تعرف على السبب الذي جعل الحيتان اليوم أكبر حجما من أي وقت سابق – علي عبد اللطيف
الآن ومع استمرار التطور، فإننا نعيش في عالم مليئ بالعمالقة، لكننا لا نعلم لماذا هي بهذا الحجم، أو لماذا قد يزداد حجمها على مر الزمن.
وبالاعتماد على الأحفوريات وعلم الوراثة، أصبح بإمكاننا تفسير العديد من أشكال التطور للحياة على الأرض.
وعلى سبيل المثال لدينا الحيتان الزرقاء وهي أكبر الحيوانات على الإطلاق التي تتحرك في جميع أنحاء الكوكب، مع القياس الأكبر لطول أكثر من مئة قدم ووزن بحوالي مئات الآلاف من الأرطال.
والحيتان الزرقاء هي جزء من مجموعة تسمى الحيتان البالينية (baleen whales) أوحيتان العظام، وتتميز الحيتان البالينية بوجود صفائح بالينية والتي تتدلى من سقف الفم عوضاً عن الأسنان، تستخدم لتصفية الطعام من الماء، حيث فقدت الحيتان البالينية أسنانها تدريجياً، واستبدلت بالكامل بصفائح بالينية قبل حوالي 20 مليون سنة.
ونحن نعرف الكثير عن الحيتان البالينية، والتي تشمل الحيتان الزرقاء، الحدباء، والحيتان الصحيحة من بين آخرين، ولكن لماذا، ومتى نمت لتصبح عملاقة؟
في بحث نشر في محاضرات الأكاديمية الملكية B، فحص الباحثون احافير أكثر من 140 حوت باليني، والذين يمثلون 13 نوعاً حديثاً و 63 نوعاً منقرضاً، لمعرفة متى ولماذا أصبحوا بحجم كبير جداً.
-يقول المؤلف المشارك، نيك بينسون، القيم على قسم الثدييات البحرية في متحف سميثسونيان الوطني للتاريخ الطبيعي: “نحن محظوظون بأن الحيتان البالينية لديها سجل أحفوري كثيف، ما يسمح لنا بمعالجة هذا السؤال”.
-من خلال النظر إلى الأحفوريات، كان بينسون وزملاؤه قادرين على إظهار أنه حتى وقت قريب، بقيت الحيتان البالينية صغيرة نسبيا، بمتوسط أطوال تتراوح بين 16 و32 قدما.
ولايزال هذا الأمر كبيراً بمعايير الحيوانات الأرضية، ويعتقد الباحثون أن كلا من الحيتان المسننة والحيتان البالينية مرّوا بطفرة نمو منذ ملايين السنين عندما انتقلت أسلافهم من البر إلى البحر.
ولكن منذ حوالي 4.5 مليون سنة هناك شيئ قد تغير، وبدأت الحيتان البالينية تنمو بشكل كبير. ويظهر السجل الأحفوري أن هذا التحول في الحجم حدث في عدة أنواع من الحيتان خلال الفترة الزمنية نفسها، مما يدل على أن هناك على الأرجح عامل خارجي تشارك في النمو المفاجئ.
-في نفس الفترة الزمنية، كانت الأرض تمر بمرحلة بداية لعصر جليدي، حيث أن ألواح الجليد والقمم الثلجية والأنهار الجليدية تجمدت في مكانها، مما أدى إلى تغيير تيارات المحيطات.
يعتقد بينسون وزملاؤه بأن هذا هو التحول الذي غير الحيتان البالينية.
كما أدى التغير في المناخ خلال تلك الفترة الزمنية إلى تغيير دوران المحيطات، مما أدى إلى نشوء مناطق ازدادت فيها المياه الباردة والغنية بالمغذيات، وتركزت العوالق الحيوانية (مخلوقات بحرية صغيرة يتغذى عليها العديد من الحيتان البالينية) في النقاط الساخنة البيولوجية.
-في حين أن كمية الفرائس قد بقيت على حالها، تحول التوزيع من انتشاره عبر المحيطات إلى تركزه في بقع قليلة ظهرت موسمياً.
فجأة، كان من المنطقي أن تمتلك جسداً أكبر، قادر على السفر آلاف الأميال للوصول إلى الغنائم البحرية التي وضعت في هذه المناطق الجديدة.
ويعتقد الباحثون أن الحيتان الأصغر كانت تفتقر إلى الموارد اللازمة للقيام بهذه الرحلات الطويلة والخطيرة، وتطورها لحجم أكبر سمح لها بالاستفادة من بقع الطعام الكثيفة المتاحة الآن.
-يقول بينسون اليوم بأن الحيتان البالينية الكبيرة تعيش على شفير الخطر.
بدأ تحمض المحيطات بتغيير (وفي بعض الحالات بإيذاء) العوالق الحيوانية، التي يعتمد عليها العديد من الحيتان البالينية للبقاء على قيد الحياة.
ويقول بينسون أيضاً: “قد يكون هناك فائز وخاسر”.
وربما يهلك بعض هؤلاء من عمالقة البحر حيث يتغير العالم مرة أخرى من حولهم، وقد يكون البعض الآخر قادرا على التكيف والازدهار.
يضيف بينسون قائلاً: “الذي يعلو كل ذلك هو تأثير صيد الحيتان”، مشيرا إلى أنه خلال الفترة التي كان فيها البشر يصطادون الحيتان بقوة، واستغلوها كمورد طبيعي، كانت الحيتان البالينية هدفاً أكثر من غيرها. وقال: “قد يكون لهذا عواقب بيئية عميقة لا نعرفها بعد. ماذا يحدث عندما نخسر الكثير من الكتلة الحيوية في المحيط؟ ما زلنا نعثر على ذلك. “