رأس المال في القرن الحادي والعشرين – توماس بيكيتي

“رأس المال في القرن الحادي والعشرين” هو كتاب اقتصادي صدر في 2013 للخبير الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي. الكتاب يتناول قضايا الثروة والدخل وعدم المساواة، ويعتمد على تحليل بيانات تاريخية واسعة لدراسة تطور الثروة وعدم المساواة الاقتصادية على مدى القرون.

الفرضية الرئيسية

الفرضية الرئيسية التي يطرحها بيكيتي هي أن عدم المساواة الاقتصادية ليس نتيجة عرضية بل هو سمة متأصلة في الرأسمالية. يرى بيكيتي أن العائد على رأس المال (مثل الأرباح والفوائد) غالبًا ما يفوق معدل النمو الاقتصادي، مما يؤدي إلى تكدس الثروة لدى قلة من الأفراد وبالتالي زيادة الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

منهجية البحث

اعتمد بيكيتي على بيانات تاريخية واسعة النطاق، بعضها يمتد لأكثر من 200 عام، لدراسة الثروة والدخل في مختلف البلدان مثل فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة، وألمانيا. استخدم سجلات الضرائب، بيانات التعداد، والسجلات الاقتصادية الأخرى لبناء صورة مفصلة حول توزيع الثروة والدخل.

النتائج الرئيسية

1. التاريخ الدوري لعدم المساواة: أظهر بيكيتي أن مستويات عدم المساواة في الثروة والدخل قد شهدت تغيرات كبيرة عبر التاريخ. خلال القرن العشرين، تراجعت عدم المساواة بشكل ملحوظ بسبب الحروب العالمية الكبرى، الكساد الكبير، والسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تبنتها الحكومات.
2. زيادة عدم المساواة في العقود الأخيرة: منذ السبعينيات، بدأت مستويات عدم المساواة في الارتفاع مرة أخرى، وخاصة في الولايات المتحدة. يعود ذلك إلى السياسات الليبرالية الجديدة وتراجع تأثير النقابات العمالية والسياسات الضريبية التقدمية.
3. مفهوم $r>g$: يقدم بيكيتي مفهومًا أساسيًا يتمثل في أن العائد على رأس المال ($r$) غالبًا ما يفوق معدل النمو الاقتصادي ($g$). هذا يعني أن من يمتلكون رأس المال يمكنهم أن يزيدوا ثروتهم بشكل أسرع من سرعة نمو الاقتصاد، مما يؤدي إلى تراكم الثروة وزيادة الفجوة الاقتصادية.
4. أهمية السياسات الضريبية: يدعو بيكيتي إلى تطبيق ضريبة تصاعدية عالمية على الثروة كحل للحد من عدم المساواة الاقتصادية. يرى أن هذه الضريبة يمكن أن تساهم في تقليل تركيز الثروة ومنع تراكمها لدى قلة من الأفراد.

الاستقبال والنقد

لاقى الكتاب استقبالًا واسعًا ونال استحسانًا من العديد من الأكاديميين والمفكرين الاقتصاديين. كما تصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعًا وترجم إلى العديد من اللغات. ومع ذلك، لم يسلم الكتاب من النقد؛ فقد اعترض بعض الاقتصاديين على منهجية بيكيتي وتحليلاته، مشيرين إلى وجود بعض الأخطاء في البيانات والمبالغة في بعض الاستنتاجات.

الخاتمة

“رأس المال في القرن الحادي والعشرين” يعتبر من الكتب الاقتصادية المؤثرة في العصر الحديث، حيث يسلط الضوء على قضايا الثروة وعدم المساواة بأسلوب أكاديمي مدعوم بالبيانات التاريخية. يقدم الكتاب رؤية نقدية للرأسمالية ويدعو إلى سياسات أكثر عدالة للحد من الفجوة الاقتصادية المتزايدة.