مشاركات الأعضاء
بالإمكان الكشف عن نفسيتك من نوعية تعليقاتك
بالإمكان الكشف عن نفسيتك من نوعية تعليقاتك – بقلم: حمودة إسماعيلي
“اترك تعليقا أخبرك من أنت” عبارة تأتي على نمط المفاهيم الاستنباطية الشهيرة : تكلم حتى أراك، قلي ماذا تقرأ أخبرك من أنت، أرني أصدقائك أقول من أنت، أرني مغنيك/ممثلك المفضل أخبرك من أنت.. إلخ بأشكالها الاختزالية.
بنية الاستنباط في العبارات المذكورة، تتم انطلاقا من علاقات الموضوع (أي الشخص المعني بالحكم هنا)، فالحكم يتأسس انطلاقا من نوعية التواصل الاجتماعي أو الاختيارات (ذات قيم متباينة اجتماعيا).
التعليق : رابط (تواصلي) اجتماعي، بما أننا نطأ نطاق التواصل الافتراضي (الاجتماعي بالأساس). فحينما تترك تعليقا فأنت تنشأ علاقة، ولو بشكلها اللحظي. غير أن التعليق ليس حدثا عرضيا، بل هو سلوك ذو دلالة، وهذه الدلالة (المتضمة بأي تعليق) تكشف عن نزوعك نحو ما تواصلت معه للتو (حول ماذا كتبت تعليقا).
هناك ثلاث أنواع من التعليق :
1 ـ الحميمي : الذي يشمل تعليقاتنا على أنشطة الأصدقاء والمقربّين، يمزج بين المزاح والتساند ـ ودرجة وقاحته تكون متقبّلة بين الأطراف.
2 ـ الرسمي : الإدلاء بالإعجاب والتأثر الإيجابي، طرح أسئلة حول الموضوع، نقد لبق، تشجيع، تودد نسبي.
3 ـ الإحباطي : التسلط بالسخرية والإهانة والسب والتقليل من قيمة الموضوع أو صاحبه ـ نوعية تنتهج هذا السلوك كسبيل وحيد للانتقام من إحساسها المستمر بقلة الشأن، بذلك يصبح “التعليق” وسيلة إسقاط كل الكره الموجود في الذات نحو الآخرين، بغية إبداء نوع من الذكاء أو الفضيلة أو القيمة (المنسوبة زيفا إلى الذات، كشكل من الخبث).
ملاحظة لها علاقة بما سبق : ذات مرة، كتب شخص معروف نوعا ما (بحسابه الشخصي) بأنه قام بتغيير وجهته بآخر لحظة من محطة ترام إلى أخرى قريبة، فتعرّضت المحطة الأولى لهزّة إرهابية، تنوّعت التعليقات حول منشوره غير أنه اجتذبني تعليق جاء فيه (مضمونه) “أنت مغرور.. تواضع، تواضع”، لم تمر 10 دقائق ليعود هذا المعلّق ويكتب “ليتك ذهبت للمحطة الأولى وقُتلت.. هاها”. وهذا مجرد تقريب من مضامين تعليقات هذا المعني (أما بالأصل فكانت هستيرية الطابع). دخلت لحسابه، وجدت صورته داخل قصر (أشبه بقصر سندريلا في الرسوم المتحركة) وهو يحاول تقريب القمر منه (القمر في الصورة أكبر منه ومن القصر!). شخصان فقط لن يجدا أن عرض صورة كهذه (بحسابيهما) لن تثير السخرية : مغفل لأقصى درجة أو مصاب بالفصام.
عندما اقترح عالم الأعصاب ماريانو سيغمان أنه من الممكن تشخيص وتوقع الحالة النفسية للشخص من اقتباس بتويتر أو فيسبوك، لم يأتي اقتراحه من فراغ !
ــــــــــــــــــــــــــــــ