تعرّف على ما يخبِئه عام 2018 في مجال التكنولوجيا
نبذل قصارى جهدنا في هذا الوقت من نهاية كل عام في محاولة لاستراق النظر إلى المستقبل، لنقوم ببناء توقعاتنا عما سيقودنا، ويقوم بإيقاد الابتكار وإشعال نيران التكنلوجيا للعام القادم، إلا إن سرعة وتيرة الابتكار تجعل من التنبؤ بما هو قادم في مجال التكنلوجيا، أمراً فيه شيء من الصعوبة (دون ذكر مقدار الإثارة المصاحبة لذلك)، في وقت ليس ببعيد (رغم شعورنا بعكس ذلك في بعض الأوقات) كان لا بد من وضع رؤيتنا للتحول التكنلوجي في العالم في نقطة من المستقبل البعيد، أما الآن فإننا نشهد تطوراً يجري بسرعة كبيرة لدرجة عدم قدرتك على توقع ما يمكن أن يأتي به الأسبوع القادم، ناهيك عن توقع ما سيأتي في العام القادم؛ فمن عملات رقمية غير مدعومة حكومياً أصبحت ضمن العملات الرائج استخدامها، إلى توفر العربات ذاتية الرَكِنْ بشكل واسع، وصولاً إلى الهواتف الذكية التي باستطاعتها التعرف على وجوه أصحابها.
في ضوء هذا التغيير السريع لا يتوجب على تنبؤاتنا أن تكون محافظة لتصبح معقولة، رغم أن بعض التطور الذي نراه قادماً ليس شيئاً مفاجئاً، فهو استمرارية لما جاء في عام 2017؛ البعض يشير إلى التطور الذي كان يُنظر إليه في السابق كشيءٍ يصعب الوصول إليه ليُلَمِّح أن عالم العجائب الذي صُوِر (أيام زمان) ليس شيئاً بعيد المنال أو قابلاً للحدوث فقط في مجرة بعيدة للغاية.
تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي: يقومان بإعادة تحديد ما هو طبيعي
ازدياد انتشار أدوات ومنصات خوارزميات تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي وسهولة استخدامها، اعتماداً على القابلية الاستيعابية للتخزين السحابي للتدريب الأساسي لخوارزميات تعلم الآلة؛ هذه التقنيات سيكون لها تأثير ضخم على طريقة سير عملنا في المستقبل لتغير من أعمالنا وحياتنا، ففي قدرة الآلة على تعلم ما هو طبيعي وما هو غير ذلك، سيزداد اتساع دورها في أتمتة الأشياء وحل المسائل المتعلقة بالتنبؤات (كالطقس وغيرها)، ليصل بها الأمر إلى التعرف وإيقاف أفعال سيئة في سبيل منع الخروقات الأمنية.
صعود نجم العملات المشفرة وتقنية سلسلة الثقة “Blockchains”*
لا بد أنك سبق وسمعت بعملة البيتكوين، إلا إن كنت مختبئاً في مكان ما، فقد تكرر ذكرها فيما لا يقل عن مرة كل خمس دقائق في الأسابيع الماضية، لكن رغم وجود تقبل واسع لها، فإننا لا نزال نرى التأثير الأولي فقط لتقنيات مثل تقنية سلسلة الثقة والعملات المشفرة. سيشهد عام 2018 تطورات مهمة في هذا الحقل، إذ ستتمكن الشركات اللامركزية والموزعة من النهوض مع القليل أو دون الحاجة نهائياً إلى بنية أساسية، وقد يصل الأمر إلى تعطيل عمل العمالقة الحاليين في مختلف المجالات.
المرحلة التالية من حوسبة الحافة (edge computing)
سيزداد الطلب بشكل كبير على تقنية (edge computing) في عام 2018، فمع ازدياد عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت، ستظهر المشاكل مع ازدياد زمن الاستجابة. السحابة “Cloud” (في تقنية الحوسبة السحابية) صُمِمَت من أجل تحميل وليس رفع كمية ضخمة من البيانات، لهذا بدلاً من تدفق كل البيانات إلى السحابة من أجل خوارزمية تُعلم الآلة، ستقوم أجهزة استشعار بالاعتماد على تقنية الـ (edge computing) بالتعلم متى تكون الظروف (طبيعية) ليقوموا بالتفاعل مع غير الطبيعية منها، وسيكون لهذه الخطوة تأثيرٌ كبيرٌ على نقل البيانات الرقمية إضافة إلى الجانب الأمني.
العصر الجديد للعجلات ذاتية القيادة
ستستمر العجلات ذاتية التحكم في تعطيل أسواق كل من مجال وسائل النقل البشرية والزراعة والمجال اللوجيستي والشحن وغيرها. تمثل هذه العربات مراكز بيانات متنقلة على عجلات، ستقوم بمعالجة ما يعادل تيرابايت أو حتى بيتابايت من البيانات التي تلتقطها أجهزة الاستشعار لتقوم بالتفاعل في الوقت الحقيقي مع الظروف المحيطة؛ تسليم البضائع الذاتي إضافة إلى وسائل نقل الركاب ذاتية القيادة أصبحت مشاهد طبيعية في مدن عدة، مثل مدينة بيتسبيرغ حيث قامت شركة (أوبر) بتجربة عجلاتها ذاتية القيادة للمرة الأولى، وإلى باريس والتي تقوم باختبار باصات ذاتية القيادة، لنستمر إلى لاس فيغاس وبوستن، وإلى ولاية أريزونا حيث رؤية عجلات ذاتية القيادة من أوبر أو (وايمو) “Waymo” وشركة “GM” وهي تحوم في حرم جامعة أريزونا، أصبح حدثاً يومياً.
إعادة تعريف الواقع: الواقع الافتراضي “VR” والواقع المعزز “AR” والواقع المختلط “MR”
ستحمل سنة 2018 ضجة أكبر في مجال الواقع المعزز والافتراضي والمختلط، خاصة مع ظهور منتجات وقدرات جديدة مستعدة لغزو السوق، إذ تقوم شركة (ماجيك ليب) بجمع مليارات الدولارات منضمةً بذلك إلى قائمة من منافسيها؛ سبق وأن تم استخدام الواقع المعزز في مجال التحول الرقمي في تطبيقات مختلفة لدعم البناء وإجراء الإصلاحات في الموقع، فقد قامت شركة (سيتريكس) بعرض محطات الواقع الافتراضي مشغلة إياها باستخدام نظارات شمسية اعتيادية في “Synergy”، ومع ازدياد قوة هذه التقنية واتساع سطوتها على أجزاء من عالمنا، سوف تندمج أكثر مع تقنيات العجلات ذاتية التحكم، وخوارزميات تعلم الآلة وحوسبة الحافة (أو النهايات). الآن مع انطلاق اصدار هاتف “IPhone X” وهي مرحلة فاصلة يتم فيها استخدام تقنية التعرف على الوجه بشكل واسع، 2018 سيشهد العديد من تطبيقات الواقع المعززة، الذي يستخدم حالات حركة من مجرد تكهنات إلى الواقع، تتبعها بذلك تقنية الواقع الافتراضي.
إنترنت الأشياء “IOT” يغير طريقة رؤيتنا للرعاية الطبية
سبق ورأينا تأثير تقنية (إنترنت الأشياء) في مجال الصناعات الثقيلة، مثل صناعات الزيت والغاز، من خلال استعمال حساسات تقوم بتجميع البيانات في الوقت الحقيقي لتمكين عملية الأتمتة، وتحسين الرقابة التشغيلية، وتقليل التكاليف. عند اقتراب إعصار (ايرما) من ولاية فلوريدا، قامت شركة (تيسلا) باستخدام تقنية إنترنت الأشياء لزيادة نطاق القيادة الخاص بسياراتها في المنطقة، ذلك عن طريق تحسين أداء البطارية، بهذا أعطت السكان فرصة أكبر للابتعاد عن مسار الإعصار؛ في عام 2018، ستغير تقنية إنترنت الأشياء نظرتنا إلى الرعاية الصحية أيضاً، من خلال جعل تحسين الوضع الحالي للمرضى هدفاً لها؛ ابتكارات مثل تدفق بيانات المريض الحيوية مباشرة إلى سجل الصحة الإلكتروني “EMR” الخاص به، والذي قد يبدو خطوة صغيرة، إلا إنه سيقوم بتقليل الأخطاء وتوفير الوقت (إضافة إلى جني مزيد من المال!)، مُمَكِناً الطبيب من فحص عدد أكبر من المرضى بشكل يومي، ليؤدي هذا الابتكار البسيط إلى ربح كبير للمريض ومؤسسات الرعاية الصحية بشكل عام.
إنترنت الأشياء، بالكاد نعرف قدراته
قريباً سيصبح مصطلح إنترنت الأشياء شيئاً من الماضي، فعلى مدار السنة القادمة، فكرة اتصال جميع الأجهزة بالإنترنت بشكل أوتوماتيكي ستكون أمراً طبيعياً، وستحتاج كل شركة إلى شراء أو تأجير منصة خاصة بهذه التقنية، لتبقى ذات صلة بالواقع الجديد. ستكون المنافسة هي العامل الأساسي في سباق أعمال تقنية إنترنت الأشياء المؤتمتة كلياً تزامناً مع تجديد الموارد وخدمات الـ “autoscaling”، كما ستتواجد عدة شركات ناشئة في هذا المجال، تُركز على تقنيات ستقوم بالكشف عن الأشخاص وسجلاتهم لتلعب دوراً في عملية أتمتة المحتوى في جميع المواقع، ليشمل ذلك البيت والعمل والمقهى وغيرها.
الروبوتات: شخصية (روزي الروبوت) * قد نراها قريباً في الواقع
مع تلاشي الضجة حول تقنية إنترنت الأشياء، ستكون الخطوة المنطقية التالية التي سيقوم القادة الكبار والشركات بتبنيها هي الروبوتات؛ سنرى المزيد من الروبوتات التي تختص بأداء مهام محددة في الأسواق في وقت مبكر من عام 2019. إذا كنت تعتقد أن “Roomba” * هي مجرد مكنسة كهربائية، فعليك التوقف وإعادة النظر للحظة، فهذه النوعية من التقنيات سوف تكون المحرك الأساسي للكثير، من جزازات الأعشاب ومنظفات الشوايات إلى غسيل السيارات. في حين أن مستقبل الروبوتات قد لا يبدو كما هو متصور من قبل البرنامج الكرتوني “the Jetsons” (رغم أنني أرى وجود روبوت مثل روزي أمراً رائعاً)، تقنية الأتمته تستمر بتحويل بيئتنا، وتقوم العجلات ذاتية القيادة بتغيير طريقة تفكيرنا في التنقل كل يوم، كما أن هناك الكثير من الابتكارات لا تزال آتية في الطريق، ستجعل من النسخة المتصورة في برامج الخيال العلمي للمستقبل تبدو مُقصرة للغاية.
* سلسلة الثقة”Blockchains”: الإنترنت الحالي عبارة عن شبكة تصلح لتبادل المعلومات، إلا أن تقنية بلوك تشين تمهد لظهور الجيل الثاني من الإنترنت الذي سيتحول إلى شبكة من الثقة تسمح بتبادل المعلومات بخصوصية أعلى، وتتيح التبادلات التجارية والمالية دون الحاجة إلى مؤسسات وسيطة (كالبنوك وغيرها).
* روزي الروبوت: شخصية كرتونية لروبوت تقوم بدور الخادمة للعائلة.
* رومبا (Roomba): روبوت مصمم خصيصاً ليعمل كمكنسة كهربائية مزود بأجهزة استشعار تمكنه من أداء مهامه.
المصدر: المشروع العراقي للترجمة