عادة القـراءة يجب أن تصبح جـزءًا رئيسًا في حيـاة كل إنسـان طموح.. هذه قناعتي، ولأنني أدّعي حمل راية التشجيع على هذه العادة قررت أن أساعد بالوصول لإجابة سـؤال عنـوان هذه المقـالة، إضافةً إلى أنني عندما أتحدث مع الآخرين حول اقتراحات القـراءة، دائمًا ما أجد الحـديث يقودني لنقـاش آخر غـير الذي أهدف الخوض فيه؛ ولذا آمل هنا أن أختصـر الكثير من الوقـت لأثبت وجهة نظري.
يصر بعض أصدقائي على امتلاك الكثير من محبي القراءة مهارة «القراءة السريعة» والتي تُساعدني في أفضل الحالات على قراءة ٣ كُتب أسبوعيًّا!. ودعني أعترف بشيئين في هذا الأمر:
في الحقيقة.. نعم أخذت دورة القراءة السريعة «أون لاين»، وحاولت جاهدًا في البداية أن أُتقنها، بعد أن شاهدت لقاء د. طارق السويدان وهو يتحدث عن أهمية القراءة السريعة ومدى تأثيرها على حياته. لكن إن كانت تُهمك نتيجة هذه الدورة فسأعترف لك بأن آخر اختبار لي أثبت أنني أقرأ أقل من ٣٠٠ كلمة في الدقيقة (قراءة عادية وليست سريعة) بل أجد أنني أبطأ بكثير من معظم الأشخاص العاديين.
لماذا يرغب الكثيرين إتقان عادة «القراءة السريعة»؟
أوجه لك بعض الأسئلة أولًا قبل الإجابة على هذا السؤال: هل بالفعل يهمك أن تقرأ الكثير من الكُتب عمومًا؟ وما مدى رغبتك في الانتهاء من مجموعة كُتب كنت تُريد قراءتها منذ فترة ولم تستطع بسبب مشاغل الحياة؟ هل أنت مقتنع أصلًا بأهمية وجود هذه العادة في حياتك اليومية؟ إن كانت إجابتك بنعم لكل الأسئلة.. فسأسأل السؤال الآن لك وللجميع:
لماذا يرغب الكثيرون في إتقان مهارة «القراءة السريعة»؟
هل يودون توفير بعض الوقت؟ لماذا؟ لمزيد من التلفزيون؟ أو للمزيد من ألعاب الفيديو؟ أو ربما لأي شيء آخر أقل أهمية؟
القراءة السريعة لن تُفيدك كثيرًا إن لم تمتلك أصلًا وقتًا أو رغبة للقراءة.
شخصيًّا، أعشق القراءة إضافة لاقتناعي تمامًا أنها إحدى أهم عادات الناجحين، والمفتاح الأسهل (والأرخص) للتعلم وزيادة الوعي وكسب خبرات الآخرين. أعشق القراءة أيضًا لأنها السبب الرئيس الذي يجعلني أكتب دومًا، ففي اليوم الذي سأتوقف فيه عن القراءة بالتأكيد سأتوقف فيه عن الكتابة. وأعتبر أن القراءة أحد أهم وسائل الترفيه التي لا يوجد لها مضاعفات جانبية.. بل الكثير الكثير من الاستفادة وتمرين العقل.
المزيد من الوقت.. هي الطريقة الوحيدة لقراءة الكثير الكثير من الكُتب، وليست مهارة القراءة السريعة.
هناك العديد من التقنيات التي يمكنك من خلالها مساعدة نفسك لقراءة الكثير من الكُتب، ألخص أهمها في قراءة عدة كُتب في نفس الفترة (مثلًا: رواية + كتاب سياسي + كتاب أعمال + كتاب تطوير ذات) والسبب خلف التنويع ببساطة هو الحرص على عدم الشعور بالملل من هذه العادة (التي يجب علينا عدم الشعور بالملل نحوها)، وثانيًا لكسر المفهوم المغلوط حول وجوب قراءة كتاب بعينه حتى الانتهاء منه.
عندما أقول المزيد من الوقت، أقصد تخصيص البعض منه (ساعة مثلًا) كل يوم دون توقف.
ساعة قراءة يومية تكفيك للانتهاء من قراءة ٥٠ -٧٠ صفحة … لتقودك إلى الانتهاء من كتاب كامل متوسط الحجم خلال عدة أيام، ومنها للكثير الكثير من الكُتب خلال العام.
شخصيًّا أعشق مرافقة الكتاب لي طيلة اليوم.. فأنا أقرأ من جوالي على تطبيق كِندل، وأقرأ في غرفة المكتب في منزلي كُتبًا ورقية، وفي غرفة النوم أقرأ على جهاز كِندل (PaperWhite)، وأستمع للكُتب الصوتية على تطبيق أوديبل أثناء تواجدي في السيارة أو عند قيامي برياضة المشي. ولا أتفق مع الأشخاص الذين يرفضون محاولة القراءة بهذه الأدوات أو الأشكال المختلفة عوضًا عن الُكتب الورقية!.. لأنني ببساطة كأي شخص طبيعي أفضل الكُتب الورقية عن الإلكترونية والصوتية، لكن تظل أهمية عادة القراءة هي المحرك الوحيد الذي يقودني إلى تلك الحالة التي أستطيع فيها قراءة كتاب كامل على جوالي دون ملل، فكل عادة جديدة -بما فيها قراءة الكُتب الإلكترونية- تواجه رفضًا داخليًّا من أي شخص، ومن ثم تتحول إلى شيء محبب إلى النفس مع الوقت.
كُنت لا أُحب الكُتب الإلكترونية بطبيعة الحال، والآن أصبحت أستمتع بها كثيرًا.. أيضًا مع الوقت. وبالنسبة للكُتب الصوتية، أصبحت بالنسبة لي أسرع وأسهل طريقة للانتهاء من الكُتب الصعبة أو التي تحتوي على تفاصيل روائية كثيرة. يوجد الكثير من الكُتب التي لا يمكن لك الإستفادة منها بشكل كامل إلا بطبعتها الورقية، وفي المقابل أجد أيضًا أن هناك الكثير من الكُتب التي لا تستحق تخصيص١٠٠٪ من وقتك لتركز فيها، ولذا أجد الاستماع لها بصيغتها الصوتية من أفضل الحلول التي لن تُصيبك بتأنيب داخلي بعدم إتمامك قراءة الكتاب.
أهم ميزة للكُتب الورقية بالنسبة لي هي إحساسك بالإنجاز عندما تنتهي من قراءة العديد من الصفحات، إضافة لسهولة مراجعتك لملاحظاتك إن كُنت من الأشخاص الذين يعشقون التدوين والشخبطة أثناء القراءة، وبالتأكيد في الإحساس برائحة وملمس الورق. على كُل حال تظل الُكتب الورقية في نظري هي التكنولوجيا الأفضل لممارسة عادة القراءة.
لكن دعني أعترف أن هُناك مميزات أُخرى لا يوجد لها مثيل في الكُتب الإلكترونية وتحديداً على تطبيق وأجهزة كيندل، أولها بالطبع سهولة الوصول لأي كتاب تريده بضغطة زر، إضافة لسهولة التنقل بحوزة المئات من الكُتب على جهاز صغير (كيندل، آي باد إلخ.). ما أريد في الحقيقة أن أُلفت نظرك تجاهه (خصوصًا إن كُنت تحب قراءة الكُتب الإنجليزية) هي بعض المميزات الأخرى التي لن تستطيع بسهولة الحصول عليها عند قراءتك للكتب الورقية أهمها:
التعريف الفوري للكلمات: بمجرد تحديد الكلمة التي تُريد تعريفها.
تلخيص كل الملاحظات والتحديدات على صفحة واحدة: عند زيارتك لحسابك على موقع أمازون كيندل.
خدمة الـ Whisper-sync من أمازون: وهي ببساطة إمكانية التنقل بين الكُتب الصوتية والإلكترونية، دون ضياع آخر مكان وصلت إليه في قرائتك.
الاستماع للموسيقى أثناء القراءة: طبعاً سيسهُل هذا الأمر إن قرأت واستمعت في نفس الوقت من خلال نفس الجهاز (وبالمناسبة إن لم تُجرب الاستماع لموسيقى أثناء القراءة، أنصحك أن تُجرب في أقرب فرصة ومن الأفضل أن تكون الموسيقى دون كلمات.. ثق بي.. تجربة جميلة حقًّا).
سأختم هنا بفكرة حول مفهوم قراءة الكثير من الكُتب.. «الكثرة تولِّد الجودة»، فلن تستطيع الوصول للكُتب القليلة التي ستُغير حياتك طالما لم تمر على الكثير من الكُتب السخيفة أثناء الطريق! هناك الكثير من الكُتب التي لم تُكتب لي، بل كُتبت لك والعكس صحيح. وأجد قراءة الكثير من الكُتب هي الطريقة الوحيدة التي ستُسهل مهمة اكتشاف المتعة الحقيقية خلف هذه العادة إضافة للوصول إلى الكلمات التي ستُغير حياتك.