فرقة الأشعرية هي إحدى المدارس الكلامية الإسلامية، التي أسسها الإمام أبو الحسن الأشعري (873-936م) في القرن الثالث الهجري. وقد لعبت دوراً مهماً في تاريخ الفكر الإسلامي، خاصة في مجال العقيدة. تمثل الأشعرية موقفاً وسطاً بين الفلسفة العقلية والمعتقدات النصية.
حياة أبو الحسن الأشعري
ولد أبو الحسن الأشعري في البصرة ونشأ في بيئة معتزلية، إذ كان تلميذاً لأبي علي الجبائي، أحد أشهر علماء المعتزلة. ومع ذلك، في سن الأربعين، تخلى الأشعري عن المعتزلة بعد رؤية يُزعم أنها دعته للعودة إلى تعاليم أهل السنة والجماعة. ومن ثم، أسس منهجاً جديداً يحاول التوفيق بين العقل والنقل.
العقيدة الأشعرية
- الله وصفاته: الأشاعرة يؤمنون بوجود الله وصفاته الكمالية. يعتقدون أن الله له صفات أزلية لا تتغير، مثل العلم، القدرة، الإرادة، السمع، البصر، والكلام. ومع ذلك، يرون أن هذه الصفات ليست مثل صفات المخلوقات وليست تُفهم بحرفية النص.
- القضاء والقدر: يؤمن الأشاعرة بأن الله هو الخالق والمدبر لكل شيء. ومع ذلك، فهم يتوسطون بين الجبر والاختيار، حيث يعتقدون بأن الإنسان يملك قدرة محدودة واختياراً في أفعاله، لكن في النهاية كل شيء تحت إرادة الله.
- الإيمان: يُعرف الإيمان عند الأشاعرة بأنه التصديق بالقلب والإقرار باللسان، ويرون أن الأعمال جزء مكمل للإيمان ولكنها ليست جوهره.
- النبوة: يؤمن الأشاعرة بأن الأنبياء معصومون من الكبائر والصغائر بعد النبوة، ويرون أن معجزات الأنبياء دليل على صدق رسالتهم.
منهج الأشاعرة في الاستدلال
الأشاعرة يعتمدون على كل من العقل والنقل في استدلالاتهم، ويرون أن النصوص الشرعية يجب أن تُفهم في ضوء العقل السليم. كما أنهم يستخدمون علم الكلام للدفاع عن العقيدة الإسلامية والرد على شبهات المخالفين.
تأثير الأشعرية
الأشعرية أصبحت العقيدة الرسمية لكثير من المذاهب الفقهية الإسلامية، خاصة الشافعية والمالكية وبعض الحنابلة. وقد لعبت دوراً كبيراً في التصدي للحركات الفكرية المناوئة للإسلام، مثل الفلسفة اليونانية والمعتزلة.
أهم علماء الأشعرية
- الإمام أبو بكر الباقلاني: من أوائل من نشر العقيدة الأشعرية ودافع عنها بقوة.
- الإمام الجويني: من كبار علماء الأشعرية ومؤلف كتب في العقيدة والكلام.
- الإمام الغزالي: كان له تأثير كبير في نشر الفكر الأشعري من خلال كتبه ونشاطه التعليمي.
- الإمام فخر الدين الرازي: له إسهامات كبيرة في علم الكلام والفلسفة.
الأشعرية لعبت دوراً حيوياً في تاريخ الفكر الإسلامي وتعتبر اليوم واحدة من المدارس الكلامية الرئيسية في العالم الإسلامي.
