هواية هي الأكثر ممارسة عند العرب – بقلم: أحمد الخولي
أصبح مجتمعنا العربي متفرغا ليمارس هوايته المفضلة – إن لم تكن الوحيدة – هذه الهواية التي لم يمارسها اي شعب ولا أي أمه من قبل ، هذه الهواية التي بسببها أدرك العرب مافيهم من جهل ، وتخلف ، ورجعية، وتشتت ، وحروب ، وإرهاب – “هواية الجدل ” .
لماذا الجدل ؟ وكيف يكون الجدل ؟ ومن يحق له أن يجادل ؟ وفي اي ظرف يصلح أو لا يصلح الجدل ؟
– كل هذه الاسئلة لابد وأن نجد لها إجابات منطقية واقعية، في هذه الاسئله وتأملها اعتقد اننا سوف نجد أول طريق التقدم والتنوير. من منطلق الحرية يمارس كل عربي الجدل قائلاً – أنا حر في ان أتكلم في اي قضية ، أنا حر في أن أكتب عن أي قضية
– لا أعلم هل يعرف العرب مفهوم الحرية ؟؟ أم انهم سوف يثيرون الجدل حولها ليؤلها كل منهم وفقاً لأهوائه وأهدافه ؟
– الأمر معقد جدا حول طبيعة الفكر العربي ، أعتقد ان الدافع الاصلي وراء طبيعة الفكر العربي ” الجدلية ” هو أن العرب انفتحوا
على ثروة هائلة من المعرفه والعلم ، وفي نفس الحين نال العرب قدرا موحشا من الحرية في التعبير، بعد ان عاش العرب قرونا من الظلام والاستبداد والاحتلال – منذ حكم العثمانين ، وحتى بداية الثورات الفكرية ، والسياسية في بلاد العرب وأولها مصر ، حتى ثورات المفكرين الكبار على استبداد الحكم الديكتاتوري والقيم المتخلفه المزروعه في المجتمع بأسم الدين امثال (محمد عبده – احمد لطفي السيد – جمال الدين الأفغاني – ورفاعة الطهطاوي – وأمين الخولي – وعائشة عبد الرحمن – ورشيد رضا – وقاسم أمين – وسلامه موسى – عبد الحميد بن باديس – عباس محمود العقاد – … وغيرهم) .
كل هؤلاء فتحوا الطريق على مصرعيه أمام شعوب مقهوره لم تعرف سوى ( لقمة العيش ، و الجنس ، والجهاد والمقاومة لتحرير الوطن) شعوب لاتعرف عن الدين الا رجاله ، ولايعرفون عن السياسه سوى الحروب ، ولا يعرفون عن العلم سوى العلوم الشرعية
ليفتحوا لهم الطريق على مصرعيه أمام العلوم الطبيعيه والفلسفة والرياضيات والكمياء الى جانب منحهم قدر هائل من الحرية في الكتابة والنقد .
– فوجدنا أمامنا أناساً يتكلمون أكثر مما يعملون ؛ أناساً جعلوا الكتابة مصدر رزقهم ، والنقد شغلهم وهدفهم ، بدأ كل مقهور يتكلم حتى يقول – ها أنا ذا – ها انا أقدر – ها أنا موجود . الكل يكتب وينقد والكل يقرأ وينقض فلا الكاتب يـأتي بجديد ، ولا القارئ يقبل بكتابات الأخر. ويوما بعد يوم وجدنا أنفسنا أمام ملايين من المذاهب الفكرية ، وألاف من المذاهب السياسية ، ومئات الطوائف الدينية ،، فقط .. ليُثبت كل واحد أنه هو من يملك الحق والأخر نطق بالباطل .
أنت تكتب وأنا أقرأ وأنتقد ، أنا أكتب وانت تقرأ وتنتقد .. أنت تقول وانا اسمع لأنتقد ، وأنا اقول وأنت تسمع لتنتقد ومن هنا خلقنا الجدل . حتى أنا الآن وإن كنت أنتقد هذا الوضع إلا أنني لاأحب ذلك ولا أرغب في ذلك ؛ إلا انني دفعني شعور داخلي أن اكتب
في هذا الموضوع لعله يكون نقطه بداية لأنهاء الجدل الفارغ الذي تميز به المجتمع العربي .
– ليست دعوة مني للصمت ، وأنما دعوة لأنهاء الجدل الفارغ دعوة لمعرفة لماذا الجدل ؟ كيف يكون الجدل في صالحي كفرد وفي صالحكم كمجتمع؟ في أي ظرف نجادل وفي اي ظرف نقطع الجدل ؟ وفي النهاية من له أحقية الجدل ؟ أنا لست مؤهلا لأن أرشدكم إلى الإجابة وأترك لكم المجال للجدل حول إجابات تلك الأسئلة.