قانون تافت-هارتلي
قانون تافت-هارتلي (Taft-Hartley Act)، المعروف أيضًا باسم قانون علاقات العمل الوطنية لعام 1947 (Labor Management Relations Act of 1947)، هو قانون أمريكي تم تشريعه في عام 1947، ويعد من أهم القوانين التي نظمت العلاقات العمالية في الولايات المتحدة. جاء هذا القانون كرد فعل على التوسع الكبير للنقابات العمالية وقوتها خلال الأربعينيات، خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث زاد عدد الإضرابات التي قادتها النقابات. وقد اعتبر القانون تعديلاً على قانون “واجنر” (Wagner Act) لعام 1935، الذي كان قد أعطى النقابات الكثير من الحقوق.
خلفية القانون
في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ازداد عدد الإضرابات بشكل كبير في الولايات المتحدة، مما أدى إلى تعطل الإنتاج في بعض الصناعات الحيوية. هذا التوتر بين أصحاب العمل والعمال دفع الكونغرس الأمريكي، الذي كان تحت سيطرة الجمهوريين آنذاك، إلى تقديم تشريع يهدف إلى تقييد نفوذ النقابات العمالية وحماية أصحاب العمل من تأثيراتها.
أهداف القانون
- تقليل قوة النقابات: سعى القانون إلى الحد من قوة النقابات العمالية التي كانت قد تعززت بعد قانون واگنر.
- تحقيق توازن بين حقوق العمال وأصحاب العمل: حاول القانون تقديم توازن بين حقوق النقابات والعمال من جهة، وحقوق أصحاب العمل من جهة أخرى.
محتوى القانون
قانون تافت-هارتلي أدرج العديد من القيود على أنشطة النقابات العمالية وأعطى حقوقًا جديدة لأصحاب العمل. ومن أهم بنوده:
- حظر بعض أنواع الإضرابات:
- منع الإضرابات القضائية (jurisdictional strikes): وهي الإضرابات التي تنشأ بسبب خلاف بين النقابات حول من يحق له تمثيل العمال.
- منع الإضرابات الثانوية: وهي الإضرابات التي تدعو لها النقابة ضد شركة غير مرتبطة بشكل مباشر بالنزاع العمالي.
- منع مقاطعات العمل المتعاطفة: وهي المقاطعات التي يقوم بها عمال دعماً لعمال آخرين مضربين.
- القيود على الحقوق النقابية:
- سمح القانون للحكومة الفيدرالية بطلب أمر قضائي يمنع الإضرابات التي قد تهدد الأمن القومي أو الاقتصاد الوطني.
- جعل من غير القانوني أن تُجبر النقابات الشركات على التعاقد مع عمال معينين فقط.
- ألغى بند “الوكالة” الذي كان يسمح للنقابات بتحصيل رسوم من العمال غير المنتسبين للنقابة الذين يعملون في بيئة نقابية.
- حق العمل:
- سمح للولايات الأمريكية بتمرير قوانين “الحق في العمل” (Right-to-Work Laws)، التي تحظر على النقابات فرض عضوية إجبارية على العمال كشرط للتوظيف.
- القيود على تمويل النقابات:
- فرض القانون قيودًا على التمويل السياسي للنقابات، مما حد من قدرتها على التأثير في الانتخابات.
- مكافحة الشيوعية:
- اشترط القانون أن يقدم قادة النقابات قسمًا بأنهم ليسوا أعضاء في الحزب الشيوعي أو متعاطفين معه.
- الإشراف الحكومي:
- أعطى القانون مجلس العلاقات العمالية الوطنية (National Labor Relations Board) صلاحيات جديدة للإشراف على الأنشطة العمالية وضمان عدم تجاوز النقابات حدودها القانونية.
تأثيرات القانون
- تقليص نفوذ النقابات: أدى القانون إلى تقليص نفوذ النقابات بشكل ملحوظ، خاصة فيما يتعلق بتنظيم الإضرابات والعمل الجماعي.
- زيادة نفوذ أصحاب العمل: منح القانون أصحاب العمل أدوات قانونية لمواجهة النقابات، مما جعلهم أكثر قدرة على التفاوض بشروط ملائمة لهم.
- زيادة القوانين المحلية حول “الحق في العمل”: شجعت بنود القانون الولايات على سن قوانين “الحق في العمل”، وهو ما قلل من قدرة النقابات على فرض رسوم العضوية.
الانتقادات والدفاع
- الانتقادات: اعتبرت النقابات والعديد من المنظمات العمالية أن القانون يضعف حقوق العمال ويقيد حقهم في التفاوض الجماعي، وأطلقوا عليه اسم “قانون العبودية”.
- الدفاع: مؤيدو القانون، من ناحية أخرى، اعتبروه وسيلة لحماية الاقتصاد الوطني والأعمال من الإضرابات المتكررة وضمان توازن القوة بين العمال وأصحاب العمل.
الخاتمة
يعتبر قانون تافت-هارتلي أحد أكثر القوانين تأثيرًا في تشكيل العلاقات العمالية في الولايات المتحدة خلال القرن العشرين. ورغم الانتقادات الواسعة التي تعرض لها، فقد ساهم في صياغة السياسات العمالية التي لا تزال تشكل جزءًا من النقاش حول حقوق العمال وأصحاب العمل في الولايات المتحدة حتى اليوم.