أشهر الكتب الممنوعة في العالم !
ليس غريباً أن يستمرّ العالم إلى يومنا هذا في الاحتفاء بأسبوع “الكتب الممنوعة” مطلع شهر أكتوبر من كل عام. فبالرغم من أنّ الإنترنت يتيح لنا فرصة الإطلاع على ما نرغب فيه من كتب، حتى الممنوعة أو المحجوبة منها، لا تزال العديد من الدول والحكومات تحارب الأدب بمنع العديد من الكتب، لأسباب تكون بغالبيتها مرتبطة بالدين والجنس والسياسة.
حتى اليوم، وبالرغم من إثبات نظرية “كل ما هو ممنوع مرغوب” أحقيتها، لا يزال العمل الفنيّ محارباً، ولا يزال كل كاتب يحاول معالجة بعض القضايا السياسية والدينية بعمق أكبر من المطروح والمتعارف عليه، يعدّ مرتداً أو كافراً أو شخصية تهدف إلى إفساد المجتمع. الأكيد أنه لا يحارب أي عمل فني إلا من يخافه، أو من يرتعب من فكرة قراءة الناس لأفكار لا تشبه الموروث الثقافي والديني والسياسي الطاغي.
ولأن أنظمة الدول العربية من أكثر الأنظمة القمعية، فمن الطبيعي أن تكون هي الدول صاحبة الرصيد الأكبر من الكتب الممنوعة ومن الكتّاب المتهمين بأغرب الاتهامات لمجرّد أنهم قرروا في يوم ما أن يعبّروا للعالم عن أفكارهم التي قد تختلف قليلاً عما يدور في أذهان الأغلبية. ولكن، في الغرب أيضاً قائمة تطول من الكتب الممنوعة لأسباب عديدة.
فما هي الكتب العربية والأجنبية التي منعت وأحرقت وأثارت جدلاً كبيراً منذ العام 1990 إلى يومنا هذا؟
في ما يلي قائمة ببعض الكتب التي منعت في العالم العربيّ:
وليمة لأعشاب البحر
“التطاول على الله” و”السخرية من القرآن”، كانتا التهمتين الموجهتين للأديب السوري حيدر حيدر، بسبب روايته “وليمة لأعشاب البحر” التي صدرت في سوريا العام 1983. تدور أحداث الرواية حول مهدي، المناضل الشيوعي العراقي الذي يهرب إلى الجزائر ويُقابل مناضلة قديمة تعيش عصر إنهيار الثورة ويلمس الخراب الذي لحق بالمناضلين هناك.
أثارت الرواية جدلاً بعد حوالي 17 عاماً من تاريخ صدورها، عندما أعيد طبعها في مصر العام 2000. فبعد سلسلة مظاهرات ضدها نظمها طلبة الأزهر صودرت طبعات الرواية ومنعت في مصر باعتبار أنها “تسيء إلى الدين الإسلاميّ”.
ومن المرجّح أن تكون عبارة “والله تعالى قال في كتابه العزيز فإذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا. صرخ مهدي ضاحكًا: يا عمي الحاج رغبنا في الاستتار فإذا بمخابرات ربي تقرع علينا الأبواب الموصدة”، السبب الحقيقي خلف النقمة عليها.
نقد الخطاب الديني
ليس كتاب “نقد الخطاب الديني” هو الكتاب الوحيد الذي منع من النشر للمفكر الإسلامي المصري نصر حامد أبو زيد. فقد اتهم أبو زيد بالإلحاد والكفر بسبب معارضته لسلطة النص المطلقة في الدين الاسلامي، ومطالبته بالتحرر من القرآن. وشكل كتابه “نقد الخطاب الديني” الذي كان رسالته المقدمة لجامعة القاهرة بهدف الحصول على درجة الأستذة، حالة إشكالية في المجتمع المصري، ليمنع الكتاب وتطبّق محكمة الأحوال الشخصية على أبو زيد حكم “الحسبة” وتبعده عن زوجته، وتضطره لمغادرة القاهرة إلى هولندا بعد تهديدات كثيرة جعلت حياته في خطر. فكيف يتجرأ أحد في هذا العالم على نقد الخطاب الديني؟
أطياف الأزقة المهجورة
ثلاثية للروائي السعودي تركي الحمد، تتألف من روايات العدامة (1996)، الشميسي (1997)، والكراديب (1998). تحكي الثلاثية قصة هشام العابر الذي انتهى به الأمر سجيناً بعد انضمامه إلى تنظيمات سياسية. منعت الرواية من التداول في السعودية، باعتبار أنها “تتجاوز الخطوط الحمراء سياسياً ودينياً”.
وأكد الحمد في مقابلات صحافية أكثر من مرة أن الثلاثية ممنوعة بالفعل من دخول السوق السعودية، وتصادر في المنافذ الحدودية والمطارات، إذ إنها من ضمن لائحة إصدارات ممنوعة تصدرها وتشرف عليها وزارة الإعلام السعودية.
بنات الرياض
هي الرواية الأولى والوحيدة للكاتبة رجاء الصانع. صدرت في العام 2005، ومنعت من النشر في السعودية بتهمة “تشويه صورة المجتمع السعودي”. تحكي الرواية أحداثاً وتفاصيل سريّة عن الحب والحريّة في حياة أربع فتيات سعوديات هنّ قمرة، سديم، لميس، مشاعل.
ما فعلته الصانع في روايتها لم يتعدّ كشف المستور في حياة النساء السعوديات بشكل خاص، والعربيّات بشكل عام، لكن الرواية منعت وتعرضت صاحبتها لضغوط كثيرة، وبالرغم من ذلك نجحت وانتشرت بشكل كبير في العالم.
فئران أمي حصّة
بعد أيام من صدورها في العام 2015، منعت وزارة الإعلام الكويتية رواية “فئران أمّي حصّة” للكاتب سعود السنعوسي من التداول. يعالج السنعوسي في الرواية التحولات السياسية في الكويت خاصة خلال الحرب مع العراق، ويحذّر من العقلية الطائفية والمتعصبة التي قد تأخذ بلده إلى منحى سيىء جداً.
يقول السنعوسي تعليقاً على منع روايته في الكويت “أنا لا ألقي اللوم كاملاً على الرقيب فهو مغلوب على أمرِه، مهزوز الثقة وأبعد ما يكون عن القراءة والثقافة. الرقيب لا يمنع من أجل المنع، فهو يدرك تماماً أن المنع صوري وإن حقَّق هدفه في سحب النسخ من المكتبات. الرقيب لا يملك شجاعة اتخاذ قرار الإجازة، لأنه يخشى المجتمع، والمجتمع هنا هو الرقيب الحقيقي حين يسائل الفرد صاحب المكتبة، أو حين يسائل عضو البرلمان وزير الإعلام: “كيف تجيزون مثل هذه الكتب؟”.
مدن الملح
“قصدتُ بمدن الملح، المدن التي نشأت في برهة من الزمن بشكل غير طبيعي واستثنائي، بمعنى أنها لم تظهر نتيجة تراكم تاريخي طويل أدى إلى قيامها ونموها واتساعها، وإنما هي عبارة عن نوع من الانفجارات نتيجة الثروة الطارئة. هذه الثروة (النفط) أدت إلى قيام مدن متضخمة أصبحت مثل بالونات يمكن أن تنفجر، أن تنتهي، بمجرد أن يلمسها شيء حاد”.
هكذا فسّر الروائي السعودي الراحل عبد الرحمن منيف سبب تسمية خماسيته (التيه، الأخدود، تقاسيم الليل والنهار، المنبت ، بادية الظلمات) بـ”مدن الملح”. منعت الخماسية من النشر خاصة أن منيف كان من أبرز الكتاب السعوديين المعارضين للنظام. وبالرغم من محاولته الهرب من الحديث بشكل مباشر عن النموذج السعودي من خلال عرض حكاية دولة متخيلة اسمها “موران”، فإن رسالته وصلت سريعاً إلى النظام الذي منعها بالرغم من نجاحها الكبير في الخارج وترجمتها إلى أكثر من لغة، منها الألمانية.
حكاية وهابية
“تستطيع أن تتخيل حياتك من دون التدين، أن تنتكس يعني أن تعيش ذلك عملياَ. هناك بون شاسع جداً، وخصوصاً في السعودية، حيث تعيش وسط مجتمع لا تعرفه بدقة. مجتمع قادر على أن يخترع لك حياة أخرى في ثانية واحدة”. يلخص الكاتب السعودي عبد الله المفلح بهذه الكلمات من روايته “حكاية وهابية”، الصراع الذي يعيشه بين التدين الحقيقي والتدين المصطنع. ولكن لم ينتظر الرقيب قراءة الرواية للحكم عليها، بل حكم على الكتاب من عنوانه فقط، فمُنع من الحصول على ترخيص بالنشر من وزارة الإعلام السعودية.
رجل ضد الله
كانت بيروت دائماً هي الحاضنة الأولى للمؤلفين العرب هرباً من مقص الرقيب. أصدر الكاتب المصري سمير زكي في العام 2013 روايته “رجل ضد الله” عن دار “سائر المشرق” اللبنانية، ولم تنجح الدار ببيعها أو توزيعها في العديد من الدول العربيّة أولاها مصر، بسبب عنوانها.
فقد سارع الرقيب الديني والسياسي إلى منع الرواية من دون الغوص في تفاصيلها، فعنوانها يشير إلى معارضة الذات الإلهية، لكن الرواية تحكي ببساطة عن ظاهرة عبادة الشيطان التي انطلقت في مصر أواخر القرن الثامن عشر.
أولاد حارتنا
من أكثر الروايات التي أثارت جدلاً للكاتب المصري نجيب محفوظ، أول عربي يحصل على جائزة نوبل في الأدب. في العام 1959 بدأت صحيفة “الأهرام” بنشر رواية “أولاد حارتنا” لمحفوظ بشكل متسلسل، لتتوقف عن نشرها في العام نفسه بسبب اعتراضات كثيرة على بعض محتوياتها التي اعتبرت أنها تمسّ الذات الإلهية. لم يتمكن محفوظ من نشر الرواية في مصر بسبب رفض الأزهر، فنشرتها دار الآداب اللبنانية سنة 1962 ومنعت من دخول مصر إلا من خلال نسخ مهربّة.
بعد سنوات طويلة، وعلى خلفية الرواية نفسها وما تحمله من أفكار، قرّر شابان مصريان سنة 1992 قتل محفوظ من خلال طعنه في عنقه، لكن عملية الاغتيال فشلت، وأعدم الشابان بعدها بالرغم من رفض محفوظ لذلك.
وفي ما يلي قائمة ببعض الكتب الأجنبية التي تعرضت للمنع:
آيات شيطانية
قد تكون حادثة منع كتاب “آيات شيطانية” للكاتب البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي، أشهر حادثة منع في التاريخ الحديث. تطرّق كتاب رشدي الذي صدر في العام 1988 إلى النبي محمد وزوجاته وإلى القرآن، وبحسب الرواية التي استندت إلى كتاب “صحيح البخاري” الديني قام النبيّ محمد بحذف وتغيير بعض الآيات القرآنية لتبرير وجود ثلاثة آلهة كانوا مقدسين في مكة، والسبب أن الشيطان نطق على لسانه هذه الآيات.
منع الكتاب من أن يترجم ويباع في العالم العربي والهند، وفي 14 شباط/ فبراير 1989 صدرت فتوى بهدر دمّ رشدي من قبل مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية روح الله الخميني الذي قال: “إنني أبلّغ جميع المسلمين في العالم بأنّ مؤلف الكتاب المعنون آيات شيطانية الذي ألّف وطبع ونشر ضد الإسلام والنبيّ والقرآن، وكذلك ناشري الكتاب الواعين بمحتوياته، قد حكموا بالموت، وعلى جميع المسلمين تنفيذ ذلك أينما وجدوا، كي لا يجرؤ أحد بعد ذلك على إهانة الإسلام”.
والدتا هيذر
في العام 1989 صدرت في الولايات المتحدة رواية للأطفال تحكي عن المثلية الجنسية بعنوان Heather has two mommies. وتجيب عن سؤال “كيف تكونين ابنة لإمرأتين؟”، منع كتاب ليسلي نيومان ولورا كورنال مباشرة بعد صدوره، وأحرقت أعداد كثيرة منه بعد مطالبة العديد من الأهالي إبعاده عن أطفالهم، خوفاً عليهم من “عدوى” المثلية الجنسية.
أرادت كاتبتا الرواية التطرّق إلى موضوع الأطفال الذين لا تشبه حياتهم حياة الأطفال الآخرين، فهم لا يملكون والدة ووالدة، ولا حتى والدة بدون والد، بل هم يملكون والدتين أو والدين. وبالرغم من تبدّل النظرة تجاه المثليين في الولايات المتحدة اليوم، وبعد صدور الطبعة الثانية من الكتاب في العام 2014، لا يزال من أكثر الكتب إثارةً للجدل.
عناقيد الغضب
يحكي الكاتب الأميركي جون شتاينبيك في روايته “عناقيد الغضب” The grapes of wrath، المأساة الإنسانية لأسرة فقيرة تهرب من جفاف حلّ بولاية أوكلاهوما إلى ولاية كاليفورنيا سعياً خلف الحلم الأمريكي، ليفسد الانهيار الاقتصادي العام 1929 الأمر عليهم. منعت الولايات المتحدة الأمريكية الرواية في العام 1939، واعتبرت مسيئة بأحداثها لأنّها تعايش طبقة المعدمين، ومشكلة الطبقية التي كانت تسود المجتمع الأمريكي وشعار المساواة والعدالة الذي رفعه الفقراء وأودى بحياة الكثيرين منهم.
مدار السرطان
قبل أن تتحوّل إلى إحدى كلاسيكيات الأدب الأمريكي، منعت رواية “مدار السرطان” لهنري ميلر من الصدور في العام 1939 في أميركا، لتصدرها فرنسا. كتب ميلر في روايته عن مغامراته وتجاربه الجنسية مع رفاقه وزملائه، أي الموضوع الذي كان يشكّل حينها أزمة حقيقية وجدلاً كبيراً عند الأميركيين.
وصفت المحكمة العليا في ولاية بانسيلفانيا الرواية بـ”حفنة من العفن”، ولم يسمح القضاء الأمريكي بطبعها إلا في العام 1961، أي في الفترة نفسها التي سمح فيها بتداول حبوب منع الحمل والمقويات الجنسية.
أهل يوليو
تدور أحداث رواية July’s people للكاتبة نادين غوردمير وقد صدرت في العام 1981، خلال الحرب الأهلية التي نشبت في جنوب أفريقيا على خلفية المطالبة بإلغاء نظام الفصل العنصري. كانت غوردمير ناشطة سياسية وصديقة مقربة لنيلسون مانديلا، فمنع كتابها في جنوب أفريقيا لسنوات طويلة لأنه يحاكي العنصرية التي واجهها ذوو البشرة السوداء.
لا يمكن طبعاً حصر الكتب الأجنبية التي منعت خلال السنوات المئة الأخيرة بعدد بسيط، فهناك عشرات الكتب وأغلبها أميركية منعت لفترات محددة وبشكل محصور، كروايتيّ “ليس من دون ابنتي” و” Peyton Place”، بجانب قائمة مطوّلة من الكتب الأجنبية التي سبب مضمونها السياسي والجنسيّ الجريء حالة من الجدل والرفض في المجتمع، مثل سلسلة هاري بوتر بسبب تناولها السحر والشعوذة، ورواية “تدرجات الرمادي الخمسون”.
اسرق هذا الكتاب
صدرت رواية “اسرق هذا الكتاب” Steal this book لكاتبها الناشط السياسي الأميركي آبي هوفمان في العام 1971. يحكي الكتاب عن تعارض الثقافات في فترة الستينيات، ومنع في كندا وحظر من قبل عدد كبير من المكتبات الأمريكية بحجة أنه يدعو الزبائن إلى السرقة، لكن كاتبه أكد أكثر من مرّة أن منع الكتاب جاء بسبب تناوله قضايا حساسة كزراعة الماريوانا وسرقة بطاقات الائتمان.