الحجاب .. وجهة نظر غير شرعية – بقلم: سامح عبد الله
في الخمسينيات والستينيات لم يكن قد عُرِفَ الحجاب بهذا الشكل الذي عليه الآن.كانت كل الأسر من الطبقة الوسطى لديها فتيات فى سن الشباب غير محجبات والغريب أن كثيرا من هذه الأسر كان رب الأسرة فيها شيخ أزهري وأعرف حالات شخصية كثيرة من هذه.
كان دولاب أي فتاة يحتوي علي ملابس صناعة مصرية أنيقة محتشمة لكن لم يكن للحجاب وجود ورغم وجود الأزهر كقوى دينية مؤثرة للغاية لكن لم نسمع شيخ واحد يقول أن الحجاب فريضة أو أن يتهكم علي غير المحجبات وينعتهم بالخروج علي الدين كما يحدث اليوم. وكان من الصعب جدا أن تتعرف علي هوية الفتاة الدينية في هذه الفترة فالملبس والإسم كانا متشابهين إلا ما ندر في صورة تعكس ترابطا اجتماعيا فريدا.
في بداية السبعينيات ظل الأمر علي ما عليه لكن عند منتصف هذه الحقبة الزمنية اختلف الأمر وتصاعد دور الجماعات الإسلامية داخل الجامعات المصرية وظهرت الدعوات إلى الحجاب وزي موحد للفتيات داخل الجامعة وكان لافتا أن يظهر الحجاب فعلا بناء علي تلك الضغوط ليس فقط في الجامعات بل بين أروقة المعاهد التعليمية المختلفة .
في الثمانينيات وما بعدها ظهر شعار دينى مغلف بسياسي أو العكس وهو شعار “الإسلام هو الحل” وامتلأت حوائط الشوارع بملصقات تقول “الحجاب قبل الحساب” مع بوستر لفناة محجبة حجابا شرعيا.
وانتشر الحجاب في هذه الفترة بصورة سريعة وأصبح من اليسير أن نفرق بين الفتاة المسلمة والفناة المسيحية بكل سهولة علي أساس الحجاب.
بعد ذلك أخذ الحجاب منحي آخر اقتصادي فقد انتشرت ملابس المحجبات وبيوت أزياء المحجبات وموضة الحجاب ثم تقديم بعض البرنامج عن طريق مذيعات محجبات وكانت بالطبع برعاية أحد بيوت ملابس المحجبات كدعاية مقابل أجر تتقاضاه مقدمة البرنامج والقناة وكان مستفزا أن يتخلل فقرات البرنامج إعلان لبيت الأزياء الذي ترتدي المذيعة حجابها منه..!! وطبعا انتشرت مجلات المحجبات والبرامج التى تعرف الفتاة طرق حجاب مبتكرة و”شيك” ثم ظهرت الأعمال الفنية التى لم يغب الحجاب عنها علي الأقل كظاهرة اجتماعية كان من الصعب تجاهلها.
ثم بدأت مرحلة التشويه والقبح والمستمرة حتى اليوم.
التحايل علي الحجاب يعنى اختراع ملابس تشوه هذه الفكرة .أشكال غريبة من غطاء الرأس ..تداخل ألوان غريبة تجعله مثيرا للضحك في حالات كثيرة ولم يتغير شيء سوي في غطاء الرأس..فقط عطاء الرأس وطريقة الملبس كما هي لم تتغير “البدي الضيق ” جعلوه يقوم بدور الجسد المغطي و لا مانع أبدا من أن تظهر خصلة من الشعر من تحت غطاء الرأس سواء كان شعر بلون طبيعي أو مصبوغ وكل هذا من باب التيسير. ثم ظهر الموبايل المعلق خلف الحجاب اكتشافا آخر لفوائده العظيمة.
قالت لي فتاة كنت أدرس لها بالجامعة أن هناك من تقدم لخطبتها وكان أول كلامه لها أريدك ان تتحجبى.فقلت لها وبماذا اجبتيه قالت رفضته لأنه نظر لي كجسد وليس كانسانه.
قلت لها تصرفك صح لأن هذا الخطيب لم يكن ليقول لك هذا لو أنك وضعت غطاء رأس علي نفس ملابسك المحتشمة التى رآك عليها وتلك هي الكارثة.غطاء رأس يرسم مستقبل.
لم يتحاور مع الفتاة أبدا وكل ما رغب فيه هو غطاء رأس.
من منَّا يستطيع أن يتجاهل أن ظروفا اقتصادية واجتماعية وسياسية كان لها العامل الأكبر في انتشار غطاء الرأس هذا الذي يسمونه حجاب أكثر من الأسباب الدينية الصحيحة .
من منا يتجاهل أن الأزهر الشريف طوال تاريخه لم يقل حتى اليوم بفرضية الحجاب وهناك فقهاء أجلاء كانت بناتهم غير محجبات وهن في سن الشباب.
أنا لست ضد الحجاب أو غيره ولست مع السفور وغيره .. ولست مع السخرية من فريق ضد آخر .انا كلماتى في اتجاه آخر محدد..أنا مع حرية الاختيار بلا حدود غير حد القانون. كل ما في الأمر أن حجم التشويه والكذب والتحايل لم يعد محتملا و ريما أصبح هذا المسخ من الأخلاق بكل آسف.
لم أتناول الحجاب من وجهة شرعية هذا له حديث آخر نتصدي له بكل موضوعية وتواضع عند الاعتراف بالخطأ حينما لا يحالفنا الصواب لكنى تناولته من منظور اجتماعي والأمر واضح وجلي..
غطاء الرأس ليس هو عنوان الفضيلة. الفضيلة شيء آخر محلها القلب الذي ينعكس علي السلوك القويم سواء كانت صاحبته محجبة أم لا.
غطاء الرأس لم تختف معه جرائم التعدي علي المرأة واحصاء جرائم التحرش وهتك العرض والاغتصاب دليل علي صدق ذلك إذا عرفنا أن ضحايا هذه الجرائم في الغالب الأعم من المحجبات أو من واضعي غطاء الرأس كتعبير أدق.
مرة أخري أشدد علي أن حجم التشوية لم يعد محتملا والمجتمع المصري للأسف أصبح غير قادرا علي استعاد هويته التى كانت تشكل أعظم مكوناته عبر تاريخه هذا هو الشيء المحزن.
وهذه هي القضية…قضية أخلاق وهوية.
ــــــــــــــــــــــــــ
هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي فريق المكتبة العامة