مفاهيم وشخصيات
النسوية: الحركة التي لا تكره الرجال
”هل أنت انثى؟ هل تكرهين الرجال؟ هل أنت ساخطة دائماً على المجتمع والأعراف وربما الأديان؟ إذن لابد أنك تريدين الانضمام للنسوية“ في الغالب هذه هي الفكرة الأكثر شيوعاً عن الحركة النسوية، بوصفها نساءً يأخذن جميع حقوقهن ولكنهن لا يزلن ساخطات على كل شيء، لا لسبب يذكر، وإنما تعصباً للعنصر الأنثوي حصراً.
ولكن هل هذا صحيح؟ أم أننا نسير مع التيار فقط لاننا أضعف من ان نواجهه؟ إذا كنت من معتنقي الافكار اعلاه، فحتماً عليك قراءة هذا المقال —واللذي تم بمجمله بعد حوار مع النسوية دارين حسن— احدى المدونات في الصفحة الرسمية للحركة النسوية العربية على فيس بوك والموقع الالكتروني لها.
ما هي الحركة النسوية؟
يمكن اطلاق وصف الحركة النسوية على تلك الحركة السياسية، الثقافية والاقتصادية والتي تهدف الى وضع الأسس للمساواة في كافة الحقوق بين الجنسين، وسن كافة القوانين لتحقيق الحماية القانونية للمرأة.
بدايتها
نشأت النسوية رداً على الهيمنة الذكورية واضطهاد المرأة، وحتماً هذا أمر لا نستطيع تحديد بدايته، ولكنها بدأت تتخذ صدى عالمياً كحركة منظمة منذ بداية السبعينات تقريباً، وأعيد احياؤها في العالم العربي عام 2014.
موجات النسوية وتدرجها
لم تكن الحركة النسوية دوماً كما هي عليه الآن، وتاريخياً تدرجت لثلاث موجات هي كالآتي:
الموجة الاولى؛ وظهرت في القرن التاسع عشر في كل من المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الامريكية بشكل أساسي، واستمرت حتى مطلع القرن العشرين، اتسمت في بعض فتراتها بانها كانت راديكالية وذلك طبيعي في ظل التعسف الذي كانت تواجهه الانثى آنذاك، وكانت تركز في تلك المرحلة على تحقيق حق المراة في الانتخاب، والقضاء على سيطرة أو ”امتلاك“ الزوج لزوجته وأطفاله، ومما حققته الحركة اثناء هذه الموجة في بريطانيا هو حصول النساء المالكات للمنازل وممن تزيد اعمارهن عن ثلاثين سنة على حق التصويت عام 1918، وتوسع هذا الحق عام 1928 ليشمل جميع النساء ممن تجاوزت اعمارهن الواحد والعشرين اينما تقرر اجراء استفتاء. اما في الولايات المتحدة الامريكية فقد حصلت المرأة على حق التصويت عام 1919.
وبما ان هذه الموجة كانت سياسية بالدرجة الاولى، ومع تطور الاهداف النسوية لجوانب اكثر من السياسة انتهت هذه الموجة وتوسعت التطلعات النسوية، واصبحت طرقها وافكارها اكثر تحضراً وتعقلاً في القرن العشرين، ومعها بدأت الموجة الثانية في تاريخ الحركة، والتي استمرت منذ بداية الستينيات وحتى نهاية الثمانينيات من القرن ذاته، واتخذت هذه الموجة شكلاً أكثر تحضراً وأقل راديكالية من سابقتها، ولكن أكثر عنصرية بوصفها موجهة للنساء البيض حصراً، كما أنها ركزت على جوانب حياتية مختلفة بالاضافة للجانب السياسي، أهمها الغاء التمييز بين الجنسين بشكل كامل في مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على حد سواء.
أما ومع بداية التسعينات، فظهرت الموجة الثالثة للحركة النسوية، والتي عارضت الموجة الثانية في بعض مساراتها وخصوصاً العرقية منها، بوصف النسويات من الموجة الثانية عنصريات للعرق الابيض فاخذت الموجة الثالثة بعين الاعتبار التمييز العنصري، فظهرت النسويات ذوات البشرة السوداء للمطالبة بنسوية عادلة ومناديات بحقوقهن، وهو الذي عبرت عنه هذه الموجة جيداً، فأضافت إلى مطالب الموجات الاولى والثانية مطالب أكثر عصرية وتوسعاً وفي الاتجاهات جميعها، مثل حق الاجهاض والمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات، وحق المرأة في الاستقلال التام والحرية التي من ضمنها الحرية السياسية وحقها في تقلد المناصب العليا في الدولة، ومن هنا يجدر الاشارة إلى أن هذه الموجة لا تزال مستمرة في عصرنا الحالي، رغم أن البعض يعتقد بوجود موجة رابعة اكثر تقدماً وطموحاً في الدول المتقدمة.
أهم ما تنادي به النسوية العربية
إن أبرز القضايا التي تحارب النسوية العربية في سبيلها —وان كان يصعب حصرها— هي خلق وعي وتيارات معاكسة لما تنادي به الذكورية منذ الأزل، رفع الوصاية الجنسية عن المرأة بما يضمن عدم السماح بتزويجها وعدم السماح باجبارها على الزواج. ووقف الختان واصدار عقوبات ضد المتحرشين. وخلق تشاريع تحمي المرأة، ومساواتها في التعليم والأجور وحق التصرف بمصيرها كاملا وجسدها كاملا. وحرية التنقل والتجوال والملبس.
كما تقوم النسوية بالتحرك الجاد على الأرض لتوعية المرأة ودمجها مع سوق العمل وإعطائها حقوقاً وأجوراً مساوية لتلك المعطاة للذكور. ومساواتها بالذكر في القطاعات كافة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية.
الانحلال الاخلاقي وربطه بالانثى دوماً
من ابرز الكلمات التي نسمعها من مناهضي النسوية، هي أن النسوية تدعو النساء للانحلال والتجرد من الأخلاقيات، فهي اذن في غمرة ادعائها بمساندتهن، تقوم بالحقيقة بتفكيك الاسرة و”تعهير“ النساء، فما وجهة نظر النسوية امام هذه الادعائات؟:
”العهر والانحلال الاخلاقي هو تزويج قاصر لرجل بعمر ابيها، والاغتصاب وتزويج الضحية لمغتصبها، وإعادة المرأة المعنفة لزوجها الذي ضربها، والكلام في خصوصيات الناس و—النساء خصوصا— لأتفه الأسباب وتعهيرهن لأقل الأسباب، والسماح للرجل بارتكاب كل انواع الزنا والسماح له بالهروب من عملية حمل سببها لاحدى النساء والقاء اللوم عليها في النهاية، هذا المجتمع الذي يدعي الأخلاق والمحافظة حلل كل أنواع العهر للرجل فكيف يحاول أن يدعي أن هناك خطراً على النساء من النسوية!؟“
وجهة نظر النسوية من الأديان
نخلُص من حديثنا ومعرفتنا بالنسوية من مصادرها الى أن النسوية بشكل عام تقف أمام عنصرية الأديان وذكوريتها تجاه بعضها البعض عموما وتجاه المراة بشكل خاص، ففي الوقت الذي تدعي فيه انها تكرّم المرأة هي —من وجهة نظر نسوية— تزيد التسلط الذكوري، خصوصاً اذا ما اقترنت الاديان بالسلطة واصبحت ادياناً سياسية، فتنحرف وقتها عن رسالاتها الاصلية وتصبح موجهة لتحقيق اهداف سياسية هي في الاصل ذكورية.
ومن الاحكام التي تجد فيها النسوية اجحافاً بحق المراة وتقليلاً من شانها في الاديان هي اعتبار الدورة الشهرية امراً نجساً وتنجيس المرأة في هذه الفترة، واعطائها نصيباً اقل من الذكر في الميراث، وجعلها تابعة للرجل ومنصاعةً لأوامره في كل الظروف والأحوال، واعطائة السلطة المطلقة والكاملة عليها ومن ضمنها حق ضربها وتاديبها وتسليعها في احيان كثيرة، ولكن النسوية لا تشجع النساء على ترك أديانهن في أي وقت وانما تشجعهن على السير في قرارهن بكل شجاعة، وتساعدهن للوقوف في وجه العنصرية والذكورية باسم الدين، وتؤكد على حق المرأة في الاختيار المطلق، ومن ضمنه اختيار الدين والمسار على ان لا تُهان ولا تُحتقر ولا يتم التقليل من شأنها او تسليعها جنسياً.
”نحن لسنا عنصريات ولا نرضى بأن يتم تهميش اي امرأة بوذية أو لادينية أو يهودية… اي امرأة نحن نتشارك معها بنضالنا ضد الذكورية والظلم، نحن نرى نقاط الالتقاء وليس الاختلاف“.
”نؤمن بالحقوق في عبادة أي شيء تريدينه او عبادة إله واحد أو عدة آلهة، هذه حرية شخصية“.
هل حقاً لا زلنا في عام 2016 نحتاج النسوية؟
إن موجات النسوية توضح أن احتياجنا للنسوية في عصرنا الحالي يختلف عن الحاجة للنسوية في العصور السابقة، ولكن لا زلنا نحتاجها في مواجهة التحديات الحديثة التي تطرأ كل يوم في مواجهة الانثى نحو طريقها للاستقلال والتميز والاختيار الحر.
وتقف النسوية اليوم في مواجهة قضايا لم نستطع التخلص منها بعد، اهمها ختان الانثى والتقليل من شانها، ومنعها من تحقيق طموحاتها واهدافها، وضربها، وتعنيفها جسدياً ونفسياً، وتزويج القاصرات، وحرمان الانثى من اختيار الزوج، وتسليعها جنسياً عبر الاعلانات والمسلسلات ووسائل التواصل جميعها، واجبارها في بعض الدول على ارتداء الحجاب أو النقاب وفي البعض الاخر منعها من ارتدائهن، والتحرش والاغتصاب الجسدي واللفظي ايضاً الذي تخطى ساحات الشوارع واصبح يحتل مكاناً في العالم الافتراضي على حدٍ سواء، ذلك بالاضافة لكل التشريعات والقوانين الظالمة للمرأة وخصوصاً في عالمنا العربي..والكثير الكثير ايضاً.
علماً بانه وفي عصرنا، تخطت اهداف النسوية من مجرد كونها حركة تختص بالنساء فقط، الى انها اصبحت حركة تناصر المستضعفين والمهمشين اينما كانوا ومن أي جنس كانوا، فمثلا النسوية اليوم تناصر السود والبيض، والمثليين، وذوي الاحتياجات الخاصة وحتى البيئة والقضايا الأخرى العالمية الانسانية بشكل عام.
النسوية حركة كارهة للرجال وتقتصر على النساء
من الجميل ان النسوية تضم عناصر ذكورية ايضاً، فهنالك العديد من الرجال النسويين الذين يتعرضون بدورهم للتهميش والسخرية اذا وقفوا مع حقوق النساء، خصوصاً في مجتمعاتنا العربية التي تطلق عليهم اوصافاً مثل انهم ليسوا برجال وما يشابهه، ذلك ان الرجل النسوي هو ايضاً جزء من المنظومة المجتمعية والقمعية، لذلك فهو ايضاً شاهد على ما تعانيه الانثى.
ولكن نعم، اغلب المنضمين للنسوية هنّ نساء بطبيعة الحال لان الانثى هي اولاً واخيراً الخاسر الاكبر.
اما بالنسبة لـ”النسوية حركة تكره الرجال“ فهذا مخالف تماماً للحقيقة، النسوية تكره العنصريين والذكوريين من كلا الجنسين، تكره اعداء المساواة والحقوق النسوية من أي جنس كانوا، وتقف في وجههم جميعاً.
نسويات بارزات
-
Emmeline Pankhurst
-
نوال السعداوي
-
Louisa May Alcott
-
Bell Hooks
-
Mary Wollstonecraft
-
Katharine Hepburn
كتب نسوية
-
Bad Feminist by Roxane Gay
-
Into the Go-Slow by Bridgett M. Davis
-
The Abramson Effect by Debora Spar
-
Pro: Reclaiming Abortion Rightsby Katha Pollitt
-
We Should All Be Feminists by Chimamanda Ngozi Adichie
-
The Feminine Mystique
-
The Second Sex
-
المرأة والجنس – نوال السعداوي
-
معركة جديدة قي قضية المرأة – نوال السعداوي
-
الانثى هي الاصل
-
Woman at point zero