مشاركات الأعضاءمقالات فكرية

من هو الإله.. وهل دينك هو الدين الصحيح ؟!

من هو الإله.. وهل دينك هو الدين الصحيح ؟! – ليث عبد المالك المنذري

1)نعيش لوحدنا في مكان صغير نسبيا ضمن كون واسع وكبير جدا.
2)كجنس بشري لا يوجد هدف حقيقي لحياتنا او وجودنا
3)البشر مازالوا غير قادرين على تنظيم الحياة بالشكل المناسب وجعل الاقامة المؤقتة لكل فرد منا تستحق ان تعاش

هذه النقاط الثلاث تمثل معطيات مجردة عن حياتنا ووجودنا، فنحن كبشر نعيش في مكان صغير ضمن كون كبير محاصرين بمفهوم الزمان والمكان، نولد بغير اختيارنا لنعيش فترة مؤقتة يكون هدفنا منها البقاء والتكاثر من غير اي هدف حقيقي نتجه له كجنس بشري او سبب ملموس لحياتنا ووجودنا، هذا بالاضافة الى العامل الاخر المتمثل بفشلنا بادارة حياتنا فالحروب والنزاعات والجوع والفقر ماهو الا دليل على فشل الانسان بتنظيم هذه الحياة باعتبارنا نحن من نسير الامور في حياتنا وان نظام الحياة ككل والطريقة التي تسير بها حياتنا هي من صناعتنا نحن البشر ونتيجة لمفاهيمنا واختياراتنا لذلك فان هذه الحياة القاسية بحروبها وفقرها وظلمها هي اكبر دليل على فشلنا (كجنس بشري بالطبع).

ان هذه المعطيات تجعل حياتنا غير منطقية بل تجعلها اشبه بالوهم لذلك لابد من وجود عامل اخر يجعل حياتنا ووجودنا شيء منطقي وهذا العامل لابد ان يكون قوة اكبر منا تكون هي السبب في وجودنا ولوجود الكون ككل، قوة لا تخضع لقوانين الفيزياء، قوة قادرة على الادراك بوعي اكبر من وعينا تعطي سبب لوجود الوعي اساسا، بالطبع القوة هذه وحسب المفهوم الحياتي هي الرب او الاله.

تعطينا العلوم الصرفة كعلم الاحياء والفيزياء والفضاء تفاسير ونظريات عن وجود الحياة ونشأة الكون كنظرية التطور والانفجار العظيم بادلتها القوية وتفاسيرها العلمية التي تجعلها واجب التصديق والاخذ بها، وبالطبع فالعلم لا يمكن الا ان نصدقه.

بهذه النظريات والعلوم سنصل الى نتيجة عدم وجود الاله فلا حاجة لوجوده في ظل معرفتنا بالطريقة التي نشأ الكون بها و نشوء الحياة بهذا الكون فالعلم يعطينا طريقة ووصف لوجودنا لا يحتاج لوجود الاله، لكني هنا استند على علم المنطق لوجود الاله، بالطبع المنطق شيء نسبي ولكل منا منطقه الخاص واتجاهه الخاص، وانا هنا بالطبع امشي باتجاه واحد فقط.

إذن، من هو هذا الإله؟

يعبد البشر الهه مختلفة حسب دينهم و معتقدهم، الالهه هذه لا تختلف بالتسمية فقط بل تختلف بالصفات والوصف فلكل دين او معتقد منظوره الخاص عن الرب بل لكل شخص منظوره ايضا وحتى من لا يؤمن بوجود الرب فهو ايضا له تصوره الخاص عن الاله لكنه فقط لا يراه موجود بشكل حقيقي، وفي ظل عدم وجود اي اتصال فيزيائي مع الرب فمن هو الرب من بين هذه الالهة؟هل هو زيوس ام الله ام يهوه ام وحش السباكيتي الطائر؟ وما هي صفاته من بين كل هذه الصفات الموجودة في الاديان والمعتقدات او في المنظور الشخصي للاشخاص؟

يمكن القول ان الرب هو كل هذه الالهه وهو في نفس الوقت لا احد منهم، فمن الممكن ان نكون نتجه لنفس الرب لكن بتسميات مختلفة ورؤية مختلفة وفي نفس الوقت هو لا يشبه اي شيء مما نتصور عنه، لتوضيح الفكرة ساستخدم مثال بسيط (مثال وليس مقارنة) الصخرة الصغيرة تسمى عند العرب (حجر) وبالانكليزية (stone) وبالاسبانية (piedra) وهكذا حسب اختلاف المكان واللغة يتغير الاسم وكذلك المفهوم والاستخدام لهذه الصخرة مختلف وكل يراه بشكل مختلف عن الاخر، لكننا في نهاية الامر نقصد نفس الحجر رغم كل الاختلافات، نحن نعطي تسمية لها متناسب مع لغتنا ومفهوم متناسب مع تفكيرنا وبيئتنا وغيرها من العوامل لكننا لا نستطيع ان نعرف الصخره هذه من منظورها الخاص هي!! كذلك الرب نحن نراه بمنظورنا وليس بمنظوره هو .

أي دين هو الدين الصحيح؟




الدين هو منظومة اخلاقية وتنظيمية وجوده ضروري بسبب حقيقة ان البشر غير قادرين على تنظيم حياتهم بشكل مناسب، نعم يبدو الدين في ضاهره هو عبادة للاله او تسليم له لكن في الجوهر هو منظومة اخلاقية هدفها تقويم الانسان، في قصة يذكرها باحث الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي عن اعرابي يعيش في الصحراء كان لم يسمع عن الاديان شيء فتوجه له رجل دين يهودي ومبشر مسيحي وداعية مسلم كل يحاول هدايته الى دينه وبعد انتهاءهم وعندما جاء وقت الاختيار قال هذا الرجل جملة لخصت الاديان كلها “يابني ادم صير خوش ادمي” ياابن ادم كن جيدا.

لا يمكن انكار حقيقة ان الدين صدفة جغرافية واجتماعية والغالبية العظمى من البشر يرثون دينهم من اباءهم ومجتمعهم وبالطبع كل يرى دينه هو الصحيح وكل يرى الحقيقه معه بل وكل البراهين المنطقية في نظره، اذن اي دين هو الصحيح؟

ان فكرة وجود دين صحيح دون غيره وحصر الحقيقة في دين واحد هي فكرة غير مقبولة وغير منطقية بحد ذاتها فبالاضافة لنسبية الحقيقة فان الطريقة التي نحصل بها على ديننا والجوهر المشترك لاغلب الاديان تجعل كل دين هو صحيح بطريقته الخاصة، فطالما يكون هذا الدين اساسه اخلاقي وتنظيمي وتهذيبي للنفس البشرية فهو منهج صحيح.

الموت وما بعده

قد لا نكون متأكدين من اي شيء في حياتنا ولا نملك المعرفة عن ما سنواجهه في حياتنا الا الموت فهو المصير الحتمي لجميعنا، حقيقة لا يتقبلها اغلبنا ونحاول يائسين ان نتفاداها او على الاقل نؤخرها لاطول فترة ممكنة.
لو نظرنا الى الموت بصورة تجريدية نجده هو من يعطي للحياة معنى وفي نفس الوقت يجعل حياتنا بلا معنى!! فلو تخيلنا ان الموت غير موجود واننا كبشر خالدون في هذه الحياة عندها سنكون حرفيا محبوسين بمكان بلا زمان ولا هدف لحياتنا ولا معنى، وان وجوده يجعل كل مانفعله في حياتنا ايضا بلا معنى فنحن سنموت ونترك كل شيء وراءنا ومهما تفعل او كيفما تعيش فانت ستواجه نفس المصير الذي يواجهه الكل وستموت.

السؤال الان ماذا بعد الموت، ان حقيقة عدم وجود اي اتصال بيننا وبين شخص جرب الموت تجعلنا غير قادرين على الاجابة على هذا السؤال، توعدنا اغلب الاديان بحياة بعد الموت

تناسخ الارواح او الجنة والنار او الجلوس مع اودين في القاعة الكبيرة للاكل واعادة المعارك، لا يمكن ان نحدد ايهم صحيح(نعم قد ترى احد الخيارات اكثر منطقية من الاخر لكن المنطق شيء نسبي وما تراه انت كشيء منطقي لا يعني بالضرورة ان يكون منطقيا لشخص اخر)، وحتى الجنة والنار التي تقول بها الاديان السماوية فنحن لا نعرف كيف تبدو وكيف سنبدو نحن بها، هل الوعود بالانهار والاشجار والحياة الابدية في النعيم للاشخاص الجيدين والعذاب الشديد بنار اشبه بنار البراكين للسيئين هي شيء حقيقي ام تعبير مجازي، وهل الجنة مثلا مكان اساسا فمن الممكن ان تكون مجرد شعور بالراحة!! لا يمكن ان نجزم ومهما يكن فلا يهم، المهم هو ان نلتزم بمنظوماتنا الاخلاقية ونجعل اقامتنا القصيرة في الارض تستحق ان تعاش حتى وان لم يكن هناك مكسب او مقابل لهذا بعد الموت فالمهم هو ان نكسب حياة جيدة في الدنيا.

ــــــــــــــــــــــــــــ

هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي فريق المكتبة العامة

Public library

موقع المكتبة العامة يهتم بنشر مقالات وكتب في كافة فروع المعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى