مقالات عامة

طبول الحرب التي دقت – بقلم: أحمد العسكري

طبول الحرب التي دقت

● لقد دقت الحرب طبولها قرب الآذان و مع ذلك لم يسمع ايقاعها الكثيرون ! …كما ان شبحها هبط ثقيلا و مخيفا فوق المواقع و مع ذلك لم تلمح صورته كل العيون ! …و لهذا جئت اليوم لكى اقولها بكل وضوح 《 ان السؤال لم يعد هل هناك حرب ام لا ؟ ..بل اصبح كيف ستبدأ الحرب ؟ 》 ..و قد اكون صادما الليله فى كلامى و لكنى دائما ما افضل الحقيقه و ان كانت قاسيه عن الوهم و لو كان مريحا …!

● ان مقالات اى كاتب هى سجل الاراء التى كتبها فى عين العواصف حينما كان الغموض هو صاحب الصوت الاعلى ! و لأن كثيرين يدعون الآن فى نهاية اليوم و مع اقتراب سماع اول انفجار انهم قالوا بحتمية الحرب عند بداية النهار ! فاننى اطالبكم _ مشكورين_ ان تعودوا الى مقالاتى التى قلت فيها مبكرا جدا ان الحرب مثل احكام القدر لا يد تستطيع دفعها! و لا اراده قادره على ردها ! .؛ و لا بد ان الفت النظر اننى لا اقول ذلك متفاخرا بل مؤكدا على ان كل من يتابع حوادث الحاضر مستندا على معرفة عميقه باحداث التاريخ يستطيع ان يتنبأ بما سيقع بلا وحى يأتيه عند سفح جبل ! و بدون الهام يتلقفه عند قمة تل ..!! .

● لقد كتب مدير الموساد الاسطورى ( جنرال / مئير داغان ) فى تقريره النهائى قبل خروجه من منصبه عام ٢٠١١ نصا 《 لن نتحرك عسكريا ضد ايران الا بعد ان يصبح الخنجر فوق العنق .. ان تقديراتنا تؤكد ان طهران ستصل الى السلاح النووى فى منتصف ٢٠١٥ 》 ..و لهذا لم يكن فى الامر مصادفة عندما عقدت ادارة ( اوباما) الاتفاق النووى مع ايران فى تموز/ يوليو من نفس العام ! .، كان هذا الاتفاق يستند على فكرة اساسيه حيث 《 وقف التخصيب مقابل رفغ العقوبات 》 و فى حقيقة الامر لم تكن اسرائيل راضيه عما جرى و لذلك بمجرد وصول ( ترامب ) الى البيت الابيض بدأ الضغط يشتد عليه لفسخ الاتفاق ! و لقد اعلن ذلك فى مايو ٢٠١٨ ! فارضا على ايران اقصى حد من العقوبات باحثا عن اقسى تأثير ! و اخذت هذه العقوبات تتصاعد الى ان وصلنا الى النسخة الاعنف قرب منتصف ٢٠١٩ حيث اصبحت العقوبات الامريكيه تطول كل طرف ثالث يتعامل مع طهران ! و بالتالى وضعت واشنطن العالم امام خيارين ..فاما مصالحكم مع ايران او الولايات المتحده ! و كانت النتيجه ان كل الاقدام هجرت دروب ( البازار ) و هرولت نحو طرق ( وال ستريت ) ! لتجد القياده فى طهران ظهرها الى الجدار و لم يكن ممكنا فى ذلك الوقت ان يتجرع ( خامنئى ) كاس السم وفقا لتعبير ( الخمينى) الشهير لان ذلك يعنى موتا بطيئا تسبقه آلام فظيعه ! و تم اتخاذ القرار 《 سندير الازمه بنظرية حافة الهاويه 》

● ” حافة الهاويه ” …

هى نظريه فى ادارة الازمات الدوليه تنتسب لوزير خارجية الولايات المتحده الشهير / جون فوستر دالاس حيث التصعيد فى التحركات و التصرفات و عند حافة الحرب المدمره يكون كل طرف مستعد ان يقدم تنازلات لأن البديل وقتها هو ” الانفجار ” !! … بدأت ايران بحثها عن الميادين التى ستصعد فيها من درجة حرارة المنطقه و تحركت عليها! و لأن واشنطن ادركت ذلك فلقد تزامنت العقوبات مع حشود هائله تزحف نحو المنطقه من حاملات الطائرات الاستراتيجيه الى القاذفات النوويه و سبق كل هذا تصريحات واضحه من البيت الابيض تقول 《 اى مساس بمصالح واشنطن بالمنطقه او امن دول الخليج سيكون الرد عليه رأسا فى طهران 》 ..فما الذى حدث بالستة اشهر الماضيه ؟ !

١) حادثة الفجيرة

٢) حادثة أرامكو

٣) إغراق ناقلتى نفط بالخليج

و لكن كل تلك الحوادث كان من الممكن ابتلاعها حتى جاء يوم ٢٠ حزيران / يونيو حينما اخترقت طائرة الاستطلاع الامريكيه ( جلوبال هوك ) المجال الجوى الايرانى لتتصدى لها منظومة الدفاع ( خرداد ) اى حارسة السماء بصاروخ واحد على ارتفاع ٦٠ الف قدم ! و قرر ترامب ان يتحرك و يضرب ضربته و لكنه تراجع بالثانيه الستين من الدقيقه الاخيره ..!

● فى تلك الليله الثقيله و الطويله استطيع ان اقول ان سياسة ايران قد تغيرت فمن حافة الهاويه حيث البحث على تصعيد تحصل به على تنازلات امريكيه ! الى تيقن ان هذه الاداره لن ترفع العقوبات مهما جرى و بالتالى لا بد من ضمان عدم استمرارها لفترة اخرى بالمكتب البيضاوى ! و المعادله واضحه 《 اسقاط ترامب بالانتخابات عن طريق خلق حرب واسعه بالشرق الاوسط 》 و بدأت طهران تبحث عن القمقم الملقى على شطآن الخليج او العائم فوق امواجه لتفك طلسمه تاركه لنيران الجن حرية الاشعال ! و كانت ضربة ( بقيق و خريص) بالسعوديه هى ضربة الباحث عن الحرب ! و لكن الرئيس الامريكى ابتلعها بعد تقديرات من البنتاجون ان اى رد على ايران معناه تفجير الموقف بالكامل فى الشرق الاوسط و لأن ( الغير متوقع يحدث دائما ) كما قال اندريه مالرو ..جرى ..ما ..جرى !.

● دق هاتف الرئيس الاوكرانى فى ( كييف ) و كان المتحدث دونالد ترامب ! ..بدأت المكالمه عاديه و لكن بعد عدة دقائق انحرف مسار الحديث ..!! فلقد طلب الرئيس الامريكى من نظيره فتح ملفات فساد تخص الابن الاكبر لجو بايدن المرشح الديمقراطى المحتمل لمواجهة ترامب فى انتخابات ٢٠٢٠ و تم تسجيل المحادثه و تفريغها و ارسالها الى رئيسة الكونجرس 《 نانسى بيلوسى》 و بدأت عجلة التحقيقات تدور فالرئيس الامريكى يستغل منصبه لتحقيق اهداف شخصيه ! و بدا ان موقفه لا يختلف كثيرا عن موقف ( نيكسون ) فى ( ووترجيت ) !! .. ،و لقد وصلت صدى التحقيقات الى طهران و ظهر ان تلك الفضيحه اذا لم تعزل امبراطور البيت الابيض فعلى الاقل سيظل صداها معه للانتخابات القادمه يطارده ثم يسقطه ! و بالتالى لا داع للحرب اذا كان الهدف سيتحقق بيد الكونجرس و ليس بيد الحرس الثورى !! .. و عند تلك اللحظه هدأت طهران و ثارت تل افيف ! و اصبحت متعجله لتحقيق هدفها قبل خروج رجلها ! و الهدف الاسرائيلى فى تلك اللحظه هو 《 ضربه مركزه تعطل البرنامج النووى و تكسر البرنامج الصاروخى 》 و لان اسرائيل تدرك جيدا ان اى صدام بينها و بين ايران سيجر واشنطن الى قلب العاصفه و لأن الرئيس الامريكى يصبح فى سنة الانتخابات مقيدا فى حركته و قراراته فلقد اتخذت القرار بتوجيه ضربتها قبل هبوب رياح العام الجديد ! و خاصة ان موقف ( نتنياهو ) القانونى اوقفه على حافة السجن ! و لا بديل له سوى اعلان الطوارئ لينفذ عنقه من سيف السقوط !!

● السؤال الآن ببساطة ..كيف ستبدأ الحرب ؟

_ لكل حرب مشهدها الاول .. الذى فيه تتشكل و منه تنطلق ! و هناك تقديرات عديده لسيناريوهات اللحظة الاولى و لكنى اميل الى ان الحرب ستبدأ فى سوريا حيث احتكاك بين اسرائيل و ايران فوق دمشق او حولها ! و الاحتكاك بطبيعته لو زادت سرعته نتجت عنه الشراره و فى جو اقليمى معبأ على آخره بالمواد السائله القابله للاشتعال نكون امام الانفجار ..!!

● منذ ساعات انطلقت طائرة من مطار طهران فى طريقها الى ( حمص ) .. طائره ايرانيه يبدو انها محملة بصواريخ دقيقه اما ستسقر فى سوريا و اما ستزحف تحت غطاء الظلام نحو الجبال الوعره جنوب لبنان ! و فى الحالتين لن تسمح اسرائيل بذلك و ستقصف و بقوه ! و هنا يثور سؤال《 هل ستبتلع ايران الضربه ؟ لا اظن 》 .. هل سترد ؟ نعم ! .. و هذا معناه اننا دخلنا الى دوامة حرب عنيفه قال عنها جنرال افيف كوخافى _ اركان حرب جيش الدفاع _ تسهال _ … فى اجتماع الكابينت من عشرة ايام ( ان حرب تشرين ١٩٧٣ ستكون مقارنة بها نزهه ليست اكثر او اقل ..!! )

Public library

موقع المكتبة العامة يهتم بنشر مقالات وكتب في كافة فروع المعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى