الإنسانية في مخيال الفرد العربي المعاصر – بقلم: المشرفي محمد
هناك نوع من الأدلجة الإنسانية في مخيال العقل العربي المسلم الحديث، سببها التلقين الديني المقلوب، أو التلقي السيء من طرف العقل العربي، فالإنسان العربي المسلم اليوم لا يشفق على الآخرين من باب إنساني بالدرجة الأولى، بل من باب معتقدي أولا، إن كان مسلما مثله تعاطف معه، وإن كان ليس بمسلم لم يتعاطف معه ولم يهب لنجدته، ولو لم يعاديه الطرف الآخر أو يسيء إليه من قبل.
وأكاد أجزم أن أهل فلسطين لو لم يكونوا مسلمين ما تعاطف معهم العرب المسلمين في قضيتهم أبدا، فهم معهم لأنهم مسلمون وفقط.
لهذا تجد بعض المسلمين أحيانا يسخرون من مواقف إنسانية تستحق الإشادة لبعض المشاهير غير المسلمين، ويحطون من شأنها، أو تجدهم يقابلون صورة لإنسان مريض وغير مسلم بتهجم وتهكم واضح وصريح (كافر ولعنة الله عليه وإلى جهنم وبئس المصير)، فقط لأن أهلها ليسوا شركاء لهم في العقيدة، وهذا ما أدى إلى نوع من الضبابية في ماهية الإنسانية، أو لنقل قزمها بالنسبة للفرد العربي.
بمعنى مبسط الإنسانية لدى الفرد العربي المسلم هي أحادية الجانب محلية وقبلية، فقط تخص أهله وعشيرته ومن معه في المعتقد وليس إنسانية ثنائية عالمية محلية وخارجية، رغم أن في ديننا الإسلامي وسيرة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وبعض مواقف الصحابة الكرام ما يعطي لأصحاب ودعاة الإنسانية اليوم دروسا وعبرا عظيمة، يصعب حصرها في منشور فايسبوكي إفتراضي، ومن أراد التأكد والبحث أكثر في هذه النقطة فعليه بقراءة كتاب المؤرخ الإسلامي المعاصر راغب السرجاني “فن التعامل النبوي مع غير المسلمين”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي فريق المكتبة العامة.