الهارا كيري (Harakiri) هو مصطلح ياباني يشير إلى نوع من الانتحار الطقسي الذي كان يمارسه الساموراي في اليابان خلال فترة الإقطاع. يُعرف هذا الطقس أيضًا باسم “سيبوكو” (Seppuku)، والذي يعني حرفيًا “شق البطن”.
الخلفية الثقافية والتاريخية:
الهارا كيري كان يُعتبر جزءًا من ثقافة الساموراي، وهي طبقة المحاربين في اليابان القديمة. كان يُنظر إلى الساموراي على أنهم يحتفظون بالشرف والكرامة فوق كل شيء، وكانت لديهم قوانين صارمة تتعلق بالسلوك والشرف، تُعرف باسم “البوشيدو” (Bushido). عندما كان الساموراي يُواجه هزيمة مذلة أو فشلًا في أداء واجباته، أو عندما كان يريد استعادة شرفه الذي تعرض للإهانة، كان يُنصح بالقيام بالهارا كيري كوسيلة للحفاظ على كرامته الشخصية.
كيفية تنفيذ الهارا كيري:
الهارا كيري كان يتم في مراسم محددة، وغالبًا ما كان يتضمن حضور عدد من الشهود. المحارب الساموراي كان يجلس عادةً على الأرض في وضعية معينة تُظهر احترامه للموقف. ثم يقوم بشق بطنه بسكين قصيرة تُسمى “واكيزاشي” (Wakizashi) أو خنجر يسمى “تانتو” (Tantō)، يبدأ بشق البطن من اليسار إلى اليمين.
عادةً ما كان هناك مساعد يسمى “كايشاكونين” (Kaishakunin)، وهو أيضًا ساموراي، يقف خلف الشخص الذي يقوم بالهارا كيري. وكانت مهمة هذا المساعد هي قطع رأس الساموراي بسرعة بعد أن ينفذ الشق في بطنه، وذلك لتخفيف الألم وإنهاء حياته بسرعة، مما يُظهر الرحمة والاحترام.
الدلالات الرمزية:
الهارا كيري كان يُعد تعبيرًا عن الشجاعة والتضحية بالنفس من أجل الحفاظ على الشرف. في الثقافة اليابانية، كان الشرف يُعتبر أحد أهم الفضائل، لذا كان يُنظر إلى الهارا كيري على أنه طريقة نبيلة للموت عندما لا يكون هناك خيار آخر للحفاظ على الكرامة.
التغيرات عبر الزمن:
مع مرور الزمن ومع انتهاء فترة الساموراي، تضاءلت ممارسة الهارا كيري بشكل كبير، لكنها استمرت بشكل نادر جدًا كنوع من الاحتجاج أو الاستشهاد. بعد إصلاحات عصر ميجي في أواخر القرن التاسع عشر وتبني اليابان لنظام قانوني حديث، أصبح الانتحار الطقسي غير قانوني، ورغم ذلك، ظل الهارا كيري رمزًا ثقافيًا قويًا يعبر عن الشرف والالتزام بالمبادئ.
