علوم وتكنولوجيامميز

تجربة تورشلي

تجربة تورشلي هي إحدى التجارب الكلاسيكية في الفيزياء التي أسس من خلالها العالم الإيطالي إيفانجليستا تورشلي (Evangelista Torricelli) مفهوم الضغط الجوي. هذه التجربة جرت في عام 1643 وتعتبر حجر الزاوية في فهمنا للضغط الجوي والفراغ.

خلفية تاريخية

في القرن السابع عشر، كان العلماء يبحثون عن تفسير لظاهرة ارتفاع السوائل في الأنابيب عند ضخها باستخدام المضخات. وكان الاعتقاد السائد آنذاك هو أن السوائل ترتفع لأن الطبيعة “تكره الفراغ” (Horror Vacui) كما كان يُطلق عليه.

تصميم التجربة

قرر تورشلي اختبار هذا الاعتقاد بإجراء تجربة بسيطة:

  1. الأدوات المستخدمة:
    • أنبوب زجاجي طويل مغلق من أحد طرفيه.
    • زئبق (Hg)، وهو أحد السوائل الأكثر كثافة.
    • وعاء مفتوح يحتوي على الزئبق.
  2. الخطوات:
    • ملأ تورشلي الأنبوب الزجاجي بالزئبق حتى الحافة.
    • أغلق طرف الأنبوب المفتوح بإحكام لمنع دخول الهواء.
    • ثم قلب الأنبوب بحذر وأدخله في الوعاء الذي يحتوي على الزئبق، مع الحفاظ على الطرف المفتوح تحت سطح الزئبق في الوعاء.
  3. الملاحظة:
    • لاحظ تورشلي أن مستوى الزئبق في الأنبوب بدأ في الانخفاض بعد فتح الطرف المفتوح في الوعاء، ولكنه لم ينخفض تمامًا. بل توقف الزئبق عند ارتفاع معين داخل الأنبوب، بينما كانت المسافة المتبقية في الأنبوب مملوءة بالفراغ.

تفسير التجربة

استنتج تورشلي أن السبب وراء توقف الزئبق عن الانخفاض تمامًا هو وجود ضغط جوي يمارس تأثيره على سطح الزئبق في الوعاء المفتوح. هذا الضغط هو الذي يدفع الزئبق إلى الارتفاع في الأنبوب ويعادل وزن عمود الزئبق المتبقي. وبما أن الفراغ لا يحتوي على أي جزيئات، فإنه لا يمكن أن يمارس أي ضغط، مما يؤدي إلى بقاء الزئبق في الأنبوب عند مستوى معين.

النتائج والاكتشافات

  • الضغط الجوي: تُعتبر تجربة تورشلي أول قياس عملي للضغط الجوي. فارتفاع الزئبق في الأنبوب يعكس قيمة الضغط الجوي المحيط.
  • الفراغ: أثبتت التجربة أيضًا إمكانية إنشاء فراغ جزئي، وهي إحدى أوائل المرات التي تم فيها إنشاء الفراغ بشكل عملي ومُلاحظ.

المعادلة:

تُعبر عن العلاقة بين ارتفاع عمود الزئبق والضغط الجوي باستخدام المعادلة التالية:

أهمية التجربة

تمثل تجربة تورشلي بداية علم قياس الضغط الجوي وفتحت الباب أمام تطوير أجهزة قياس الضغط مثل البارومتر الزئبقي. كما أنها أظهرت أن الفراغ يمكن أن يوجد بشكل طبيعي، وهو ما كان موضوعًا للجدل الفلسفي والعلمي لعدة قرون.

التطبيقات العملية

اليوم، تُستخدم فكرة تورشلي بشكل أساسي في البارومترات الزئبقية لقياس الضغط الجوي، والذي يُعد أداة أساسية في التنبؤ بالطقس والبحث العلمي.

تجربة تورشلي لم تكن مجرد تجربة بسيطة بل كانت تحولًا في فهم الإنسان للطبيعة والفراغ والضغط الجوي.

Public library

موقع المكتبة العامة يهتم بنشر مقالات وكتب في كافة فروع المعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى