إن كان المسلمون يدينون بديانة الإسلام، فإن المتأسمين يتجاوزونهم بسعيهم لأسلمة كل ما يحيط بهم : ابتداءً من الهاتف النقال الذي يحتوي الأدعية والتلاواة إلى السيارة المعنونة خلفيا ب”هذا من فضل ربي” (رغم أن صانعها قد يكون عابدا لأينشتاين أو ديبوسي !) انتهاءً بأسلمة مؤسسات الدولة (كرغبة غير متحققة) على غرار البنوك الإسلامية. من ضمن ذلك ـ وما تشهده المنطقة العربية من زعزعة: خاصة سوريا ـ هناك إشارات إلى أسلمة السوريات.
إن الإشكال هنا سواء في المفتين أو المطبّلين لشرعية الزواج من اللاجئات السوريات لسترهن ـ وليس هناك من فضيحة أكبر من شطحات الدين والمتدينين ـ هو في عدم التفرقة بين الأسير واللاجئ ـ بالرغم من أننا في القرن الواحد والعشرين. لازال المتأسلمون وأشبابههم من “المتغربين مظهريا” – “ابن تيميين فكريا” يرون الأمور من منطلق روماوي قديم : روما القديمة حيث كان الأسير يُستخدم كعبد، والعبد يقدم خدمات جنسية إضافة لخدماته المنزلية. حينما يطلب السيد الروماني من العبد أن يلعق قضيبه، فإنه هذا الأخير يترك كل ما يوجد في يديه وينصاع لأمر السيد. على هذا المنوال وما يعانيه العرب متأسلمين أو غير متأسلمين من ضيق وكبت جنسي، زيادة على أن سوريا روضة الياسمين وأزهار اللوز والرياحين، فإن كل مضطرب عقلي يحلم بأن يتوصل بريحانة أو ريحانتين، “بس على الله الأوضاع تتأزم أكثر بسوريا، مشان تجي اللي تفيقني في الصبح : بتقبرلي قلبي (يجب نطق القاف كألف).
اللاجئ، هو الضيف، والضيف يعامل باحترام، ليس لأن الضيف سيعيد الجميل والمعروف إذا انقلب الوضع، بل إن الضيف يندمج مع المضيف، فيتأذى مما يتأذى منه مضيفه، ينرعج لما يزعجه، ويفرح لفرحه، بهذا فإن السوريين، سيدافعون عن أي دولة يتواجدون فيها ـ إذا تطلب الأمر ذلك ـ لأن من ضايفوهم صاروا أهلهم. لا أن يتم استغلال القهر والبؤس الذي يفرون منه، حتى يعيش الهبلاء أجواء الأفلام الإباحية ! اللاجئ يحتاج رعاية واستشارة نفسية حتى يتجاوز أزمته وصدمته النفسية، لا أن يُطلب الزواج والجنس من السوريات قبل حتى أن يضعن حقائبهن من على أكتافهن (ودون اعتبار لقبولهن أو رفضهن: هذا الرفض الذي يعلمن أنه سيجلب عليهن مشاكل، فاللاجئة العاهرة هي فقط من ترفض الستر !) ـ اللاجئات يحتجن الاهتمام المعنوي قبل المادي، و توفير الأمان حتى يتم التغلب على التهديد الذي فررن منه. وليكتفي المتأسلمون مشرعّي حظائر النساء بنكاح السوريات واللبنانيات في أحلامهن !
لقد سبق أن أثيرت هذه النقطة بخصوص الشيشانيات، والآن، الآن فقط فهمت لماذا كان أئمة المساجد حينما يقومون بالدعاء الجماعي، ويصلون لقول “اللهم دمر أعداء الشيشان في الشيشان وفي أي مكان” كانوا يكررونها لثلاث مرات متتالية حتى يصل البعض حد البكاء على هذا الموقف، وإذا استدعينا التحليل النفسي فإنه سيعلّق مباشرة : أن الوعي يقول “اللهم دمر أعداء الشيشان” واللاوعي يكمّل “حتى تفر نساء الشيشان خوفا نحونا” ! فأين سيدمر الله أعداء الشيشان ؟ وهم موجودون في الشيشان ! على هذا النحو يأتي دعاء “اللهم دمر بشار” “اللهم دمر أعداء سوريا”؛ رغم أن الدعاء هو دفاع العاجز.
قالت الإعلامية غادة العويس : “لكل عربي واطي قال سأتزوج لاجئة سورية بقليل من الدراهم والريالات، أقول له: زواج الأنثى من الأنثى حرام لا يجوز شرعا”. رغم أن تشبيه الرجل بالأنثى تشريف وليس إهانة ـ كما يذهب في ذلك الاقتباس، وحتى الثقافة المجتمعية التي تسيطر عليها الظلمات.
ـــــــــــــــــــــــ
هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي فريق المكتبة العامة