مقالات عامة

هل كان الرئيس الأمريكي «أبراهام لينكولن» مسلماً؟ حقيقة ديانة سيد البيت الأبيض

هل كان الرئيس الأمريكي «أبراهام لينكولن» مسلماً؟ حقيقة ديانة سيد البيت الأبيض

تعتبر ديانة الرئيس الأميركي الراحل ابراهام لينكولن من الأمور المثيرة للجدل بالنسبة للمؤرخين؛ فمنهم من يقول إنه كان مسيحياً، والبعض الآخر يؤكد أنه كان يهودياً، فيما يعتقد آخرون أنه كان مسلماً.

وعندما نقرأ خطب لينكولن الرئاسية ستزداد حيرتنا؛ حيث كان كثيراً ما يلجأ إلى ذكر اقتباسات من الإنجيل، واحتوت بعض خطبه الأخرى على آياتٍ من القرآن الكريم، الذي تعرَّف عليه أول مرة عندما اطلع على النسخة الخاصة بالرئيس الأميركي توماس جيفرسون.

ومن يؤيدون الرأي القائل بأنه اعتنق الإسلام، يعتمدون إلى جانب اقتباسات خطبه، على قراراته المتفقة مع الدين الإسلامي، مثل إلغاء العبودية، والمساواة بين جميع البشر، ولكن الأمر ليس بهذه السهولة ويحتاج إلى كثير من البحث، وتتبع علاقة لينكولن بالدين عموماً منذ نشأتها.

البداية وعلاقة مضطربة بالمسيحية

في العشرينات من عمره، قرأ لينكولن العديد من المؤلفين، وساهمت كتبهم في تشكيل أفكاره بشكلٍ كبير، وكان من أبرزهم الصحفي توماس باين، الذي كان له مؤلفات مشهورة مثل كتاب “حسّ المنطق”، وموضوعه الدعوة إلى استقلال الولايات المتحدة، وكتاب “عصر المنطق” وهاجم فيه الديانة المسيحية بشراسة، مما جعل سمعته سيئة بين المتدينين.

وأثرت كتب باين على مدى اقتناع لينكولن بالأفكار المسيحية التقليدية التي كانت تعتنقها عائلته، فقد كان الأسلوب الغالب على هذه الكتب هو الفكاهة اللاذعة تجاه الدين المسيحي، فمثلاً يقول باين عن ولادة العذراء: “لو قالت أي فتاة إنها أنجبت طفلاً الآن، أو أقسمت على أنها حملت بطفل من شبح، وأن ملاكاً أخبرها بذلك، هل سيصدقها العالم؟”، وفي العبارة السابقة مهاجمة صريحة لقصة مقدسة، والحكم عليها وفق معايير التفكير المنطقي لا العقيدة.

ورغم أن لينكولن كان يذهب إلى الكنائس المعمدانية مع عائلته في صغره، فإنه في أولى مراحل شبابه اقتنع بجميع أفكار باين، ويؤكد صديقه المقرب القاضي جيمس ماثيني، أنه كان يقرأ دائماً مقاطع من الكتاب المقدس، ثم يثبت عدم صحتها وتناقضها استناداً إلى المنطق.

وفي وقتٍ مُبكِّر من حياته السياسية، واجهت لينكولن عام 1846 الكثير من الشائعات عن قيامه بالسخرية من المسيحية وممارسة الشعائر الدينية، وكان يروِّج لها خصمُه في الانتخابات الواعظ الديني بيتر كارترايت. ولذلك، كان على لينكولن تهدئة الأجواء المشتعلة، ولكنَّه في الوقت نفسه لم يوضِّح اتجاهه الديني، حيث قال: “صحيح أنني لست عضواً في أي كنيسة مسيحية، ولكنني لم أنكر أي حقيقة من الكتاب المقدس، ولم أتعمَّد الحديث بشكلٍ غير محترم عن الدين بشكلٍ عام، أو عن أي طائفة من طوائف المسيحيين بشكل خاص”.

اليهود يدافعون عن يهوديته

 “إن لينكولن كان يعتبر نفسه عظْماً من عظْمنا ولحماً من لحمنا، وكان يعتبر نفسه سليل النسب العبري”.

صاحب هذا الكلمات هو رابي إسحق مؤسس كلية الاتحاد العبرية، ويؤكد أنه قالها في حضور لينكلون، الذي من وجهة نظره حافظ على العديد من ملامح السلالة العبرية في وجهه، وشخصيته.

ووفقاً للعديد من الروايات اليهودية، فإن اسم أبراهام لينكولن، يرجع إلى اسم جده أبراهام، وكان جده الثالث يُدعى مردخاي، وأما اسم عائلته لينكولن، فهو اسم البلدة البريطانية التي هاجر منها أجداده اليهود.

وعند قراءتنا في المصادر اليهودية، سنجد الكثير منها تؤكد صداقة لينكولن لليهود، وقيامه بتعيين قنصل يهودي لأول مرة في وزارة الخارجية، بالإضافة إلى إلغائه قراراً معادياً للسامية أصدره الجنرال أولسيس غرانت، بمنع الباعة اليهود المتجولين من بيع بضائعهم لقوات الاتحاد في المناطق التي تحت سيطرته، بالإضافة إلى أنه أول من سمح للحاخامات بالعمل في الجيش الأميركي كرجال دين.

وأطلق اليهود على لينكلون بعد اغتياله لقب أبراهام الشهيد، وتذكر بعض الروايات، نقلاً عن زوجته ماري تود لينكولن، أن آخر كلمات قالها زوجها قبل موته كانت: “كم أنا مشتاق إلى زيارة القدس في يومٍ من الأيام”، ولكن لم يرد ذكر هذه الكلمات إلا في المصادر اليهودية فقط.

“صورة الله” تصبح أكثر وضوحاً عنده بعد الحرب

في الحرب الأهلية الأميركية، كان سفك الدماء أمراً شديد القسوة بالنسبة إلى لينكولن، وفي أحد الأيام كان يجلس معه صديقه القديم جوشوا سبيد في البيت الأبيض، وسمع توسلات أمهات وزوجات المشاركين في الحرب، فقال له: “بما أنني أعرف مدى حساسيتك، وعصبيتك، أفاجأ بأن هذه المشاهد لا تقتلك”.

ولكن الأمر لم يكن سهلاً عليه إطلاقاً؛ ففي سنواته الأخيرة لجأ لينكولن إلى التفكير وراء “هدف الله” عندما سمح بوقوع الحرب، واستفاض في التفكير كثيراً.

وفي عام 1862، قال لأحد زوار البيت الأبيض، رداً على سؤاله عن ميعاد انتهاء الحرب: “أنا مجرد أداة متواضعة بيد الأب السماوي، وإذا فشلت الجهود الحقيقية التي بذلتها لإنهاء الحرب، يجب عليّ الإيمان بأن الأمر حدث لسببٍ أجهله، وأن إرادة الله كانت مختلفة”.

وشيئاً فشيئاً، أخذت “صورة الله” عند لينكولن تتضح أكثر، ولكن دون إعلانه اعتناق دينٍ بعينه، فبعد مرور أكثر من سنتين على الحرب وسقوط آلاف القتلى، ظن لينكون أخيراً أنه اكتشف حكمة الله من ورائها، فاعتبر أن الحرب كانت عقوبة لأميركا بسبب ممارسات العبودية، وشرح ذلك السبب في خطاب تنصيبه الثاني، الذي استعمل فيه منطقاً دينياً يتجاوز أسلوب رصد الأخطاء الذي اعتاده، فقال: “إذا أراد الله أن تستمر الحرب، حتى تزول جميع الثروات التي جُمعت بعد 250 سنة من الاستعباد، وحتى دفع ثمن كل قطرة دم سقطت نتيجة ضرب العبيد بالسوط، فلا بد من الاعتراف بأن أحكام الرب صحيحة ومنصفة”.

المصدر: هافينغتون بوست عربي

هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي فريق المكتبة العامة.

Public library

موقع المكتبة العامة يهتم بنشر مقالات وكتب في كافة فروع المعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى