هل انهار الفريق سعد الدين الشاذلي بعد ثغرة الدفرسوار .. أم أن السادات كان يكذب؟
يقول الرئيس السادات في كتابه “البحث عن الذات”: “في يوم 19 أكتوبر عاد الشاذلي منهاراً، وقال لابد أن نسحب قواتنا في شرق القناة لأن الغرب مهدد. وكان هذا لو تم، هو ما يريده الإسرائيليون”. (البحث عن السادات، أنور السادات، ص: 348).
ويقول الفريق سعد الدين الشاذلي في مذكراته: “عقد مؤتمر بالقيادة بعد ظهر يوم 16 لبحث الموقف، واتفقت مع الوزير على أن نقوم بتوجيه هذه الضربة. لقد كانت نظريتي في ضرورة إعادة الاتزان إلى مواقعنا الدفاعية، بسحب (جزء) من قواتنا في الشرق إلى غرب القناة مازالت قائمة، ولكن مع تعديل في الأسلوب طبقاً للموقف الجديد. لقد اقترحت في اليوم السابق سحب الفرقة 21 مدرعة والفرقة 4 مدرعة، أما اليوم فلم يعد من السهل أن نقوم بسحب الفرقة 21 مدرعة في الوقت الذي تتعرض فيه لضغط العدو. لذلك اقترحت أن نقوم بسحب الفرقة 4 مدرعة، واللواء المدرع 25 من قطاع الجيش الثالث خلال الليل، وأن نقوم فجر باكر بتوجيه الضربة الرئيسية ضد قطاع الاختراق بقوة لواءين مدرعين من غرب القناة وفي اتجاه شمال شرقي، وفي الوقت نفسه يقوم اللواء 116 مشاة بتوجيه ضربة ثانوية من الغرب إلى الشرق، بينما تقوم الفرقة 21 مدرعة بتوجيه ضربة من مواقعها شرق القناة في اتجاه جنوبي؛ بهدف إغلاق الطريق المؤدي للثغرة من الشرق”.
ويؤكد الشاذلي أن الوزير أحمد اسماعيل رفض كل ذلك رغم وضوحه وأهميته، وكان يمتثل للقرار السياسي أكثر من الرؤية العسكرية، فحاول الشاذلي الاستعانة بالسادات، فيقول: “وبعد ساعات قليلة وصل الرئيس إلى المركز 10، لقد كان مازال هناك متسع من الوقت، وفكرت أن أستعين برئيس الجمهورية لكي ينقض قرار الوزير، وأن يوافق على وجهة نظري فيما يتعلق بسحب (بعض) القوات من الشرق، وأن نقوم بتوجيه ضربتنا الرئيسية ضد الثغرة من الغرب. شرحت الاقتراحات السابق ذكرها، ولكن الرئيس لم يمهلني لكي أتم مقترحاتي وثار ثورة عارمة وفقد أعصابه، وأخذ يصرخ في وجهي بعصبية “أنا لا أريد أن أسمع منك مرة ثانية هذه الاقتراحات الخاصة بسحب القوات من الشرق، إذا أثرت هذا الموضوع مرة أخرى فإني سوف أحاكمك”. ويسترسل الشاذلي قائلاً: “حاولت أن أشرح له بأن المناورة بالقوات شيء والانسحاب شيء آخر، ولكنه كان في ثورة عارمة لا يريد أن يسمع، ولا يريدني أن أسترسل في الكلام”. (مذكرات حرب أكتوبر، سعد الدين الشاذلي، ص: 406 – 408).
ويقول المشير الجمسي في مذكراته: “لقد عاصرت الفريق الشاذلي خلال الحرب، وقام بزيارة الجبهة أكثر من مرة، وكان بين القوات في سيناء في بعض هذه الزيارات. وأقرر أنه عندما عاد من الجبهة يوم 20 أكتوبر لم يكن منهاراً، كما وصفه الرئيس السادات في مذكراته (البحث عن الذات – ص: 348) بعد الحرب. لا أقول ذلك دفاعاً عن الفريق الشاذلي لهدف أو مصلحة، ولا مضاداً للرئيس السادات لهدف أو مصلحة، ولكنها الحقيقة أقولها للتاريخ”. (مذكرات الجمسي، ص: 421).
المصادر:
- البحث عن السادات – أنور السادات
- مذكرات حرب أكتوبر – سعد الدين الشاذلي
- مذكرات الجمسي – المشير الجمسي