علوم وتكنولوجيامقالاتمميز

اكتشاف نيوتن للجاذبية وأثره على مسيرة العلم

يُعدّ اكتشاف نيوتن للجاذبية من أعظم اللحظات في تاريخ العلوم، إذ أسهم في تأسيس فهم جديد للعالم الطبيعي، وغيّر نظرتنا للكون بشكل جذري. في هذا المقال، سنتناول قصة اكتشاف نيوتن للجاذبية وتأثير هذا الاكتشاف على مسيرة العلم.

قصة اكتشاف الجاذبية:

يُروى أن إسحاق نيوتن (1642-1727)، العالم الإنجليزي الشهير، اكتشف مفهوم الجاذبية عندما كان جالسًا تحت شجرة تفاح في عام 1666. يُقال إن تفاحة سقطت على رأسه، مما أثار تساؤله حول السبب الذي جعل التفاحة تسقط نحو الأرض بدلاً من أن تطير بعيدًا أو تبقى معلقة في الهواء. هذا الحدث البسيط، إذا صحّت الرواية، أشعل شرارة التفكير العميق في عقل نيوتن حول القوى التي تحكم حركة الأجسام.

على الرغم من أن هذه القصة شائعة، فإنها قد تكون مجرد أسطورة أو مبالغة في سرد حقيقة ما حدث. الواقع أن نيوتن كان يعمل على مسائل علمية معقدة بالفعل، وكان على دراية بأعمال العلماء السابقين مثل كبلر وغاليليو. لكن هذه اللحظة كانت بمثابة حافز لنيوتن للغوص أعمق في مفهوم القوة التي تحافظ على الكواكب في مداراتها حول الشمس.

قانون الجاذبية العام:

نتيجة لتأملاته وأبحاثه، توصل نيوتن إلى وضع قانون الجاذبية العام. هذا القانون ينص على أن “كل جسيم في الكون يجذب كل جسيم آخر بقوة تتناسب طرديًا مع حاصل ضرب كتلتيهما وعكسيًا مع مربع المسافة بين مركزيهما”. بمعنى آخر، الجاذبية هي القوة التي تجعل الأجسام تسقط على الأرض، وهي أيضًا القوة التي تحافظ على الكواكب في مداراتها حول الشمس.

عبّر نيوتن عن هذا القانون بشكل رياضي في كتابه الشهير “المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية” (Philosophiæ Naturalis Principia Mathematica) الذي نُشر عام 1687. هذا العمل لم يكن مجرد كتاب في الفيزياء، بل كان بمثابة حجر الزاوية للعلوم الطبيعية، إذ وحّد بين حركة الأجسام على الأرض وحركة الأجرام السماوية تحت قانون واحد.

أثر اكتشاف نيوتن للجاذبية على العلم:

  • تطوير الفيزياء الكلاسيكية: قبل نيوتن، كانت هناك محاولات لفهم حركة الأجسام، لكنها كانت تعتمد على افتراضات غير دقيقة أو كانت مقتصرة على حالات معينة. بفضل قانون الجاذبية، وُضعت أسس الفيزياء الكلاسيكية، حيث أصبح من الممكن تفسير حركة الأجسام في أي مكان في الكون.
  • تقدم علم الفلك: بفضل قانون الجاذبية، استطاع العلماء تفسير حركة الكواكب بشكل دقيق. إذ أكد نيوتن صحة قوانين كبلر الثلاثة لحركة الكواكب ووفر تفسيرًا علميًا لكيفية تأثير الجاذبية على مدارات الكواكب، مما ساعد على تطوير علم الفلك بشكل كبير.
  • توحيد الفيزياء والفلسفة: قبل نيوتن، كانت الفيزياء والفلسفة منفصلتين بشكل كبير. لكن نيوتن وحّد بينهما من خلال منهجه العلمي الصارم، حيث ربط بين الظواهر الفيزيائية والمبادئ الفلسفية، مما مهد الطريق لتطور العلوم الطبيعية ككل.
  • إلهام العلماء اللاحقين: ألهمت أعمال نيوتن العديد من العلماء اللاحقين مثل ألبرت أينشتاين، الذي بنى على أفكار نيوتن لتطوير نظرية النسبية العامة. ورغم أن نظرية أينشتاين قدمت تعديلًا على فهمنا للجاذبية، فإن قانون نيوتن ظل يستخدم لعدة قرون كأساس لفهمنا للكون.

خاتمة:

كان اكتشاف نيوتن للجاذبية بمثابة ثورة علمية حقيقية، إذ لم يؤثر فقط على مسيرة العلم في زمنه، بل استمر تأثيره حتى يومنا هذا. من خلال وضع قانون الجاذبية العام، نقل نيوتن العلم إلى مستوى جديد من الفهم والقدرة على التنبؤ بالظواهر الطبيعية، مما أرسى الأسس للعديد من الاكتشافات والتطورات اللاحقة في العلوم.

Public library

موقع المكتبة العامة يهتم بنشر مقالات وكتب في كافة فروع المعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى