مقالات تاريخية

إذا أردت أن تعرف حقيقة ما حدث في حرب أكتوبر، إليك مذكرات 5 من قادة حرب أكتوبر

ثمة حروب لا يمكن أن ترى التاريخ بدونها، وتعتبر حرب أكتوبر بالنسبة لمصر وللوطن العربي كله من بين هذه الحروب المحورية، فقد استعادت كرامة منتزعة، وحطمت أساطير صدقها العالم بفعل الدعاية المغلوطة، وللتعرف على تفاصيل هذه الحرب، يعرض لك هذا المقال مجموعة من المذكرات 5 من قادة حرب أكتوبر.

 

ليس هناك مثل من شاركوا في التجهيز والتخطيط لحرب أكتوبر وما كتبوه من تفاصيل في مذكراتهم يجعلنا على اطلاع عميق بتفاصيل هذه الحرب.

  • 1- مذكرات المشير محمد عبد الغني الجمسي (1921- 2003)

     

يروي الجمسي في مذكراته الكثير من التفاصيل عن حياته وعن حرب أكتوبر وعما عاصره من أحداث سياسية، فنجده في ذكراته يحكي عن كيفية تلقيه لخبر ترقيته لرتبة مشير فكان قد حصل على تلك الرتبة عام 1980 ليكون ثالث قائد عسكري مصري يحصل على هذا اللقب، بعد المشير عبد الحكيم عامر والمشير أحمد إسماعيل، مؤكدًا خلال كتابه أنه كان سعيدًا أكثر برتبة الفريق التي حصل عليها بعد تكريمه في مجلس الشعب عقب الحرب.

ونلاحظه من خلال كتابته عما بعد حرب أكتوبر يعتب على الرئيس السادات اختياره يوم 5 أكتوبر 1978 لإنهاء خدمة عدد من القادة العسكريين الذين شاركوا في حرب 73، وكان الجمسي واحدًا منهم، حيث شعر أن الرئيس السادات اختار هذا الموعد بالتحديد ليكون القادة الأساسيون في تلك الحرب بعيدين عن مراسم الاحتفال بنصر أكتوبر في ذلك العام، وهو نفس العام الذي قرر فيه السادات تغيير اسم “وزارة الحربية” إلى اسمها الحالي “وزارة الدفاع”.

كما نجد في مذكرات الجمسي عن تلك الفترة وخاصة بعد توقيع مصر لمعاهدة كامب ديفيد أنه تراءت له حقيقة واضحة، وهي أن حرب أكتوبر ليست آخر الحروب بين مصر وإسرائيل.

وبشكل عام فإن مذكرات المشير الجمسي تتسم بالكثير من المصداقية والدقة في سرد الوقائع التي عاشها الكاتب خلال حياته وارتباطها بالحدثين الكبيرين، وهما: نكسة 1967، وحرب أكتوبر 1973، فلا يجد القارئ في تلك المذكرات الوقائع والأحداث المشوقة التي تضفي عناصر درامية إلى الكثير من المذكرات بقدر ما يجد سردًا مفصلًا وواضحًا.

عين الجمسي منذ تخرجه من الكلية الحربية عام 1939 في الكثير من المناصب العسكرية الرفيعة والهامة قبل أن يتولى رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة عام 1972 قبيل حرب أكتوبر. وظل في هذا المنصب حتى عين بعد حرب أكتوبر بشهرين رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة، وفي نهاية العام التالي عين الجمسي وزيرًا للحربية وظل في المنصب حتى عام 1978.

تخرج خليل، وهو من أبناء محافظة المنيا، من الكلية الحربية عام 1941، وشارك في الفترة بين 1948 وحتى حرب أكتوبر عام 1973 في كل من حرب فلسطين وحرب اليمن والعدوان الثلاثي على مصر، ثم النكسة وحرب الاستنزاف.

تولى خليل عددًا من المناصب العسكرية، حيث بدأ بمنصب قائد الكتيبة 53 مشاة وتدرج في مناصبه العسكرية حتى تولى منصب قائد المنطقة المركزية العسكرية أثناء حرب أكتوبر 1973، ثم عين قائدًا للجيش الثاني الميداني.

بدأ اللواء عبد المنعم خليل في نشر مذكراته من خلال حلقات في جريدة الأنباء الكويتية تحت عنوان “حروب مصر في أوراق قائد ميداني” عام 1989، وتولت دار المستقبل العربي نشر المذكرات في كتاب بعد جمعها تحت نفس العنوان، ثم أعاد عبد المنعم خليل كتابة مذكراته لتكون أوسع وأشمل وأعمق، وبالفعل نشرت مذكراته عن المكتبة الأكاديمية عام 1995، تحت عنوان “في قلب المعركة”، وتعد مذكراته – البعيدة جدًّا عن الذاتية- مرجعًا هامًا لحرب أكتوبر 1973.

وما يزيد الكتاب أهمية هو عرض اللواء عبد المنعم خليل لبعض الحقائق الهامة عن تاريخ الجيش الإسرائيلي ثاني أقدم الجيوش في المنطقة بعد الجيش المصري، وجمعت تلك الحقائق بتفصيلاتها في أحد أبواب المذكرات بعنوان “إعداد القوى الصهيونية لإقامة دولة إسرائيل”.

  • 3- مذكرات الفريق يوسف عفيفي: أبطال الفرقة 19 (1927)

تخرج يوسف عفيفي، من الكلية الحربية عام 1948 وهي الدفعة التي جمعته بشمس بدران والمشير بدوي والفريق أول يوسف صبري أبو طالب، وتدرج عفيفي في مناصبه العسكرية في الفترة بين 1951 حتى 1973، حيث عمل كقائد لفصيلة مشاة في فلسطين والخرطوم ثم مدرس بمدرسة المشاة، حتى اختير كقائد لفرقة 19 مشاة في يناير 1972 وهي الفرقة التي قادها في حرب أكتوبر 1973، وعبر بها من السويس إلى سيناء ضمن فرق المشاة الخمس التي كانت مكلفة بالعبور.

وكانت الفرقة 19 مشاة هي موضوع مذكرات عفيفي، حيث روى اللواء عفيفي مذكراته عن حرب أكتوبر من خلال قيادته لتلك الفرقة، ونشرت تلك المذكرات عن دار الصفوة عام 1992 تحت عنوان “أبطال الفرقة 19 مقاتلون فوق العادة”.

وقد تلقت الفرقة 19 مشاة أهمية خاصة وإعجابًا لما قدمه جنود تلك الفرقة من مجهود رائع أثناء هجومهم الواسع على تحصينات الجيش الإسرائيلي، حتى أن اللواء عفيفي بعد حرب 1973 أقام معرضًا للأسلحة التي استولت عليها فرقته أثناء الحرب.

وتولى اللواء يوسف عفيفي عددًا من المناصب بعد الحرب منها قائد الجيش الثالث الميداني وقائد للجيش الثاني الميداني، حتى وصل إلى منصب محافظ البحر الأحمر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ثم في عام 1990 أصبح محافظًا للجيزة.

لم يركز العميد عادل يسري على فترات حياته العسكرية كلها، ولكنه آثر أن يركز على دوره في حرب الاستنزاف ثم حرب أكتوبر المجيدة، التي فقد فيها ساقه. صدرت مذكرات العميد عادل يسري في وقت مبكر بعد انتهاء الحرب، حيث نشرت عام 1974 عن دار المعارف تحت عنوان “رحلة الساق المعلقة من رأس العش إلى رأس الكوبري”.

ويستهل يسري مذكراته بمقدمة كتبها له المشيرأحمد إسماعيل الذي توفي قبل نشر المذكرات، ويروي يسري أنه تولى قيادة أحد ألوية الجيش المصري أثناء حرب أكتوبر الملقب بـ”لواء النصر”، وقبل توليه لهذا اللواء كان قائدًا للكتيبة السابعة مشاة، والتي قامت باجتياز عدد من المعارك المشرفة في حرب الاستنزاف منها معارك رأس العش والبلاح وغيرها، ويورد يسري تفصيلًا لدور كتيبته في تلك المعارك.

ويذكر أنه بعد فقدان اللواء عادل يسري لساقه أثناء الحرب، حصل على وسام نجمة سيناء وهو أعلى وسام عسكري مصري، كما اهتم بشأنه الغرب، خاصة بعد أن قررت مصر إرساله للعلاج في ألمانيا الغربية، حيث قطع التلفزيون الألماني إرساله ليعلن خبر عاجل عن وصول البطل المصري عادل يسري لتركيب ساق صناعية في ألمانيا، حتى أطلقت عليه ألمانيا لقب “الجنرال الراقص” حيث استطاع يسري الرقص على ساق واحدة لمدة طويلة. ويشار إلى أن العميد عادل يسري اختير نائبًا لرئيس الاتحاد الدولي للمحاربين القدامى.

يتناول الفريق سعد الدين الشاذلي في مذكراته المناصب التي تولاها، والأحداث التي عاصرها منذ أن أصبح رئيسًا للأركان في الجيش المصري عام 1971، حيث عين في هذا المنصب خلفًا للفريق محمد فوزي متخطيًا بذلك الكثير من الشخصيات الذين هم أقدم منه في المؤسسة العسكرية، حتى أن الرئيس السادات أمر باعتقال الفريق محمد فوزي فور إعلانه تولي الشاذلي للمنصب، وكان الشاذلي قد اختير للمنصب أثناء ما يعرف بثورة التصحيح التي قادها السادات -بمعاونة بعض الشخصيات السياسية في الدولة- ضد كل معارضيه في أجهزة الدولة عام 1971، وهي الحركة التصحيحية التي عبر عنها الفريق الشاذلي في مذكراته بلفظ “انقلاب”.

وروى الفريق الشاذلي في مذكراته ملابسات الخلاف بينه وبين السادات في أثناء حرب أكتوبر، والذي بدأ في الأساس منذ أبريل عام 1973، حينما طرح وزير الحربية حينها تطوير خطة هجوم القوات المسلحة المصرية لتشمل الاستيلاء على المضايق، ومعارضة الشاذلي لهذه الخطة التي الهدف منها في الأساس هو إقناع الجانب السوري بدخول الحرب جنبًا إلى جنب مع الجانب المصري، حتى وقعت الحادثة التي تعرف بـ”ثغرة الدفرسوار” وحينها قرر السادات إقصاء الشاذلي من موقعه وتعيين المشير الجمسي رئيسًا لأركان حرب الجيش المصري بدلًا منه.

بعد هذا الخلاف بين السادات والشاذلي أثناء حرب أكتوبر، عين الشاذلي سفيرًا لمصر في بريطانيا عام 1974، وهو ما يعبر عنه في مذكراته بأنه لم يكن راضيًا عن ذلك، وتلقى الشاذلي في تلك الفترة لوم إسماعيل فهمي وزير الخارجية المصري على تصرفات فردية قام بها الفريق، ووصفها فهمي بأنها تخرج عن حدود الالتزام.

وقد واجه الفريق سعد الدين الشاذلي أحكامًا عسكرية تصل لثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة، وذلك بعد نشره لمذكراته، ووجهت له تهمة إفشاء أسرار عسكرية، ويتجلى ذلك في حديث الشاذلي عن خطط الجيش المصري في حرب أكتوبر 1973 وتفصيله لبعض المعارك خطوة خطوة. ومن الجدير بالذكر أن الشاذلي خلال مذكراته عرض مساوئ حكم السادات، ولام كل من عملوا تحت رئاسته.

المصدر

هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر عن رأي فريق المكتبة العامة.

Public library

موقع المكتبة العامة يهتم بنشر مقالات وكتب في كافة فروع المعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى