تقدم التكنولوجيا يعنى زيادة المسئولية – بقلم: محمد عادل
يشبه عنوان هذا المقال, عنوان مقال الكاتب الكبير “سلامة موسى”, وهو “زيادة الفراغ تعنى زيادة المسئولية”, فى كتابه “كيف نربى أنفسنا”, و كان يشرح فيه “سلامة موسى”, كيف أن زيادة الفراغ تضع علينا مسئولية أكبر فى حسن إستخدامه, لأننا فى أوقات العمل أو الدراسة, نقوم بعمل محدد لنا من قبل أخرين, ولكن فى اوقات الفراغ نقوم بما نود نحن القيام به, بغير تحديد أو تخطيط مسبق, وهذا يضع علينا مسئولية التفكير والتخطيط للإنتقاع بذلك الفراغ قدر الإمكان, وأظن أن هذا المقال يأتى مكملا ومضيفا لمقال “سلامه موسى”, لأن “تقدم التكنولوجيا” أتاح لنا إمكانيات وخيارات جديدة, ومثل “زيادة الفراغ”, فأظن أن هذا التقدم التكنولوجى يضع علينا مسئولية الإستخدام الحسن له والإنتفاع به قدر الإمكان أيضا, وهكذا, وبدون إطالة, سوف نرى لماذا وكيف نستطيع الإنتقاع والإستفادة من “التقدم التكنولوجى” بأكبر شكل ممكن.
1- لماذا “مسئولية”؟
هذا يمكن أن يعد من أهم الأسئلة التى يجب أن نطرحها, أى لماذا يعد “إزدياد الفراغ” و “التقدم التكنولوجى”, مسئولية علينا؟
ويمكن أن نرجع هذا إلى, كما أشرنا فى المقدمة, لسببين, أولهما: أننا فى أوقات الفراغ نزداد حرية على أختيار الأفعال, هذا ما يتيحه الفراغ, وثانيهما: ازدياد الإمكانيات والخيارات و عدد ونوعية الأفعال التى يمكن أن نقوم بها, وهذا ما يتحيه التقدم التكنولوجى.
وهذا يضع علينا “مسئولية”, أو بمعنى أخر, يجعل عملية “إختيار” أفعالنا أكثر أهمية,
وتستلزم تفكيرا وتخطيطا أكثر, لكى نستطيع أن نستفيد وننتفع بأكبر قدرممكن, من تلك الحرية, وتلك الإمكانيات والخيارات.
2- ما هو الفعل “النافع”؟
يمكن أن ينظر كل منا إلى أهمية أو منفعة فعل ما, نظرة تختلف عن نظرة الأخر, ولكنى أرى, أن الفعل النافع, يجب أن يحقق نتيجتين أساسيتين, حتى يمكن أن نسميه “نافعا”, وهاتان النتيجتان هما, أولا: أن يسبب لنا ذلك الفعل الإستمتاع والبهجة, وثانيا: أن يساهم فى ترقية شخصيتنا على المدى الطويل.
وبناء على النتيجتين السابقتين, اللتان يجب أن يتحلى بهما الفعل “النافع”, يمكن أن نقول أن الفعل “النافع” هو الفعل الذى يسهم فى تنمية حصيلتنا المعرفية (المعرفة), وقدراتنا ومواهبنا الإبداعية (الإبداع), لأن المعرفة والإبداع, فى رأيى, من أكبر أسباب الإستمتاع والبهجة, من ناحية, وتساهم فى ترقية شخصيتنا ونموها على المدى الطويل, من ناحية أخرى.
وهكذا, نصل إلى أن الفعل “النافع”, أو على الأقل من أكثر الأفعال “نفعا”, هى تلك التى تساهم فى معرفتنا وإبداعنا.
3- من أمثلة الأفعال “النافعة”:
ونصل من النقطة السابقة, إلى أن الأفعال “النافعة” هى فى الأغلب تلك التى تساهم فى نمو معرفتنا وإبداعنا, وهكذا, يمكن أن تكون من أمثلة تلك الأفعال:
أ – الأفعال التى تساهم فى معرفتنا:
1- القراءة بشكل عام, والتى أصبح من الأسهل ممارستها والوصول إلى الكتب الجيدة بإستخدام ما وصل إليه التقدم التكنولوجى, مثل الإنترنت والهاتف الذكى.
2- الإطلاع على الأخبار المحلية والعالمية, وتلك تزيدنا معرفة وفهم للعالم المتقلب المتغير الذى نعيش فيه الأن, وأيضا ساهمت التكنولوجيا فى جعل هذا الفعل أكثر يسرة و أكثر إفادة.
3- بعض القنوات على اليوتيوب و بعض الصفحات على الفيس بوك, التى تساهم فى نشر المعرفة فى الكثير من المجالات وعن الكثير من الأشياء, بطريقة مبسطة وسهلة.
ب – الأفعال التى تساهم فى إبداعنا:
1- تعلم اللغات, وهذا الفعل يمكن أن ندرجه فى خانة المعرفة والإبداع فى أن واحد, وهو أيضا من الأفعال التى ساهمت التكنولوجيا فى تييسرها وجعلها أكثر إفادة, مساهمة كبيرة.
2- تعلم هواية إبداعية, مثل تعلم الرسم أو العزف على ألة موسيقية, أو حتى كتابة الشعر وغيرها.
3- ممارسة الرياضة, فإن ممارسة الرياضة, على إختلاف أنواعها, تساهم فى إستمتاعنا وترقية شخصيتنا على المدى الطويل, ولهذا يمكن أن نطلق على ممارسة الرياضة “فعل نافع”, وإن كان لوقت الفراغ دور أكبر من التكنولوجيا فيها.
4- وأخيرا:
أ – يجب أن نتسأل قبل القيام بفعل ما فى وقت الفراغ, هل هذا الفعل “نافع” و “مفيد” أم لا؟
أى هل نستمتع به ويساعدنا على ترقية شخصيتنا على المدى الطويل؟
أو هل هو من الأفعال التى تساهم فى إنماء المعرفة و الإبداع عندنا؟
وبهذه الأسئلة نحاول أن نصل إلى أكثر الأفعال “نفعا” وتمييزها عن غيرها.
ب – إن إزدياد أوقات الفراغ, وإزدياد الإمكانيات والخيارات التى أتاحها التقدم التكنولوجى, يضع على أفعالنا ومنهج إختيارنا لها أهمية كبيرة, ولهذا أعتقد أن علينا أن نحرص على “إستثمار” أو “إستغلال” أوقات فراغنا, وإمكانيات التكنولوجيا, بأنفع وأفيد طريقة ممكنة, وهذا لا يعنى أن لانمارس الأفعال التى يمكن أن نعتقد أنها أقل أهمية أو أقل “نفعا”, ولكن يعنى أننا نعرف أولوياتنا, وننظمها بحيث نستفيد ونستمتع بحياتنا بشكل عام بأكبر قدر ممكن, وأن نكون قدر “المسئولية” التى أزدادت بزيادة الفراغ والتقدم التكنولوجى.
ــــــــــــــــــــــــ
هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي فريق المكتبة العامة