التطوّر لا التغيّر .. والتوليفة الصحيحة – بقلم: دعاء النشاش
مؤخرا اكتشفت حقيقة الخدعة القائلة بوجوب تغيير النفس وتبديل ما فيها كوعاء نفرغ محتوياته ونستبدلها بمكونات انظف !
طيب ، الأيام دول يوم فوق ويوم تحت .. تعال فكّر في تغيير هذه السنة فاجعلها مثلا على وتيرة واحدة من الرخاء والسعاده .. ها ؟
قف أمام المرآة ، هل ترى كم الأشياء التي لا تعجبك ولا تزال تظهرها هذه القطعة الشفافة أمامك ؟ لماذا لا تحطم المرآة ؟ لماذا لا تغيّرها الى أخرى تُبرزك بالمثالية التي تريدها ؟
من سنة الاله أن جعل النفس مرتعا للخير وللشر معا كجزء أصيل وفطري فيها خلقت بكافة الاستعدادات لكل الألوان لكل الخيارات والقرارات البشرية ولكن بشرط أنه ما من قرار بيور مئة في المئة أو بالاحرى لا قدرة موجودة لبشر على أن يُتمّ الشر أو الخير .. خلق البشر وسطا ومدى طيف الرمادي واسع جدا ..
وبطبيعة الحال ان تلك النفس المسخرة للانسان محايدة تماما فهي بالنهاية مجرد انعكاس لارادتك الشخصية وبيئتك وظروفك والطريقة التي اخترت أن تنظر بها الى الأمور .. للجزء الذي قررت أن توليه اهتمامك وتصب عليه تركيزك .. فتستخرج كل مكنون في داخلك يدعم مرادك .. الانسان الناجح قرر ان يكون ناجحا فتحالفت معه نفسه ليفعلها حتى وان اختبئت بعض المرارات والهزائم هنا وهناك لكن الاهتمام والشغف بالنجاح كان اكبر ليطوي داخله كل التحديات التي سبقته بقبول وامتنان .. طوال الوقت استطاع أن يشخص في النصف الملئان بالكأس ويثق به حتى بات يزداد اكثر فاكثر .
البيئة والظروف والاشخاص الذين تحيط نفسك بهم يسحبون منك ولك صورة معينة لذاتك مفصلة باطار ما تم اصطفاءه من مجموع وعاءك النفسي من جمال وقبح وعظمة وانحطاط وحماس وكسل وحب وكره ونجاح وفشل .. بينما تستطيع دائما تغيير عقارب دائرتك الى نقطة ما .. بأن تعرف التوليفة الصحيحة ولكن ليس قبل أن تقرر أولا .. فما أن تشاء ستعرف كيف تجلب الظروف التي تناسب ما تريده لك .. أما بالنسبة للآية الشهيرة في هذا الصدد 🙁 لا يُغيّر الله ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم ) .. فمقصود الآية والذي وجدته غريبا في بدايته ..مقنعا في النهاية .. انما التغيير بمفهومه السلبي أي العبث بالفطرة السليمة التي خلق ابن آدم عليها فبعد أن كان يعيش ممتلئا بالحياة لا يحمل هم يومه أو غده او رزقه .. فكّر فتحول الى الشق الموكل بتعقيد العيش وبؤسه .. ليست النفس عدوا خالصا ولا صديقا مخلصا بل خليط من الاثنين ليس عليك مجاهدته بل (الجهاد به ) .في النهاية أود أن أقول : اننا نتطور بحجم خبراتنا وتجاربنا واتساع تصوراتنا لنضم خصال اجمل من الحيز اللامرئي فينا الى حيز الوجود .. أن (نُبدّل) الى خيار آخر ..
ـــــــــــــــــــــ
هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي فريق المكتبة العامة