تعرّف على قصة أقدم الأديرة القبطية في مصر – محمد السيد سليمان
منذ مئات السنوات تحولت صحراء منطقتى الزعفرانة ورأس غارب شمال البحر الأحمر إلى ملجأ للعديد من الرهبان الأقباط فى مصر هربا من اضطهاد الحكم الرومانى لهم لسنوات طويلة، وهو ما جعل الرهبان يقيمون بالجبال حفاظا على دينهم فكانت الصحراء الشرقية ملجأ لهم، حيث أقيمت أقدم الأديرة القبطية لتضىء بأنوارها هذه المنطقة الصحراوية وأهمها دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر ويقع من الجنوب لدير الأنبا أنطونيوس.
بشار أبوطالب، نقيب المرشدين السياحيين بالبحر الأحمر، قال إن دير الأنبا بولا من أكثر الأديرة الأثرية زيارة للسائحين، وأصبح من أكثر الأديرة الأثرية فى مصر زيارة خلال الأعياد القبطية، حيث تفد إليه رحلات من الأقباط من مختلف المحافظات خلال أعياد الميلاد والقيامة، بالإضافة إلى رحلات السائحين من أوروبا وروسيا الذين يزورون الغردقة، حيث يوجد داخل دير الأنبا بولا سبع كنائس ويقع الدير على هضبة مرتفعة وهو مستطيل الشكل دعاه المقريزى باسم دير «النمورة» وكان العرب يطلقون عليه هذا الاسم فى العصور السابقة ربما لوجود النمور فى المنطقة أو نسبة إلى النمور التى حفرت قبر القديس.
ومر الدير بعد ذلك بفترة مظلمة، فالتواريخ التى كانت تدل عليه أحرقها البدو 1484م عند اقتحامهم أسوار الدير كما سكنه السريان فى النصف الأول من القرن الخامس عشر ثم هجروه بعد ذلك نتيجة المجاعة التى حدثت فيه، وقام الأنبا غبريال السابع بعد ذلك بتعميره ثم أصلح المعلم إبراهيم الجوهرى ما تهدم منه وبنى كنيسة أبى سيفين التى لا تزال قائمة إلى الآن كما قام الأنبا خريستوذولوس بالكثير من الإصلاح وأضاف مساحات كبيرة له.
وأكد أيمن ثابت من العاملين بكنيسة الأنبا شنودة بالغردقة أن الدير يشهد فى عيد الأنبا بولا آلاف الزائرين يوم 10 فبراير من كل عام، حيث ابتدأت الحياة الرهبانية فى هذا المكان بعد أن عرفت سيرة الأنبا بولا بواسطة الأنبا أنطونيوس وذهب إليه الكثير من الذين سمعوا السيرة حيث أقاموا «القلالى» وبنوا السور لحماية الدير، وذلك فى المكان الذى عاش فيه الأنبا بولا.
وأكد الدكتور محمد عبدالستار عثمان، أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة سوهاج، أن دير الأنبا بولا يقع بين قمم جبال الزعفرانة على بعد 95 كم شمال رأس غارب، غرب طريق السويس رأس غارب، وتم ترميم كنائس الدير على أيدى عدد من الفنانين والمرممين العالميين وتحت إشراف المجلس الأعلى للآثار وأنه يوجد بدير الانبا بولا كنائس أثرية ومنهم الكنيسة الأثرية التى كان يسكنها الأنبا بولا لمدة 70 سنة، ولم يرَه أحد، ونصف الكنيسة منحوت فى الصخر، وغطيت حوائطها برسومات، وكنيسة أبوسفين أعاد بناءها المعلم الجوهرى فى أواخر القرى الثامن الميلادى، وكنيسة الملاك، وبها الكثير من القبب، ويبلغ عددها اثنى عشر قبة كعدد تلاميذ السيد المسيح، ويرجع تاريخها إلى سنة 1777م.
وقبل وفاته أوصى البابا شنودة الثالث بإنشاء مقر لدير الأنبا بولا بالقاهرة، فى بيت قديم من أوقاف الدير بحدائق القبة كان مهملاً ومغلقاً، ولكنه صار الآن مركز إداريًّا للدير، وأنشئ فيه مذبح لصلوات القداس الإلهى مع أيقونة جميلة للأنبا بولا، ومنذ عامين شهد البابا تواضروس الثانى، واللواء أحمد عبدالله، محافظ البحر الأحمر، افتتاح مبنى المبيت والفندق الجديد بدير الأنبا بولا بالزعفرانة.