مقالات عامةمميز

المهدي المنتظر عند المسلمين

فكرة المهدي المنتظر تعد من المواضيع المهمة والمثيرة للاهتمام في العقيدة الإسلامية. تشير إلى شخصية مستقبلية يُعتقد بأنها ستظهر في آخر الزمان لتحقيق العدل وإقامة الحق بعد أن تملأ الأرض جورا وظلما. تتواجد هذه الفكرة في كل من المذهبين السني والشيعي، ولكن مع تباينات في التفاصيل.

المهدي المنتظر في المذهب السني:

في المذهب السني، المهدي هو شخصية من نسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، من ذريته، وتحديداً من نسل فاطمة الزهراء رضي الله عنها. يأتي المهدي لإعادة العدل والنظام بعد فترة من الفساد والظلم. وتستند فكرة المهدي في السنة النبوية إلى عدة أحاديث، منها:

  1. حديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: “المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، ويملك سبع سنين” (رواه أبو داود).
  2. حديث آخر يقول: “لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا مني أو من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي” (رواه الترمذي).

المهدي المنتظر في المذهب الشيعي:

أما في المذهب الشيعي، فإن الاعتقاد بالمهدي يتخذ طابعاً أكثر تحديداً وشمولية. يعتقد الشيعة الاثنا عشرية أن المهدي هو الإمام الثاني عشر، محمد بن الحسن العسكري، الذي دخل في حالة غيبة كبرى منذ سنة 941 ميلادية (329 هجرية) وسيعود في آخر الزمان كالمهدي المنتظر ليقيم العدل ويعيد الحق.

تتضمن العقيدة الشيعية عدة عناصر حول المهدي المنتظر:

  1. الغيبة الصغرى: استمرت لمدة 69 سنة حيث كان الإمام يتواصل مع أتباعه عبر نواب أربعة.
  2. الغيبة الكبرى: بدأت بعد وفاة النواب الأربعة عام 941 ميلادية، حيث يعتقد الشيعة أن الإمام المهدي في غيبة تامة وسيظهر في الوقت المحدد من قبل الله.
  3. الظهور والعدل: عند عودته، يعتقد الشيعة أن الإمام المهدي سيواجه الفساد والظلم، ويعيد إقامة الشريعة الإسلامية الحقة ويحقق العدل في الأرض.

الفروق والتشابهات:

على الرغم من أن هناك اتفاقاً على وجود شخصية المخلص المنتظر، إلا أن التفاصيل والتصورات تختلف بين السنة والشيعة. السنة يرون المهدي كشخص سيولد في المستقبل من نسل النبي، بينما الشيعة يرون أن المهدي موجود حالياً ولكنه في غيبة وسيعود في المستقبل.

الدلالة الدينية والاجتماعية:

تمثل فكرة المهدي المنتظر أهمية كبيرة لدى المسلمين، حيث تحمل الأمل بالعدل والتغيير الإيجابي في المستقبل. إنها تعكس التطلع إلى زمن تكون فيه القيم الإسلامية السامية هي السائدة، وتعمل كحافز للحفاظ على الإيمان والأخلاق في مواجهة الظلم والفساد.

تُظهر الأحاديث النبوية والروايات الدينية المتعلقة بالمهدي المنتظر رغبة عميقة في العدالة والمساواة، وتعمل كعنصر توحيدي بين المسلمين بمختلف مذاهبهم رغم الاختلافات التفصيلية في العقيدة.

خاتمة:

تبقى فكرة المهدي المنتظر موضوعاً غنياً ومثيراً للاهتمام في العقيدة الإسلامية، تجمع بين الأمل الروحي والتطلعات الاجتماعية. وهي تُظهر تباينات مذهبية ولكن أيضاً وحدة في الرؤية الإسلامية العامة نحو المستقبل العادل والمنصف.

Public library

موقع المكتبة العامة يهتم بنشر مقالات وكتب في كافة فروع المعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى