لماذا تغيب مظاهر الدين على أرض الواقع؟ – بقلم: المشرفي محمد
-إن تعطل منطق العمل والتطبيق الحرفي للرصيد الإسلامي المتمثل في القرآن الكريم والسنة النبوية من طرف المسلمين اليوم، يرجع بشكل كبير إلى ضعف الخطابات الإسلامية المعاصرة، التي تفتقد المنهجية السديدة والطريقة المناسبة في شحن العقول والقلوب بطاقة إيمانية قوية، بإمكانها تحويل القناعات والعواطف لدي المسلمين إتجاه دينهم إلى أفعال وخرجات ظاهرة على أرض الواقع، بدل تركها حبيسة داخل النفوس والوجدان، أو تحويل الناس إلى ظاهرة من التناقضات التي تقول شيئا، ثم تفعل شيئا آخر.
-فطاقة الإيمان عند المرء وأفعاله العملية على أرض الواقع شيئان متلازمان، فكلما زاد الإيمان عنده، أصبح هذا الأخير مؤهلا أكثر لإفراغ ذلك الفائض الإيماني على أرض الواقع، والعكس صحيح، بمعنى كلما كانت درجة الإيمان عند المرء المتدين قوية ومتينة، تطابقت أقواله الوعظية الأخلاقية والدينية مع أفعاله وخرجاته طرديا، وكلما كانت درجة الإيمان عند المرء متقلبة ومتذبذبة، تصادمت أقواله مع أفعاله وخرجاته طرديا أيضا، فــتتطابق الأقوال والأفعال عنده حينا، وتتصادم حينا آخر، لأن الفعل هنا عند الإنسان المتدين خاضع لدفعة إيمانية بالدرجة الأولى، إن كانت صادقة وعالية الجرعة، شهدت عليها أفعاله بالإيجاب، وإن كانت مهترئة ومغشوشة نوعا ما، شهدت عليها أفعاله بالتضارب والكذب.
ببساطة الإيمان القوي، يجعل سلطة الدين وأوامره عند المرء المتدين فوق كل شيء في توجهاته الحياتية، والإيمان الهش، يضعف عند المرء المتدين سلطة الدين، فتارة يقدمها على أفعاله، وتارة أخرى يقدم أفعاله ورغباته عليها وعلى أوامرها.
ولعل الحديث النبوي الشريف الذي يقول فيه النبي عليه الصلاة والسلام (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)، يختصر مقصود الفكرة برمتها.
“إن تطبيق الإنسان لفكرة ما دينية كانت أم وضعية على أرض الوقع دليل على أنه مقتنع ومتشبع بها حد النخاع، خاصة وأن الواقع ما هو في الأصل سوى أفكار عقلية وقناعات قلبية مجسدة ومطبقة بطريقة فعلية على أرض الواقع”