مشاركات الأعضاء

سيكولوجية الأنثى في الحب.. لماذا تصبح مخبولة ؟! – بقلم: حمودة إسماعيلي

هو : تنبغيك (أحبك).
هي : إوا عاودها لمك (قلها لأمك).

ليس الأمر تعبيرا ساخرا، بقدر ما هو مقاربة واقعية. الأنثى عندما تشعر بتورطها العاطفي ترد على معطيات الحب بمدلولات غبية وتهجمية. أما دون ذلك، فردها الطبيعي/العادي المؤدب فيأتي – كإعادة صياغة للموقف :

هو : تنبغيك (أحبك).
هي : c gentil frère (لطف منك أخي).

الأنثى في الحب “يكاد ينطقها الشوق ويخرسها الكبرياء” كما يقال. يذهب الناس مع الصورة التي يروجها الإنتاج التلفزيوتي حيث البطلات يذوبن قلوب المتفرجين بكلام الحب والشوق والتعاطي الحواري مع العشيق، إنها مجرد تخاريف صورية، غالبا ما يبني كاتب السيناريو، دراما العلاقة العاطفية على سياق الروايات، حيث فيها يجد الروائيون مرتعا لفك جماح خيالهم عن العلاقات الحبانية الشبيهة بعلاقات الآلهة وأشباه الآلهة في الملاحم اليونانية، وأغنيات الآلهات السورية لجلب الشريك. في الواقع الأنثى لا تشبه منار أو فريحة ! إن أكثر وأجمل وألطف ما يمكن أن تقوله الأنثى في حالة غرام هو aussi (أنا أيضا) بشكل خجول ومخبول أحيانا.

سيعترض البعض، ماذا عن الرسائل العالمية المتبادلة بين العشاق ؟ الإجابة بسيطة، هناك اختلاف بين الافتراض، أي الثقة خلف شاشة الهاتف/لابتوب أو أمام الورقة، حضور الحبيب أمام الأنثى يخل بتوازنها، لهذا هناك فرق كبير، زيادة على أن الرسائل العالمية والمشهورة هي بالغالب تعود لشخصيات تشتغل بمجال الأدب، ما يعني ألفة الفصاحة والتعبير. لكن جرب مواعدة شاعرة، ستكتب لك أجمل كلمات الغرام، لكن عندما تقابلها ستبتلع لسانها، وتصير مجمل ردودها ههههه هههه هههههههه تضحك بلا سبب من قلة الأدب. الأكثر من هذا، كل كاتبة تنشر كلاما عن الحب وقصائد عشق، لكن يستحيل أن تقول إنني كتبتها لأجل حبيبي سمير أو خالد – ممكن أن تكون مجنونة لكن ليس إلى هذه الدرجة ! هن يقصدن حبيبهن أو شخصا معينا في السر، لكن في العلن هن يكتبن على كائن خرافي : أصلا نصف إنسان/حصان لا تحاول البحث عنه أو استجوابهن. بعكس الذكور، لا يجد حرجا في عنونة كتابه باسم حبيبته : عيناك يا سلمى يا بنت فرغلي التي تسكن بجانب محل جزارة البركة !

السبب في التباين هنا، يعود لتربية تكيفية تضرب في القدم؛ الرجل مفصح بطبيعته، الأنثى كتومة. والأنثى (حسب التربية والثقافة المكتسبة) التي تفصح بحبها أو تتجاوب عيني عينك مع العشيق، تعاني من فيروس في الدماغ !

الذكر لا يواجه مشكلة في الحب مقارنة بالأنثى، إذا أحب سيحاول أن يوصل مشاعره لها مهما كانت الطريقة حمارية أو غبية، أقله لو كان خجولا لن يرفع عينيه عليها، تصبح عيناه عند ظهورها أمامه “طائرة بدون طيار”. الأنثى لا ! إذا أحبت ينقلب كونها، لأن الحب هو حياتها، والرهان كيانها، هي لم تكبر على التفكير كالذكور، تفكير القطار : الذهاب عند طبيب الأسنان، العودة لمشاهدة المباراة لساعتين، الأكل في المحلبة، غذا الاستيقاظ للعمل صباحا… أمور واضحة ومضبوطة فكريا؛ طبعا حتى الأنثى تفكر هكذا وتعمل بنفس الطريقة، لكنها لا تثمنه بنفس الحجم الذي لدى الذكور. الاهتمامات الذكورية هي أمور دخيلة وحديثة (تاريخيا) بعالم الأنثى، تظل هامشية بالمجمل في تركيزها مقارنة بالحب، استثمارها المشاعري لا يجد إطارا يلفه سوى رحاب الحب؛ قد تعمل وتدرس وتفكر بمستوى يوازي – ويفوق حتى – الرجال، لكن غالبا هي خارج الزمن في تخيلاتها وسهوها وأحلامها الوردية؛ ولاحظ أن إدمان الذكور على المسلسلات (الخيال) أمر حديث مقارنة بالإناث، ولا يتعدى الهوس لعبة العروش أو فايكينغ والضجة العالمية التي أحدثاها، دون ذلك خيال الذكور لا يتجاوز كرة مدحرجة بإطار أخضر ومحكومة بالزمن. الأنثى دائما بوجدانها في الحب حتى لو لم تكن تحب، تذوب موسيقيا وتتغزل في صديقاتها.. تأتي أنت بحبك وتدمر هذه الفانتازيا الهادئة !

عندما تحب الأنثى كما سبقت وأشرت، يختلط كونها، لأن واقعها، رؤيتها، انشغالاتها، روتينها سيتغير؛ كيف تتوقع أن يكون تفاعلها طبيعيا وهادئا ومنضبطا ؟ تتناثر الأفكار والتوجسات عندها : يحبني فعلا ؟ ماذا لو كان يمزح ؟ ماذا لو توقف فيما بعد عن حبي ؟ ماذا لو كان يحاول استغلالي/السخرية مني ؟ ربما هو مريض نفسي ؟ لا لا أظن ؟ قاتل متسلسل ؟ منحرف ؟ طبعا فهو لا يخجل ؟ هل أنا أيضا أحب ؟ ربما شعوري مختلط بسبب اختلال توقيت دورة هذا الشهر ؟ ماذا يحبني.. سير قلها لمك !

الحب جنون، أشهر تعبير في العالم؛ يركز الكل في هبل العاشق، ويتناسون أن هبله من هبل معشوقته، التي تصبح مخبولة عندما تطأ قدمها عالم الغرام، إنه كونها الطبيعي مهما بدت غير طبيعية، لذلك قالت فطوم (فاطمة الزهراء رياض) إن صعب عليك فهمها أحبها وستفهمها عبر الحب، فهي (الأنثى) كما أشار روبرت غرين قد تقضي شهورا في تحليل سلوك واحد معين قام به شخص تحبه، تتذمر، تغضب، وحتى تلقي باللوم على نفسها !

هي ليست مخبولة، نحن فقط صدقنا المسلسلات !

Public library

موقع المكتبة العامة يهتم بنشر مقالات وكتب في كافة فروع المعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى