مشاركات الأعضاءمقالات فكرية

ما الفرق بين الفطرة والغريزة ؟ – بقلم: رمضان عيسى

ما الفرق بين الفطرة والغريزة ؟ .. يخلط البعض مفهوم الفطرة ويجعلها معادلة لمفهوم الغريزة ، فالغريزة هي الدوافع المرتبطة بكينونة الكائن الحي وحاجات جسده المادية ، وهي الاستجابة لدوافع الجوع والجنس والمحافظة على البقاء ,والتناسل والأمومة.

أما الفطرة فيجري ربطها بكلمات فضفاضة لا يمكن حصر مدلولاتها في سلوك محدد ، أو معنى واضح ، فيجري خلطها بين المادي والمعنوي .
فالفطرة في اللغة العربية تعني : “الخِلْقة” أو “الصِّبْغة” التي خلق الله عليها الإنسان. يمكن للكلمة في السياق الصوفي ان تعني حدس أو بصيرة. “احساس رباني”.

وحسب الديانة الإسلامية، ان الإنسان يولد مزود بمعرفة فطرية عن التوحيد .

والسؤال هو : هل الفطرة تعني ” البصمة ” ، ” الطبعة ” الواحدة عند جميع بني الانسان ؟ فهذا مفهوم لا يجوز بيولوجيا ولا معنوياً ، فكرياً .. ونرى أن الأديان – الاسلام – أدخل مفهوم الفطرة ، ليكرس مفهوم الأسبقية التوحيدية والديمومة للاسلام في وعي الناس ، بالقول أن الاسلام هو ادراك فطري عند جميع الناس ..

ولكن هل هذا التصور صحيح ؟

إن الدوافع الغريزية هي واحدة عند كل البشر في كل القارات ، ولكن ما يمكن اعتباره ” احساس رباني مبتدئي بالتوحيد ، بالدين الحنيفي ، فهذا خطأ ، لأن الواقع يقول أن الأفكار والمعنويات كلها مكتسبة من المجتمع ، فمعنويات الياباني الاجتماعية وأفكاره ونظرته الدينية تختلف عن معنويات الانسان في المجتمعات العربية ، أو الأفريقية . وعادات ومجهولات انسان الصحراء ، تختلف عن عادات ومجهولات وطقوس الانسان الذي يعيش على شواطئ الأنهار . وهذه لا يُولد الانسان وهو يعرفها ، بل يتعلمها من خلال المعايشة الحياتية داخل المجتمع الذي يُولد فيه ، ولم يكن لديه قبل الولادة أي تصور عن الآلهة ولا أسمائها ولا صفاتها ، ولا أين تسكن ، ولا كيف يعبدها ولا كيف يتقي شرها ، ولا كيف يكسب رضاها ، ولا يعرف الألبسه التي تُعجبها – البرقع – ، ولا عدد الأغنام التي يذبحها لها ، ولا الأماكن والمباني التي تحبها ، ولا عدد الصلوات ، ولا عدد الركعات ، ولا كيفية أداء الطقوس لها ، ولا يعرف ما هي التراتيل التي تقبلها.

فالإنسان يُولد شريط كاسيت فارغ ، ويجري شحنه من المجتمع وعاداته وأفكاره

Public library

موقع المكتبة العامة يهتم بنشر مقالات وكتب في كافة فروع المعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى