الطوطمية totemism من الطوطم، وهوالحيوان أو النبات أو سوى ذلك (ظاهرة طبيعية)، مما يكون مقدساً لدى جماعة أو قبيلة أو جنس من الشعوب البدائية، ويرمز للجماعة ويحميها، وتعامله بطرق مختلفة طبقاً للعادات والتراث، وتدور حوله طقوسها الدينية وشرائعها.
وتنتشر الطوطمية بين القبائل الأصلية في أستراليا وأمريكا الشمالية والجنوبية ومالينيزيا وبولينيزيا وإفريقيا. وهي نظام القانون والعادات التي تدور حول الطوطم، بوصفها قوانين وشرائع اجتماعية ودينية. وهي من أقدم أشكال الديانات في المجمتع المشاعي البدائي التي عرفها تاريخ البشرية،وهي ليست عبادة الحيوان أو النبات، وتختلف عن عبادة الحيوانات والنباتات، لأن القبيلة التي تدين بها تعتقد أنها والطوطم من أصل واحد، فمثلاً القبيلة التي تجعل طوطمها المقدس هو الذئب، ترى أنها والذئب تنحدر من أب واحد.
ومن أبرز الكتابات في الطوطمية، ما أسهم به دوركهايم[ر] Durkheim وليفي شتراوس Lévi – Strauss وفرويد[ر]. والاسم ذائع في كل لغات العالم، وقد استخدمه كمصطلح لأول مرة الإنكليزي «جون لونج» J.Longe في نهاية القرن الثامن عشر، وكان يعمل ترجماناً في شركة الهند الشرقية، في كتاب له بعنوان «أسفار ورحلات ترجمان هندي» (1719)، وبعده توالت الكتب التي تستخدم هذا المصطلح.
وقد اختلف العلماء في بدء الطوطمية، وذهب بعض الباحثين إلى القول: إن الطوطمية ترمي إلى نشاط تعاوني لإعداد أكبر مقدار من المواد الأولية للقبيلة، ومنهم من قال» إن الطوطم كان في البدء بهيماً وحشيّاً في بيئة بحرية نشأ عنه الإنسان الذي ظل ينتسب إلى جده الطوطمي، وعلى أساس هاتين النظريتين نشأت مدرستان، ترى المدرسة الأولى (إستيد Estied)، أن الطوطمية نشأت عن سوء تفسير الألقاب، وأن المتوحشين سموا أنفسهم بأسماء الأشياء الطبيعية التي اختلطت بأسماء الأسلاف، ثم تقدست تلك الأشياء مع تقديس الآباء على مرّ الزمن. أما المدرسة الأخرى (فريزر Fraizer) فقد زعمت أن الطوطمية عند قبائل وسط استراليا نشأت من طقوس انتيجيوماIntighiuma، وهي نظام قائم على السحر والطلاسم التي يريد أهل الطوطم من ورائها استكثار المواد لسدّ حاجة القبيلة. وإن الطوطمية، في اعتبارها الديني، قديمة جداً، بينما اعتبارها الاجتماعي المستمر إلى يومنا عند قبائل استراليا فهو طراز جديد، وقد اتفقت المدرستان على كون الطوطمية، في بدايتها، طوطمية دينية بحت، ثم تفرعت إلى نوعين: نوع ديني وآخر اجتماعي، فمن الوجهة الدينية يسمي أفراد القبائل أنفسهم بأسماء الطوطم بوصفه أباً للقبيلة وأنهم من نسله، مثل قبيلة ايروكو من هنود أمريكا التي تعرف باسم قبيلة السلحفاة، وتعرف غيرها بقبيلة الذئب والدب والكركي والبوم والكلب والسلحفاة وديك الحبش والإوز والبط وغيرها من الطيور المائية التي تنتسب إليها قبائل في البنغال وغرب استراليا وهنود كولومبيا… فإذا مات حيوان من نوع طوطم القبيلة احتفل أهلها بدفنه وحزنوا عليه حزنهم على واحد منهم، فقبيلة البومة في ساموا إذا وجد أحد أفرادها بومة ميتة، يَقعد إلى جانبها ويأخذ في الندب والبكاء وضرب رأسه بالحجارة حتى يدميه، ثم يكفن البومة ويحملها إلى المدفن كالإنسان. ولايقتصر احترام الطوطم على تحريم أكله أو إيذائه، فإن بعضهم يحرم لمسه أو النظر إليه أو التلفظ باسمه، وإذا اضطروا إلى ذكره عمدوا إلى الكناية والإشارة والرمز، ويعتقدون أن من يهين الطوطم أو يسيء إليه تأتيه المصائب والنكبات، فقبيلةُ باكالي تعتقد أن من يأكل طوطمة تلد نساء قبيلته حيواناً مثل الطوطم أو يموت بمرض مهلك حيث يقيم الطوطم في بدنه ويأكل منه حتى يموت، أما من يحترم الطوطم فإن الطوطم يحترمه أيضاً، فإذا كان الطوطم في قبيلة سنغجيا من السباع أو الحيات أو العقارب فإنهم لا يخشون عضها أو لمسها، كما أن الطوطم ينذر أصحابه بالخطر قبل وقوعه بعلامات ورموز كالفأل والطيرة.
والطوطمية من الوجهة الاجتماعية تأخذ مظهر تعاقد أهل القبيلة فيما بينهم، باعتبار علاقتها بالقبائل الأخرى، وتظل الروابط الطوطمية أشد ما تكون بين أفراند العائلة الواحدة القائمة على صلة الرحم، ومن أهم الروابط أن رجال الطوطم الواحد ونساءه لا يتزوجون من قبيلتهم، ومن يخالف ذلك يعاقب بالموت (في أوستراليا مثلاً). وعند قبيلة هنود الكريك لاتتزوج قبيلة الذئب من قبيلة الذئب الأخرى لأن هذا يؤدي إلى الأمومة أي انتساب المولود إلى الأم واتباع طوطمها لاطوطم أبيه، وفي بعض القبائل الأسترالية يرث الابن طوطم أبيه وترث البنت طوطم أمها، كما في قبيلة ديري في جنوبي استراليا. وتعتقد قبيلة آرنتا في وسط أستراليا أن المرأة تحمل نتيجة دخول روح من أرواح النبات أو الحيوان في جسدها، وتكون الولادة عودة تلك الروح في شكل المولود، وتكون التي دخلت في المرأة وقت ظهور الحمل هي الطوطم المولود، ولكن قبيلة آرنتا هذه مع اعترافها بتقمص الروح الحيواني في شكل المولود، تنسب تلك الأرواح إلى حجر تسميه الشرنجة فيصير الطوطم محليّاً.