مقالات تعليميةمميز

أفضل 5 كتب تقدم لك الرياضيات ببساطة

كتب تقدم لك الرياضيات ببساطة ، كانت الرياضيات هي المادة الدراسية الأعقد في فصولنا، والتي طالما تسببت في كوابيس مرعبة للعديد من الطلبة، حيث يحبها الجميع ولكن يخافون منها بنفس القدر، لذلك سوف تجد أنها أحد أقل الجوانب المعرفية التي تلقى إقبالا حتى على مستوى القراءات العامة غير المتخصصة، بينما تجد الفيزياء مثلا -والتي لا تختلف كثيرا في مدى تعقدها- تلقى درجات أعلى من الاهتمام.

أفضل 5 كتب تقدم لك الرياضيات ببساطة

توجد عدة أسباب تفسر تلك المشكلة، أولها أن الفيزياء تتعلق في الواقع بدرجة أكبر بمواضيع كالثقوب السوداء، أو الأكوان المتوازية، أو النسبية العامة، تلهب خيالنا بحكايات ربما تتخطى حدود الخيال، في المقابل لا يمكن بسهولة تحويل موضوعات متعلقة بنظرية الإعداد -مثلا- أو الهندسة التفاضلية إلى صورة مشابهة بنفس البساطة، لهذا السبب لا تجد الكثير من كتب تبسيط الرياضيات إذا قمت بمقارنتها بكتب تبسيط الفيزياء للجمهور.

عالم مجرد

لا شك أن التعرف على عالم الرياضايات واحد من أمتع التجارب التي يمكن أن تخوضها في حياتك، خاصة أن تعلم الرياضيات، في صورة مبسطة، يفتح لك بابا لفهم آليات التفكير الرياضياتي المجرد، وهو ما قد يفيد كثيرا في تشكيل وعيك، وتوسيع أفقك حد السماء، وهنا يجب أن نشير أن ما نقدمه في هذا التقرير ليست كتبا أو مساقات تتعامل مع الرياضيات بشكل مدرسي تعليمي، ولكننا نقدم لك الرياضيات من وجهة نظر تثقيفية، علما بأن كل شخص من مستوى المرحلة الثانوية يمكن له ببساطة أن يبدأ مع تلك المصادر، لفهم ما تعنيه الرياضيات بالأساس.

هنا نبدأ بفيديو قصير على قناة “نطاقات العلم” (Domains of Science) باليوتيوب؛ يتميز بسهولته وله ترجمة عربية جيدة، يشرح لنا ما نسميه بـ”خريطة الرياضيات” (The Map Of Mathematics)، والتي تهدف إلى إعطائك فكرة عامة عن النطاقات المعرفية التي تتخللها الرياضيات، سواء الرياضيات المجرده كنطاق بحثي، أو تداخل الرياضيات مع نطاقات عدّة، كالاقتصاد، والفيزياء، والبيولوجيا … الخ.

وما يفيد حقا في هذا الفيديو هو أنه يعطيك صورة كاملة عن الرياضيات، ويربط لك الموضوعات المتعلقة بها ببعضها البعض ضمن ثلاثة من النطاقات الهامة، وهي الرياضيات كمجال للبحث في موضوعات بعينها، والرياضيات التطبيقية، وأصول المنطق الرياضي، حيث تبني الرياضيات بالكامل نفسها على مجموعة من المسلمات والبديهيات؛ والتي نفترض صحتها بدون الحاجة إلى اثباتها، كالقول مثلا إن الخط المستقيم لا نهاية له، أو أن كل الزوايا القائمة متطابقة. والآن؛ إلى الكتب ..

الرياضيات للفضوليين

لنبدأ معا بكتاب تقول مقدمته “إن غرض هذا الكتاب هو الاستمتاع”، وهي جملة مريحة لشخص لم يتعرف إلى كتاب عن الرياضيات من قبل، وفي الحقيقة يحاول بيتر هيجنز -أستاذ ورئيس قسم الرياضيات في جامعة إيسيكس، ومؤلف كتابنا الأول “الرياضيات للفضوليين”- أن يجذبك للقراءة عن الرياضيات بشتّى الطرق الممكنة، فمرة يسألك عن عدد المباريات الممكنة في بطولة التنس، ومرة حول الزمن المطلوب من أجل بناء جسر ما، ثم بعد ذلك يدخل بك- -من خلال أسئلة بتلك البساطة- إلى عالم الرياضيات الواسع ونظرياته المعقدة.

يستخدم هيجنز الصيغ الرياضياتية بحذر شديد، فهو من أحد الجوانب يشعرك أنك قادر بالفعل على موضوعات وصيغ كتلك، ومن جهة أخرى يتجنب الملل قدر الإمكان بحيث لا تنفض سريعا عن كتابك، ويتمكن بسلاسة ويسر -لكن ليس في كل الأحيان- من الولوج بك إلى موضوعات غاية في الأهمية والعمق عبر صيغ بسيطة، أضف إلى ذلك أنه يكثر من طرح الأسئلة بين طيّات كتابه، ما يفتح لك الباب أنت أيضا للتساؤل، وإن كان كل ما سوف تحصل عليه بعد الانتهاء من هذا الكتاب هو حزمة من الأسئلة، فذلك ممتاز.

يبدأ هيجنز رحلته من مجموعة أسئلة مثيرة للانتباه تجذبك مباشرة للاستمرار قليلا معه، والاستماع له كأنه يحاورك، ثم بعد ذلك ينتقل إلى فصل مثير للانتباه عن أهمية وخصائص الكسور، يوضح من خلاله أهمية أن نحاول بعمل حساباتنا عبر أدمغتنا وتجنب الآلة الحاسبة كلما كان ذلك ممكنا، بل ويسهب في الإجابة عن السؤال الشهير “لماذا علي أن أقوم بذلك بنفسي طالما أن الآلة الحاسبة موجودة؟”، بعد ذلك ينتقل بشكل ماجئ وممتع في تنوعه إلى بعض الحيل الهندسية، ثم إلى عالم “الأعداد” وخصائصه، ثم الجبر؛ وهو ربما أحد أهم الفصول في هذا الكتاب، ثم من جديد يعود إلى الأسئلة من نوعية “ما هي فرص حصولك على اليانصيب”، مرورا بعدة موضوعات منتقاة بعناية شديدة كالمتسلسلات، الاحتمالات، النسبة الذهبية … إلخ.

للكاتب أيضا مؤلف غير مشهور عربيا رغم أهميته وجودته؛ وهو “الأعداد: مقدمة قصيرة جدا”، ضمن سلسلة “مقدمة قصيرة جدًا” الرائعة؛ والتي قامت مؤسسة هنداوي المصرية بترجمة مجموعة منها وتقديمها مجانا للقارئ العربي، وهو كتاب يتبحر بشكل أكبر في الفصل الخاص بالأعداد من كتابه السابق، وله عدة مزايا أولاها هي سهولته وصغر حجمه -120 صفحة فقط-؛ بحيث يمكن لك -مع بعض المثابرة- أن تنهيه في ليلة أو اثنتين، والأهم من ذلك كله أن هدف الكتاب الصغير هو أن يجيبك على سؤال لم تكن تفكر بالأساس في أن تسأله رغم أهميته في حياتك، إنه “كيف لا تفكر في الأعداد؟”.

نظرية الببغاء

جميل جدا، مع الكتابين السابقين يمكن لك أن تحرز بعض التقدم في فهم ما تعنيه الرياضيات، لكن الفهم الأفضل لها لا يكتمل -ربما- إلا حينما نتعرف على تاريخها، وهو حقا تاريخ ممتع، هنا يجيء دور كتابنا الثالث والذي يشرح تاريخ الرياضيات منذ قدماء المصريين والبابليين وصولا إلى أعظم إنجازات القرن العشرين، لكن ما إن تفتح هذا الكتاب للمرة الأولى، ثم تبدأ في فصله الأول؛ حتى تعيد النظر أكثر من مرة في عنوانه والكلام المكتوب في الخلفية، حيث تقول المترجمه إن هذا هو كتاب في الرياضيات، لكنك تقرأ رواية على ما يبدو!

نعم، الكتاب هو رواية بوليسية مشوقة تبدأ من حكاية لشخصين يضربان ببغاء، ولذلك عنوان الكتاب هو “نظرية الببغاء”، لمؤلفه دينيس جيدج أستاذ تاريخ العلم بجامعة باريس، وبين ثنايا أحداث الرواية يدخل جيدج إلى تاريخ الرياضيات شيئا فشيئا، وهو لا يحكي لك الأحداث التاريخية فقط، بل يتطرق بدرجة من الثقل إلى النظريات الهامة ويشرحها لك مستخدما العديد من الأشكال والتصاميم والصيغ الممتعة، كل ذلك في إطار حواري بين شخصيات الرواية يشبه إلى حد كبير الكتاب الشهير “عالم صوفي” والذي يشرح تاريخ الفلسفة بصورة قريبة.

وما يميز هذا الكتاب إلى جانب أسلوبه السهل والساخر في الوقت نفسه، هو أن مؤلفه مغرم بتاريخ المدن ووصفها، فتجده يصف الشوارع والبيوت والقصور وكيف تأسست، وتاريخها الحربي إلى جانب حكاياته عن الرياضيات، بما لا يقلل من كم المعلومات الرياضياتية الهامة، فتجد أنك -منذ الوهلة- تعيش تلك الأجواء، وتقلبك الأحداث بين الأزمنة كأنك جزء من هذا التاريخ، ثم -في أثناء ذلك كله- تتلقى بأسلوب مميز جرعات من الموضوعات الرياضياتية الهامة كالأعداد وأنواعها، مرورا بطاليس، إقليدس، وفيثاغورث، وصولا إلى التاريخ الحديث، وموضوعات هامة كالتفاضل والتكامل ونظرة الزمرة والاحتمالات.

أما إذا حاولنا المقارنة بين كتاب هيجنز وكتاب جيدج، فرغم الفارق في طبيعة المعالجة والموضوعات، وضخامة كتاب جيدج (حوالي 700 صفحة في مقابل رفيقه 250 صفحة فقط)، فإن المشكلة بالأساس هي الترجمة، فكتاب “نظرية الببغاء” أسهل كثيرا وأكثر سلاسة، لكن ترجمته صعبة بعض الشيء، فهي مفرطة في الحرفية، في المقابل فإن ترجمات الكتابين الخاصين بهايجنز -رغم صعوبتهما- فإنهما أكثر سلاسة، لكن في كل الأحوال مع الوقت والخوض في تلك الكتب سوف تألف الترجمة.

الرياضيات والشكل الأمثل

دعنا الآن ننتقل إلى نمط آخر مختلف عن سابقيه، ونحتاج هنا أن نوضح أن كتابي “الرياضيات للفضوليين” و”نظرية الببغاء”، معا، يمثلان مقدمة جيدة جدا لكل مبتدئ، أما رفيقنا الرابع في هذه الرحلة فهو كتاب “الرياضيات والشكل الأمثل” لـ”ستفان هيلدبرانت” و”أنتوني ترومبا” وهو لا يبسط الرياضيات في العموم، لكنه يتحدث في موضوع واحد محدد ذي علاقة بنطاق “حساب التغيرات” (Calculus of variation)؛ وهو فرع من الرياضيات يبحث في الصيغ أو التصميمات المثالية التي يتطلبها حل مسائل القيم العظمى والصغرى في الهندسة، والطبيعة أيضا.

لكن لا تقلق، فعلى صعوبة ما كُتب منذ قليل، فإن الكتاب لا يقدم رياضيات معقدة للقارئ، بل يتعمد إثارة انتباه القارئ ذي القدر اليسير من الثقافة الرياضياتية ناحية موضوع غاية في الأهمية وهو التناظر والانتظام في أنماط الطبيعة، وكيف حاول علماء الرياضيات على مر التاريخ أن يفسروا تلك الظاهرة العظيمة، فمن فقاقيع الصابون إلى أجنحة الحشرات مرورا بانتظام الخلايا وهندسة البلورات، يبدي كل شيء في الطبيعة درجة من الانتظام لطالما لفتت انتباههم.

مشكلة الكتاب هو تقعّر ترجمته، والتي لن تكون مقبولة بسهولة للوهلة الأولى، لكن مع الوقت سوف تعتادها وتتفهم الآلية التي مضى بها المترجم في كتابه، ينضاف لسهولة الكتاب عدد ضخم من الصور والتصاميم الهندسية، حتى أنه يمكن أن نقول إن هذا هو أشبه بأطلس مصور ملون في تلك الموضوعات التي يناقشها، وهذا هو أكثر الأشياء متعة فيه، فتلك التصميمات تيسر كثيرًا الخوض فيه، هو بالطبع ليس بسهولة المجموعة السابقة؛ لكنه من السهولة بحيث يمكن لك مع بعض الجهد والبحث أن تتخطاه في فترة ليست بطويلة.

الرياضيات مقدمة قصيرة جدا

من جهة أخرى يمكن لنا أن نختصر كل ذلك التجول حول الرياضيات وما تعنيه حقًا في حوالي مائتي صفحة فقط، وفي كتابين وليس في كتاب واحد، وهما ضمن السلسلة نفسها “مقدمة قصيرة جدا”؛ والتي تحدثنا عنها منذ قليل، الأول هو “الرياضيات؛ مقدمة قصيرة جدا” لـ “تيموثي جاروز”؛ أستاذ الرياضيات بكامبريدج والحاصل على ميدالية فيلدز في الرياضيات، تلك التي تكافئ نوبل في العلوم، وهو حقا مثير للاهتمام، ليس فيما يقدمه من معلومات، فهو يجول في منطقة سابقيه نفسها تقريبا، مع اختلاف قليل، في الموضوعات.

لكن الهدف الأساسي لكتاب جاروز هو أن تتعلم ما يعنيه أن تفكر بشكل مجرد، حتّى أنه يضع فصلا كاملا في التجريد الرياضياتي ويطلب منك أن تبدأ به بصورة ضرورية لكي تفهم ما يليه، وإن تنقلت فيه بعشوائية، وهو كذلك يشرع في إعطاء الكثير من الأمثلة حول هذا الموضوع لينقل لك الفكرة الرئيسية الهامة، وهي أنه لا يهم ما يوجد على أرض الواقع، ذلك هو جوهر الرياضيات، مباراة الشطرنج مثلا؛ هي لعبة منطقية، لا يهم شكل القطع وألوانها، ولكن فقط الأرقام والاحتمالات الدالة على حركاتها حتّى أنه يمكن لنا تعبئة مباراة شطرنج في جدول مكون من 35 خانة.

وجاروز يصنع هذا الكتاب لمن هم في مستوى المرحلة الثانوية وتلقوا من قبل تعليما تضمن بعض الموضوعات الأساسية في الهندسة والجبر، وهو يفترض -بجرأة شديدة- أنه ليس في حاجة إلى جذبك كي تقرأ، فمجيؤك إلى كتاب عن الرياضيات يفترض تلقائيا أنك مهتم، ثم يقول إنه لن يعرض الكثير من الأمثلة الحياتية كعادة كتب التبسيط، لكنه سوف يبدأ مباشرة في تعليمك ما يعنيه التجريد خلال كل فقرة من الكتاب؛ والذي ليس بسهولة سابقيه، لكنه حقا ممتع، وبه طابع فلسفي رصين، يشعرك أن هناك دائما شيئا ما في العمق، لكن للأسف، وكالعادة؛ فالترجمة ليست بتلك السهولة.

يمكن كذلك أن نكمّل كتاب جاروز بآخر ضمن السلسلة نفسها وهو كتاب “تاريخ الرياضيات؛ مقدمة قصيرة جدًا”، وهو في الحقيقة -على بساطة حجمه- كتاب يستحق الاهتمام من أصحاب التخصص قبل العامة، وذلك لأن مؤلفته جاكلين ستندال -أستاذة تاريخ الرياضيات بأوكسفورد- قد تعمدت تجنب أكثر الأخطاء أهمية أثناء قرائتنا لتاريخ الرياضيات، وهي تصور أن هناك تقدما مستمرا للأحسن، مما يدعو البعض للتغاضي عن الزلات والطرق المسدودة، وتصور أن هذا التقدم ينتقل على هيئة قفزات من نظرية كبيرة لأخرى أكبر دون أن نهتم بالنظر إلى الخطوط الممتدة بينها، وأخيرا تمركز الاكتشافات حول الأشخاص -الذكور تحديدا كما ترى ستندال-؛ ما يُفقد تاريخ الرياضيات جوهره.

لذلك؛ فإذا كنت تظن أن هذا الكتاب سوف “يحكي” لك تاريخ الرياضيات كقصص قبل النوم؛ فلا بد أن تأخذ حذرك، فهو كتاب -على بساطته- لا يقدم التاريخ على طبق قصصي -ربما ساذج-؛ وإنما يؤرخ بالفعل لتطور فكرنا الرياضياتي عبر التاريخ مضمنا السياق السياسي والاجتماعي في تلك المرحلة، لا يتنقل خلالها بشكل سلس بين مجموعة من الأفكار الجريئة، وإنما بين مجموعة من الإحباطات، والتطورات الأخرى في عدد من السياقات الموازية، ثم يسأل “كيف تنتشر الرياضيات وأفكارها؟” بين الناس.

العناصر لإقليدس

 

عند تلك النقطة من رحلتنا معا قد تتعجب حينما نضع على القائمة كتابا صدرت طبعته الأولى في الإسكندرية قبل ألفين وثلاثمائة سنة من الآن، إنه كتاب “العناصر” (Elements) لإقليدس عالم الرياضيات الأول، فربما ما يعرضه هذا الكتاب هو تاريخ لم يعد مستخدما الآن ولا حاجة لنا لفهمه، لكنك سوف تكون مخطئا إذا ظننت ذلك، وسوف تكتشف حجم خطئك مع أول صفحات الكتاب، فإن واحدا من أهم الكتب التي يجب أن يقرأها كل محب للرياضيات -كان متخصصا أو لا- هو هذا الكتاب العظيم.

وذلك لأن إقليدس -في هذا الكتاب- لا يضع فقط 23 تعريفا، و5 مسلمات، و5 مفاهيم؛ ليبني منها 350 برهانا كاملا، ولكنه يضع أسس التفكير الرياضي أيضا، فيعلمك في هذا الكتاب سهل القراءة كيف أن بناء برهان رياضي يعتمد على بنية منطقية تبدأ بمسلمات نبني عليها شيئا فشيئا حتى نصل إلى المطلوب، وما يميز هذا الكتاب هو أنه سوف يصل للبراهين بطرق لا تألفها أنت بحكم أنك قد تعلمت قدرا من الرياضيات، فمثلا حينما أسألك: “ما هي الزاوية القائمة؟” كيف ستجيبني؟

بالضبط، إنها زاوية 90 درجة، لكن إقليدس لم يكن قد امتلك رفاهية تلك الدرجات، لذلك سوف تكون طريقته هي أن يقول إن الزاوية القائمة هي تلك التي تقع على جانبي قطعة مستقيمة تقطع أخرى بحيث تتساوى الزاويتان إلى اليمين واليسار، وهكذا يستمر إقليدس في بناء منظومته بهدوء وبساطة إلى أن يصل لأعقد الأفكار بلغة بسيطة يمكن بسهولة فهمها، ويضيف إلى روعة هذه الرحلة مدى انبهارك بأن ما تقرأه من عظمة قد كُتب قبل أكثر من ألفي سنة !

حسنًا؛ الرياضيات ممتعة حقا، لكن ليست ممارستها هي الشيء الممتع في حد ذاته، فنحن البشر لا نميل كثيرا نحو التجريد، لذلك قد يكون التعرف على عالم الرياضيات مملا، وقد نضطر لبذل الكثير من الجهد في سبيل فهم أبسط الموضوعات فيها، وحتى في تلك الكتب المبسطة التي نعرضها في هذا التقرير لا يمكن أن نمر بسهولة على موضوعاتها، وهذا تحذير هام كي لا تُحبط وتظن أن الرياضيات مستعصية عليك أنت فقط؛ بل هي كذلك بالنسبة للجميع، ولكن الممتع حقا هو ما تعطيه لنا الرياضيات -بعد كل هذا الجهد من براح الأفق- من قدرة على رؤية العالم عبر نافذة مختلفة، فنصبح بواسطة تلك الرموز المجردة -التي لا تعني شيئا في ذاتها- أكثر إدراكا لذواتنا!

Public library

موقع المكتبة العامة يهتم بنشر مقالات وكتب في كافة فروع المعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى