اسمك قد يكشف عن شخصيتك وبنيتك الجسدية .. تعرّف كيف !
قد تكشف الحروف القليلة التي يتكون منها اسمك عن الطبقة التي تنتمي إليها، والتعليم الذي حصلت عليه، وحتى بنيتك الجسدية.
عندما تزوج رايموند جادج (ويعني اسمه الثاني ‘قاض’ باللغة الإنجليزية) من روزا ميكاليف (اسمها الثاني مشتق من كلمة ‘قاض’ أيضا لكن باللغة المالطية)، وأنجبا ابنهما إيغور، فقد يبدو بديهيًا أي مهنة سيختارها الابن إيغور.
وكما هو متوقع، حصل إيغور على ترخيص بمزاولة مهنة المحاماة، ثم نُصِّب فيما بعد رئيس قضاة ومحاكم انجلترا وويلز، أي قاضي القضاة.
وإذا كان قاضي القضاة قد سأم من التندر على اسمه على مر السنوات، فليتذكر من هم أسوأ منه حظًا، مثل الكاردينال سين (وتعني خطيئة باللغة الإنجليزية)، رئيس الأساقفة السابق بمانيلا، عاصمة الفلبين.
فهل من الممكن أن تحدد أسماؤنا حقًا ما سيؤول إليه مصيرنا؟ باستثناء بعض الحالات التي كانت من قبيل المصادفة، تشير بعض الدراسات الحديثة اللافتة إلى أن الأسماء تؤثر، إلى حد ما، على سلوكنا في المدرسة، وفرص حصولنا على وظائف، وما نحظى به من قبول لدى الناس. حتى إن اسم العائلة قد ينم عن هيئتنا الجسدية، ونشاطنا.
والسبب وراء ذلك أننا ننجذب لاشعوريًا نحو الأسماء والكلمات التي تذكّرنا بأنفسنا، ويسمى ذلك بـ”الأنانية الضمنية”، وهذا يفسر الزيادة الكبيرة في أعداد أطباء الأسنان الذين يحملون اسم “دينيس”، المشتق من كلمة “دنتست” التي تعني طبيب الأسنان.
كما تلعب أسماؤنا دورًا في تشكيل نظرة الآخرين لنا. فقد أفصحت كاتي هوبكنز، الكاتبة الصحفية البريطانية، عن أنها دأبت على الربط بين أسماء الأطفال وبين الصورة النمطية للطبقة الاجتماعية التي ينتمون لها.
وقالت إنها تفضل أن يلعب أطفالها مع الأطفال ذوي “الأسماء القديمة التي كانت شائعة إبان عصر الملكة فيكتوريا” أو الأسماء ذات الأصول اللاتينية أو اليونانية.
وعلى الرغم مما أثاره تصريحها من غضب، إلا أن الكثير من الأبحاث تشير إلى أن هذا السلوك شائع إلى درجة تجعلنا نعجز عن الإفصاح عنه.
وقد أجرى دافيد فيجليو، مدير معهد الأبحاث السياسية بجامعة نورثويسترن، دراسات عديدة للكشف عن تأثير الأسماء.
ولهذا الغرض، استطلع آراء المشاركين ليتعرف على سمات الأسماء التي تقترن بالطبقة العاملة أو الأصول الأمريكية الأفريقية. فبعض الأسماء في اللغة الإنجليزية مثلًا تقترن في الغالب بالأصول الفقيرة.
ثم قارن بين بعض الأِشقاء، أحدهما يحمل اسمًا من الأسماء التي تقترن بالطبقة العاملة، والآخر يحمل اسمًا من الأسماء التي تقترن بالطبقة المتوسطة. وقد تبين له أن أداء الأطفال الذين يحملون أحد أسماء الطبقة العاملة في المدارس أسوأ من أداء الأطفال الذين يحملون أحد أسماء الطبقة المتوسطة.
ويقول فيجليو: “ولا يعزى ذلك إلى أن العائلات التي تنتمي إلى الطبقة العاملة تطلق على أطفالها أسماء تقترن بهذه الطبقة فحسب”، بل أيضًا بسبب توقعات المجتمع ذات الصلة بالطبقة التي ينتمي إليها الاسم.
وقد أكدت دراسة أجريت على طلبة في جامعة أوكسفورد، أن هذا الأثر قد يمتد إلى ما بعد المدرسة بمراحل. وقارن غريغوري كلارك أسماء 14 ألف طالب كانوا بالجامعة بين عامي 2008 و2013 بأسماء الناس خارج الجامعة.
واكتشف أن اسم “إلينور” (وهو اسم كان يطلق على النساء من علية القوم في العصور الوسطى) أكثر شيوعًا ثلاث مرات داخل جامعة أكسفورد عما هو الحال خارجها.
أما الأسماء الشائعة التي تنتمي إلى الطبقة الوسطى فكانت أقل حظًا في الجامعة. فكان اسم “جيد” مثلًا، وهو من أكثر الأسماء انتشارًا خارج الجامعة، يمثل أقل من واحد على ثلاثين من أسماء الطلاب في جامعة أكسفورد.
وبخلاف الطبقة الاجتماعية، فقد تتأثر أيضًا الفرص المتاحة لك في الحياة بمدى سهولة نطق اسمك. وقد كشفت دراسة أُجريت على عينة من 49 بالغًا، أغلبهم من أصول أسيوية أمريكية، بشأن تجربتهم السابقة في المدرسة، عن أن التلاميذ يعدون خطأ المدرسين في نطق أسمائهم من قبيل “الاضطهاد العنصري الصريح”.
فقد عاني الكثير من هؤلاء التلاميذ من الاضطهاد العنصري الصريح في المدرسة بسبب أسمائهم، بما في ذلك حين يخطيء المدرسين في نطق أسمائهم، وقد أدى ذلك في بعض الحالات إلى شعورهم بالعزلة والقلق.
يقول فيجليو إن هذه الآثار قد تلازمهم منذ أن ينادي المدرس في الصباح الباكر على التلاميذ ليتأكد من حضورهم.
ويتابع: “إن بقاء ما تخلفه الأسماء من آثار على التلاميذ داخل المدرسة، على الرغم من إتاحة فرص عديدة للتواصل بين المدرسين وبين الطلاب، يشير إلى أن الأحكام المبنية على الأسماء لا تزول بسهولة”.
وقد اكتشف باحثان أن هذا الأثر قد يلازم المرء حتى في مرحلة البلوغ. إذ أرسلا سيرا ذاتية غير حقيقية استجابة لإعلانات عن وظائف شاغرة وردت في جرائد بوستن وشيكاغو، وخصصا لنصف السير الذاتية أسماء تدل على أن أصحابها ذوو بشرة بيضاء، وللنصف الآخر أسماء تدل على الأصول الأفريقية الأمريكية لأصحابها.
وبعد تسجيل الردود التي تلقاها طلاب الوظائف غير الحقيقيين، تبين لهما أن عدد الفرص التي اتيحت لذوي البشرة البيضاء من الشركات لإجراء مقابلة كان ضعف عدد الفرص التي اتيحت لذوي الأصول الأفريقية.
العلاقة بين ما نراه وما ننطقه
وبعيدًا عن العنصرية الضمنية والتحيز المدرسي، فإن وقع اسمك على السمع قد ينم عن سمات معينة: فعلى سبيل المثال، إن الصورة التي تتشكل في ذهنك لاسم “مولي” تختلف عن الصورة الذهنية لاسم “كيتي”، وهذا يرجع إلى سهولة نطق مقطعي الاسم.
لقد ثبت أننا نربط بعض الحروف والكلمات بأشكال معينة، إذ نربط مثلًا كلمة “بوبا” بالانجليزية بالشكل ذي الحواف الملساء، ونربط كلمة “كيكي” بالشكل ذي الحواف الحادة، وهو ما يعرف باسم “تأثير بوبا/ كيكي”.
ويمتد هذا التأثير إلى أسمائنا، بحسب باحثين من جامعة كالغاري بكندا. إذ سُئلت مجموعة من الناس ما إن كانت بعض الأسماء تذكّرهم بالأشكال ذات الحواف الحادة، أو المستديرة، وكانت النتائج مطابقة لنتائج تجربة “تأثير بوبا/ كيكي”.
فالأسماء التي تشتمل على حروف الباء والواو في اللغة الانجليزية ترتبط في الذهن بالاستدارة، بينما الأسماء التي تشتمل على حرفي الكاف والياء ترتبط بالحدة. ثم ربط الباحثون الاستدارة في الشكل بالأنوثة، والحدّة في الشكل بالذكورة.
وهذا التأثير يمتد أيضًا إلى الطباع الشخصية. فالأسماء التي ترتبط في الذهن بالاستدارة تتميز بالقدرة على التكيف، وسلاسة الخلق، ورحابة الصدر، والودّ، والمرح، والخجل، في حين أن الأسماء الأكثر حدة تقترن بالعدوانية، والغضب، والعند، وسرعة الانفعال، والاستهزاء بالآخرين.
وقد أخذ الباحثون في الاعتبار تأثرنا بالآراء التي تكونت لدينا عن أشخاص نعرفهم يحملون نفس الأسماء. فقد أقر 24 من بين 32 مشاركًا بأنهم تأثروا بالربط بين الاسم والشكل أثناء هذه الدراسة.
تتبع سلسلة النسب
وفي النهاية، سنستعرض مسألة اسم العائلة وكيف يدل على نسبك. فقد أجرى باحثون مؤخرًا اختبارًا على العلاقة بين أسماء العائلة والكروموسوم الذكوري “واي”، الذي ينتقل من الأب إلى الابن، وقارنوا النتائج التي توصلوا إليها في أسبانيا بالنتائج التي توصلوا إليها في بريطانيا وأيرلندا.
وقد توصلوا إلى أنه، في أسبانيا وبريطانيا، كلما زادت فرص وجود صلة قرابة بين أشخاص يحملون اللقب نفسه، زادت ندرة اسم العائلة.
ففي بريطانيا، على الرغم من وجود 5 آلاف شخص يحملون اللقب نفسه، إلا أن فرص وجود قرابة بينهم كادت تكون منعدمة. على عكس أيرلندا التي كانت فيها نسب الاشتراك في الكروموسوم “واي” مرتفعة بين من يحملون نفس اللقب.
وخلص الباحثون إلى أن أيرلندا تختلف عن بريطانيا وأسبانيا بسبب تعدادها السكاني الأقل أو لاختلافها ديموغرافيًا وتاريخيًا عن البلدين.
كما تكشف أسماء العائلة عن البنية الجسمانية للمرء، إذ تشير إلى أننا قد نرث البنية الجسمانية من أسلافنا، الذين كانوا يستمدون ألقابهم في الغالب من المهنة التي يمتهنونها.
سأل باحثون ما يزيد عن 200 رجل يحملون اسمي العائلة تيلور (ويعني خياط) وسميث (وهو اسم كان يطلق في الأصل على الحدّادين)، عن سنهم، وطولهم، ووزنهم، وقدراتهم في الرياضات التي تتطلب القوة والتحمل.
كما بحثوا في تصنيف الرجال في مسابقات ألعاب القوى على مدار سنة في اتحادات ألعاب القوى بكل من المملكة المتحدة وأستراليا وألمانيا.
وقد اكتشفوا أن من يحملون لقب “تيلور” كان أغلبهم أقصر وأخف وزنًا، وأقل ضخامة، ممن يحملون لقب “سميث”.
كما أن من يحملون لقب “سميث” كانوا يتجهون إلى مزاولة المهن والرياضات التي تتطلب القوة، على عكس عائلات “تيلور” الذين ترددت أسماؤهم كثيرًا في الرياضات التي تتطلب المثابرة، ولا تحتاج إلى أوزان ثقيلة.
وأيًا كان الاسم الذي سميت به عند الولادة، فالعبرة بالطريقة التي تتعلم بها كيف تتعامل معه. ويتضح من أحد الأبحاث التي أجراها فيجيلو أن الأولاد الذين يحملون أسماء اشتهرت بأنها أسماء بنات أكثر عرضة للوقوع في المشاكل من الأولاد الذين يحملون أسماء ذكور، ويتجلى هذا الاختلاف في غرف الصف، ولا سيما في حالة وجود بنت تحمل الاسم نفسه.
من المقلق أن أسماءنا قد تغير مجرى حياتنا منذ هذه السن المبكرة، ولكن هذه القضية باتت مثار اهتمام أكثر من ذي قبل. إذ تعمل بعض المبادرات مثل “حملة اسمي، هويتي” على رفع الوعي بأهمية الاعتزاز بتميز أسمائنا عن غيرها من الأسماء.
ولكن الجانب المشرق من الأمر أن كل هذه الجهود تصب في مصلحتنا. وقد تندّر الرئيس باراك أوباما يومًا على اسمه الأوسط قائلًا: “لقد اختار لي أحدهم اسمي الأوسط (حسين) ولم يجل بخاطره أنني سأترشح يومًا ما لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية”.
المصدر: بي بي سي