انتظرها – محمود درويش
بكأس الشراب المرصّع باللازورد انتظرها
على بركةٍ من ضوء القمر، حيثُ ليلُها مقمرٌ
بصبر الحصان المعدّ لمنحدرات الجبال انتظرها
بذوق الأمير الرفيع البديع انتظرها
بسبع وسائد محشوة بالسحاب انتظرها
بنار البخور النسائي ملء المكان انتظرها
برائحة الصندل الذكرية حول الخيول انتظرها
وتحسّسَ الجاصتين كبيرتين تموجان حريرها فتنهدتْ وتردّدتْ:
“هل يستحقّ أنوثتي أحدٌ سواي؟!”
فجأةً، هبّتْ عاصفةٌ من رملٍ وريحٍ وماء واختلطتْ نجومُ السماء بنجومِ الأرضِ في عتمةٍ دامسةٍ
وغرقتْ بركةُ القمرِ، فانطفأَتْ الشموعُ وتناثرتْ الوسائدُ، وتناثرَ البخورُ
فلم يعدْ ينتظرُها سوى صهيلُ الخيولِ الهزيلةِ وصدى صوتِها في العاصفةِ:
“هل يستحقّ أنوثتي أحدٌ سواي؟!”
وانتظرَها طويلاً،
حتى شابتْ لحيتهُ وعمتْهُ الشيخوخةُ، ونسيَ لونَ عينيها
ولكنّهُ ظلّ ينتظرُها،
على بركةٍ من ضوءِ القمرِ حيثُ ليلُهُ مقمرٌ،
وبصبرِ الحصانِ، وبذوقِ الأميرِ
فربما اصطدمتْ بتاكسي في الطريقِ إليهِ
فانطفأتْ كواكبُ في مجرّتها