الرجولة.. الضباب الذي يخفي التخلف والحماقة الذكورية – حمودة إسماعيلي
الرجولة مصطلح ينضح بعدة دلالات متضاربة : فهو يجمع بين الشهامة والمواقف الذكورية المتعصبة. بداية يصعب الوقف على دقة الدلالات بما أنها تخضع للتبريرات الشخصية أو الاجتماعية الخاصة.. مثلا فمساعدة المسلم ليهودي في موقف صعب، يخضع لتضارب الرؤى بين النبل الإنساني والخيانة الأيديولوجية؛ والأمثلة عديدة التي تجعل من الرجولة ضبابا منفلتا من وضوح الرؤية بما أنها تنبني على معطيات دلالية متضاربة.
في الأوضاع الراهنة، يتم ربط أي سخافة ذكورية أو تعصبات بدائية بمبدأ الرجولة. بإمكانك ادعاء تمثيل الرجولة والعيش مرتاح البال كبغل لا عقل له. لكن لو اقتصر الأمر عند هذا الحد فالأمور هينة، لأن المشكل هو أنه تحت هذا المسمى (الرجولة) الذي ليس سوى غطاء رث للجبن والتحجر والجهل، يتطاول الإنسان الذكر على حريات وخصوصيات الآخرين، خاصة فيما يتعلق بالأنثى.
الدفاع عن الشرف العام والهوية والدين تحت بلاهة الرجولة يكشف عن خلل نفسي ومعرفي، طالما أن المفاهيم المدافع عنها تعود لمجتمعات سلطوية تجد فيها أكثر الرجال رجولة يعبد السلطان، هذا الأخير الذي قد تجده بيدوفيليا يستمتع بتلمس أفخاد الصبيان أو يحترم إحدى جارياته أكثر من رجال البلاط ! غير أن الرجولة الضاغطة على العقل تبرز السلطان كنصف إله ومثال يحتدى به رجوليا.. والمثير للريبة هو أنك تجد المعارضين يعتبرون الخروج عن نفس السلطان هو دليل الرجولة ! فتبدو الرجولة كثوب يفصله كل على هواه عند الخياط الذي يلائمه.
قد تتمظر الرجولة، أو من المفروض أن تتمظهر، حسب اختلاف الشرائح والطبقات والمستويات المعرفية والاجتماعية، فتتجلى مرة في التمسك بالتقاليد المتهتكة؛ ومرة في العدوانية المسرحية الحمقاء، ومرة في التواضع حتى لو كان في معظمه زيفا. لكن في معظم الأحيان تتمسك الفئات الأكثر انحطاطا وتخلفا وخبثا بمفاهيم لا تفهمها ما دامت تسدل الستار على جنونها.
لا يتعلق الأمر برجولة أو عجولة أو ما سواه من مسميات حيوانية فارغة تغطي العجز والجهل مقابل تثمين تهافت ميزوجيني، بل بمواقف عند ظروف وحيثيات نفسية ومعرفية، تخضع لرؤى وتأويلات من منطلق تاريخيتها.