهم لغة الجسد أمر مهم، ولكن من الضروري أيضا أن نولي اهتماما لإشارات أخرى ونحن في صدد قراءة لغة الجسد لدى الآخرين، مثل السياق الذي حدثت فيه تلك الإشارات. وفي جميع الأحوال، يجب أن ننظر إلى هذه الإشارات كمجموعة متكاملة.
فمن أجل تشكيل قراءة واضحة عند محاولة تفسير لغة الجسد، عليك أن تتعلم الكثير عن الحركات غير اللفظية التي يستخدمها البشر، ومعانيها التي تختلف وتتغير حسب الزمان والمكان والسياق.
ثانياً: تعابير الوجه
فكِّر للحظة في مدى قدرة الشخص على نقل مشاعره فقط من خلال تعابير الوجه! قد تشير الابتسامة إلى الموافقة أو السعادة، في حين يشير التجهم إلى الرفض أو التعاسة. ففي بعض الحالات، تكشف تعابير الوجه لدينا عن مشاعرنا الحقيقية إزاء حالة معينة أو موقف معين أو شخص معين. بينما في بعض الحالات قد نقول إننا على ما يرام، فيما تنقل تعابير وجوهنا إلى الآخرين خلاف ذلك!!
الوجه مرآة لمشاعرنا، وتتصف تعبيراته بالعالمية.
تعتبر تعابير الوجه من بين أكثر أنواع لغة الجسد عالميةً. فالتعابير التي تُستخدم لإظهار الخوف والغضب والحزن والسعادة هي نفسها في جميع أنحاء العالم. حيث وجد الباحث الأمريكي بول إيكمن (Paul Ekman) أن هناك مجموعة متنوعة من تعابير الوجه ترتبط على الدوام بمجموعة معينة من العواطف. مما يُضفي على هذه التعابير صفة العالمية.
ثالثاً: لغة العيون
كثيراً ما يشار إلى العيون على أنها ”نوافذ الروح“ لما لها من القدرة على كشف الكثير حول شعور الشخص، وما يدور في خلده. فأثناء الانخراط في محادثة مع شخص ما، لاحظ حركات عينيه. نسبة التحديق؟ معدل رمش العين؟ حجم البؤبؤ؟
أفق العين/نسبة التحديق: عندما ينظر الشخص مباشرة إليك، فإن ذلك يدل على رغبة واهتمام بك. ولكن قد يعني التحديق بك لفترة طويلة؛ تهديداً في كثير من الأحيان، أو ربما على الأقل سيُشعِرُكَ بالتهديد. ومن ناحية أخرى، فإن كسر التواصل البصري، والنظر بعيداً بشكل متكرر قد يشير إلى أن الشخص مشتت الذهن أو منزعج، أو يحاول إخفاء مشاعره.
معدل رمش العين: الرَمش أمر طبيعي، ولكن يجب أن نولي اهتماما لما إذا كان الشخص يرمش أكثر من اللازم أو أقل. فالناس بالعادة ترمش بسرعة أكبر عندما يشعرون بالحزن أو الانزعاج.
حجم بؤبؤ العين: أحد أكثر إشارات العيون دقة هو حجم بؤبؤ العين، صحيح أن الضوء يتحكم بحجم البؤبؤ، إلا أن المشاعر أيضاً تفعل ذلك. فعندما يتسع البؤبؤ، يُفهم من ذلك أن الشخص إما يشعر بالخوف منك، أو ربما يعني ذلك أنه منجذب تجاهك. فيما يعني تَضَيُقه شعور بالكراهية، أو قد يضيق البؤبؤ عند سماع كلام بذيء أو مؤذي.
رابعاً: تعابير الفم
تعبيرات وحركات الفم لها دور أساسي في لغة الجسد. فمثلاً، العض على الشفة السفلى قد يشير إلى القلق، والخوف، أو عدم الراحة. وتغطية الفم قد تكون في العادة محاولة للتغطية على استهجان أو استنكار شيء سمعه الشخص. والابتسامة يمكن أن تُفَسَّر في نواحٍ كثيرة. فقد تكون ابتسامة حقيقية، وقد تكون للتعبير عن سعادة زائفة، السخرية، أو حتى التهكم والاستخفاف.
انتبه إلى الإشارات التالية:
شفتان مزمومتان: قد تكون الشفاه المزمومة مؤشراً على النفور أو الرفض أو الريبة وعدم الثقة.
عض الشفة: للتعبير عن التوتر والقلق، أو الضغط النفسي، أو إيحاءة جنسية.
تغطية الفم: لإخفاء رد فعل عاطفي، تجنُّب عرض ابتسامة. وقد يكون دلالة على الكذب.
حركة الشفتان للأعلى والأسفل: تغييرات طفيفة في الفم تعتبر مؤشرات حول ما يشعر به الشخص. فعندما يتم رفع الشفتين إلى الأعلى، قد يعني الشعور بالسعادة أو التفاؤل. من ناحية أخرى، انخفاض الشفتين إلى الأسفل قد يكون مؤشراً على الحزن أو الرفض أو الغضب.
خامساً: إيماءات اليدين
يمكن لإيماءات اليدين أن تكون إحدى أكثر الإشارات مباشرةً ووضوحاً. فمثلاً، التلويح والتأشير واستخدام الأصابع للإشارة إلى كميات عددية هي إشارات شائعة جداً. ولكن قد تختلف بعض معانيها بحسب الثقافة، فمثلاً قد تعني إشارة الإبهام إلى أعلى أو إشارة السلام (V) في بلدٍ ما، معنىً مختلفاً تماماً عن معناها في بلد آخر.
انتبه إلى الإشارات التالية:
قبضة اليد: يمكن أن تشير إلى الغضب أو التضامن.
الإبهام إلى أعلى أو إلى أسفل: غالبا ما تستخدم هذه الإيماءات للموافقة أو الإعجاب وعدم الموافقة أو عدم الإعجاب. إلا أنها في بعض الثقافات قد يختلف معناها حسب السياق، فمثلاً في بريطانيا وأستراليا ونيوزلندا لهذه الإشارة (الإبهام إلى أعلى) أكثر من معنى؛ واحد من المعاني هو الموافقة، والثاني هو عندما يستخدمونها لركوب السيارات تطفلاً، والثالث هو إشارة بذيئة. ويختلف معناها حسب السياق.
إيماءة (OK): حيث يتم تشكيل دائرة بالسبابة والإبهام ورفع الأصابع الباقية إلى أعلى، يمكن أن يستخدمها الشخصي ليعني بها أنه على ما يرام. ولكن في بعض أجزاء أوروبا، يتم استخدام نفس الإشارة كنوع من الإهانة كأنه يقول لك: أنت لا شيء. وفي بعض دول أمريكا الجنوبية، الإشارة ذاتها يُقصد بها حركة بذيئة.
علامة V: تعني هذه الإشارة السلام أو النصر في بعض البلدان. وفي المملكة المتحدة وأستراليا، تأخذ هذه الاشارة معنىً عدوانياً أو بذيئاً عندما يتم قلبها أفقياً.
سادساً: إيماءات الذراعين والساقين
الذراعان والساقان ينقلان الكثير من المعلومات غير اللفظية. يمكن لتكتيف الذراعين التعبير عن اتخاذ الحالة الدفاعية. ووضع ساق فوق الأخرى في اتجاه بعيد عن شخص آخر قد يشير إلى الكراهية تجاهه أو عدم الراحة معه. إضافة إلى إشارات أخرى مثل توسيع أو تمديد الذراعين على نطاق واسع قد يكون محاولة من الشخص ليبدو أكثر سيطرة، بينما إبقاء الذراعين على مقربة من الجسد قد تكون محاولة لإبعاد نفسه من دائرة الاهتمام.
انتبه إلى الإشارات التالية:
تكتيف الذراعين: قد تشير إلى أن الشخص يتخذ الوضعية الدفاعية أو الحماية الذاتية أو أنه منغلق على نفسه.
الوقوف ووضع اليدين على الوركين: قد تكون مؤشراً على أن الشخص جاهز ويمتلك زمام السيطرة، أو قد تكون علامة على العدوانية.
شبك اليدين وراء الظهر: قد تشير إلى أن الشخص يشعر بالملل أو القلق أو الغضب. وقد تشير إلى ثقة عالية بالنفس.
النقر بالأصابع بشكل سريع: إشارة إلى أن الشخص يشعر بالملل ونفاذ الصبر.
وضع ساق فوق الأخرى: إشارة إلى أن الشخص منغلق على نفسه، أو أنه في حاجة إلى الخصوصية.
سابعاً: إيماءات وضعية الجسد
تعتبر وضعية الجسد جزءاً هاماً من لغة الجسد. ويعنى بوضعية الجسد الشكل المادي الإجمالي للفرد. فالوضعية يمكن أن تنقل ثروة من المعلومات حول مشاعر الشخص، وكذلك تعطينا عدة تلميحات حول خصائص شخصيته، مثل ما إذا كان واثقاً بنفسه أو منفتحاً أو مطيعاً.
فمثلاً الجلوس بشكل مستقيم قد يشير إلى أن الشخص منتبه ويولي اهتماماً وتركيزاً لما يجري حوله. وكذلك فالجلوس مع تحديب الظهر إلى الأمام، قد يعني أن الشخص يشعر بالملل أو اللامبالاة.
انتبه إلى الإشارات التالية:
الوضعية المنفتحة: يُقصد بهذه الوضعية الحفاظ على جذع الجسد مفتوحاً ومكشوفاً للطرف الآخر. هذه الوضعية تشير إلى الود والانفتاح وإلى الرغبة بالآخر.
الوضعية المنغلقة: حيث يتم حجب جذع الجسد، والانحناء إلى الأمام مع الحفاظ على الذراعين والساقين متصالبات في كثير من الأحيان، هذه الوضعية قد تكون مؤشراً على العدوانية وانعدام الود والقلق.
ثامناً: المساحة الشخصية
هل سبق لك أن سمعت أحدهم يشير إلى حاجته إلى ”مساحة شخصية“؟ هل تشعر بعدم الارتياح عندما يقف شخصٌ ما في مساحةٍ قريبةٍ جداً منك؟ في هذا الجزء من المقال، سنتحدث عن المسافات التفاعلية بين الناس.
فكما أن حركات الجسم وتعابير الوجه تحمل كماً من المعلومات غير اللفظية، فإن الحيز المادي بين الأفراد يُخبرنا بعدة معلومات. حيث يصف عالم الأنثروبولوجيا إدوارد ت. هول (Edward T. Hall) أربعة مستويات من المسافة الاجتماعية بين الناس:
المسافة الحميمة 15 – 45 سم: هذا المستوى من المسافة غالباً ما يشير إلى وجود علاقة وثيقة وقدر كبير من الثقة. وغالباً ما يحدث أثناء اتصال حميم.
المسافة الشخصية 45 – 120 سم: المسافة في هذا المستوى عادة ما تكون بين أفراد العائلة أو الأصدقاء المقربين.
المسافة الاجتماعية 120 سم – 3.5 متر: يكون هذا المستوى بين المعارف. كزملاء العمل والدراسة والأشخاص الذين تربطنا بهم معرفة سطحية.
المسافة العامة 3.50 – 7.5 متر: نلاحظ هذه المسافة في حالات التحدث أمام الجمهور. كالتحدث إلى فصل مدرسي، أو تقديم عرض تقديمي في العمل.
ويجدر بالذكر أن مستوى المسافة الشخصية التي يحتاجها الأفراد للشعور بالراحة يمكن أن تختلف من ثقافة إلى أخرى. فمن الأمثلة التي يُستشهد بها كثيراً، الفرق بين أشخاص من ثقافات لاتينية وأشخاص من أمريكا الشمالية. فالناس من الثقافة اللاتينية يميلون إلى الشعور بمزيد من الراحة بالوقوف في مسافة قريبة إلى بعضهم البعض أثناء التفاعل، بينما في أمريكا الشمالية يشعرون بالراحة أكثر عند الحفاظ على المسافة الشخصية أثناء التفاعل مع الآخرين.
وأخيراً، عليك دوماً عند قراءة لغة الجسد أن تبتعد عن اجتزاء الإيماءات وتفسير كلٍ منها على حدة. بل يجب أن تأخذ جميع الحركات والتعبيرات والإشارات بعين الاعتبار، وأن تنظر لها كمجموعة واحدة، وذلك للحصول على قراءة أدق وأكثر مصداقية.
هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر عن رأي فريق المكتبة العامة.