أشهر الأكاذيب التاريخية التي يتم التعامل معها باعتبارها حقائق !
أحيانا لا يرغب الناس فى سماع الحقيقة، لأنهم لا يريدون أن تتحطم أوهامهم !
نيتشه
من المعروف أن التاريخ ممتلئٌ حتى التخمة بالأكاذيب، وإن كنت تشك بذلك فما عليك إلا مقارنة الروايات المختلفة والإشاعات التي تنتشر عن أي حدث حالي، وفكر بأن هذا يحصل في عصر أصبح فيه كشف الحقيقة أمراً سهلاً نسبياً. مع التسليم بأن التاريخ الذي لدينا بأفضل الحالات يعتبر غير دقيق، فعلى الأقل من الممكن الوصول لمقاربات أكثر واقعية باستخدام سجلات تاريخية.
اليوم تمتلئ الثقافة الجمعية للبشر بالعديد من الأكاذيب التاريخية أو الأخطاء، على أقل تقدير، والتي يتم تداولها على الرغم من منافاة الأدلة لها، وفي بعض الأحيان يتم تعليمها في المدارس حتى!
من بين هذه المغالطات اخترنا التالي:
علق ”مارتن لوثر“ أطروحته على باب الكنيسة
إن كنت لا تعرف مارتن لوثر، فهو واحد من أهم الشخصيات في العصور الوسطى في أوروبا وفي التاريخ المسيحي كذلك، فمارتن لوثر هو المسؤول عن تأسيس المذهب البروتستانتي من المسيحية، الذي يعد الأكثر انتشاراً اليوم في شمالي أوروبا والولايات المتحدة.
وفقاً للأساطير المتداولة، قام لوثر بتعليق أطروحته على باب الكنيسة احتجاجاً على سياسات الفاتيكان الظالمة والضرائب الدينية المرتفعة وقضية صكوك الغفران. لكن المراجع تتحدث عن أمر آخر تماماً، فمطالب لوثر لم تعلق على باب كنيسة قط، بل كان يرسلها بشكل سري لبابا الفاتيكان لعله يوافق عليها، حيث لم يكن لوثر ينوي تأسيس كنيسة جديدة، بل إصلاح الكنيسة الكاثوليكية نفسها.
أحزمة العفة في أوروبا (القرن السادس عشر)
هذه الأحزمة تشكل مصدر حديث للكثيرين والكثيرين، حتى أن بعضها موجود في المتاحف اليوم. ويدعى أنها أحزمة كان يتم إجبار النساء المتزوجات أو العذراوات على ارتدائها ومن ثم قفلها لمنع الممارسة الجنسية.
الواقع أن الأحزمة هذه لم تكن حقيقية قط ولم يتم استعمالها أبداً، والمصادر الوحيدة للروايات حولها هي رسوم قديمة ساخرة. فاعتبارها تاريخاً يشابه بشكل كبير اعتبار منشورات ”خسة“ أخباراً حقيقية.
أما بالنسبة للنماذج المعروضة في المتاحف فقد تم صنعها لاحقاً كهدايا تتضمن مقالب فقط.
الجرذان هي التي تسببت بوصول الطاعون (الموت الأسود) إلى أوروبا
من المعروف أن الطاعون كان أحد أكبر الأوبئة التي عصفت بتاريخ البشرية، وكان من الممكن أن تنهي الجنس البشري تماماً. لكن على عكس الظنون بأن الجرذان كانت المسؤولة، يوافق الباحثون اليوم على أن السبب الأرجح هو العدوى التنفسية المعتادة ولا ذنب للجرذان أصلاً بنقل المرض عبر القارات.
الأوروبيون لم يستحموا في العصور الوسطى
هذا الاعتقاد شائع للغاية في الكثير من الأماكن، لكن الواقع أن لا أساس له من الصحة، فالمصادر التاريخية تؤكد وجود حمامات عامة عديدة في تلك الحقبة، وأن الناس كانوا يستحمون ويهتمون بنظافتهم تماماً كما في الفترات الأخرى!
نابليون هو المسؤول عن فقدان أنف أبوالهول
تحكي العديد من الروايات أن أبأ الهول فقد أنفه مع الحملة الفرنسية على مصر وقصف نابليون المزعوم للتمثال. لكن في الواقع فالمراجع التاريخية تذكر أن أبا الهول كان بلا أنف منذ عام 1500 على الأقل (أي قبل الحملة الفرنسية بأكثر من 200 عام). وتشير العديد من المصادر إلى أن فقدان أبو الهول لأنفه كان بسبب شيخ مسلم يسمى محمد صائم الدهر عام 1378.
نيرو كان يعزف على الكمان بينما يشاهد روما تحترق
تعتبر قصة إحراق نيرو لروما واحدة من الأشهر في التاريخ، فالإمبراطور الروماني الطاغية رغب في توسيع قصره وفق الروايات فأحرق المنازل القريبة منه وامتد الحريق. لكن التفصيل الإضافي الذي يتضمن عزفه على الكمان لا أساس له من الصحة فنيرو نفسه لم يكن في روما عند حريقها وهذه الآلة الموسيقية لم تكن قد اخترعت حتى، فالأمر أشبه بالقول أن هتلر كان يلتقط السيلفي بهاتفه الذكي بينما يقتل اليهود في بولندا.
ماري أنظوانيت رداً على عدم وجود الخبز للفقراء: فليأكلوا الكعك (الغاتو)
لا يوجد أي مصدر حقيقي للمقولة وأول ذكر لها اتى في كتابات ”جان جاك روسو“ الفيلسوف الفرنسي حين كانت ماري أنطوانيت طفلة في العاشرة من عمرها.
بالإضافة لذلك تروي المصادر التاريخية أن ماري أنطوانيت كانت طيبة بشكل استثنائي مقارنة بباقي العائلة المالكة الفرنسية، وأنها تبرعت بالكثير من مالها للأعمال الخيرية وهكذا مقولة لا تنسجم مع تصرفاتها أبداً.
اليونان القديمة كانت المكان المثالي للسلام والتنور والفلسفة
أول ما يخطر ببال المرئ عند ذكر اليونان القديمة هو منظر الفلاسفة الإغريق وهم يبحثون في القضايا الفلسفية والعلمية، مرتدين ملابسهم التي تشبه الملائات. لكن اليونان القديمة لم تكن مسالمة أبدأ فقد احتوت على أكثر من 1000 مدينة مستقلة متحاربة فيما بينها بشكل دائم مع آلهة مختلفة وجيوش خاصة لكل منها. إن كنت تحلم بالعيش في ذلك العصر، ربما عليك إعادة التفكير بذلك.
المسيحيون الأوائل كان يتم إطعامهم للأسود في الكولسيوم في روما
واحد من المشاهد الأكثر استخداماً وعاطفية للمسيحية، هو منظر المؤمنين الأوائل يؤكلون من الأسود في المسرح الروماني الشهير أمام الجمهور الوثني المصفق لذلك. الواقع أن هذا من غير الممكن أن يكون قد حدث قط! فالفترة التي طورد المسيحيون فيها (من قبل نيرو آنف الذكر) لم يكن الكولوسيوم قد بني حتى! وفي الوقت الذي اكتمل بناء المبنى الأيقوني فيه كانت المسيحية قد أصبحت أمراً عادياً جداً في روما، ولم تدم الأمور كثيراً حتى تبنت روما المسيحية كدين لها في عهد قسطنطين.
هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر عن رأي فريق المكتبة العامة.