هو النعمان بن ثابت بن زوطا ولد بالكوفة حواليْ 80 هـ / 699 م وبها نشأ. وقدْ استفاد من أجواء النظر والجدل والاختلاف التي سادتْ هذه المدينةَ إبّان إقامته فيها. تتلمذ على حماد بن أبي سليمان وجلس إلى حلقته ثمانية عشر عاما ثم نازعته نفسه “الطلب للرياسة والجلوس في حلقة لنفسه” فاستقطب بدوره عددًا من التلاميذ الذين كان لهم الفضل في التعريف بآرائه الفقهية ونشرها في أصقاع ممتدة من العالم العربي الإسلامي كيْ تُشكّل النواة الأساسية للمذهب الفقهي الحنفيّ.
اشتهر أبو حنيفة في الفقه بانتهاج “الرأي” وعُدّ في نظر بعض مؤرخي الفرق إمامًا لمتّبعي هذا المنهج في استنباط الأحكام. يقول الشهرستاني: “أصحاب الرأي: وهم أهل العراق، هم أصحاب أبي حنيفة النعمان بن ثابت وإنّما سُمّوا أصحاب الرأي لأنّ أكثر عنايتهم بتحصيل وجه القياس والمعنى المستنبط من الأحكام وبناء الحوادث عليها”. (الشهرستاني، د.ت، ص 208) ويُنسبُ إلى النعمان في هذا الباب “كتاب الحيل”.
أمّا في مجال العقائد فقد كان أبو حنيفة يؤخّر الأعمال عن الإيمان معتبرًا “من صدّق بلسانه وكذّب بعقله كان عند الله كافرًا وعند الناس مؤمنًا” (الغزّي، 1970، ص 177) فضلًا عن كونه يرفض الحكم في أصحاب المعاصي من المسلمين ويرجو لهم المغفرة من الله. وقد شرّعتْ هذه المواقف العقائدية لعدد من المصنّفين القدامى اعتبارَ أبي حنيفة من أهمّ المفصحين عن آراء المرجئة والمعبّرين عن رؤاهم وتصوّراتهم.
كانَ أبو حنيفة زاهدًا في منصب القضاء ممّا أثار ضدّه سخط الخليفة العباسيّ المنصور الذي أمر بإيداعه السجن حيث توفّى سنة 150 هـ / 767 م
تُنْسبُ إلى النعمان فضلًا عن “كتاب الحيل” مصنّفات أخرى منها “الفقه الأبسط” و”الفقه الأكبر” و”العالم والمتعلّم”
انظر:
– الشهرستاني، أبو الفتح. (د.ت). الملل والنحل. (عبد العزيز محمد الوكيل، محقق). بيروت- لبنان: دار الفكر.
– الغزّي، تقي الدين. (1970). الطبقات السنيّة في تراجم الحنفيّة. (عبد الفتاح محمد الحلو، محقق). القاهرة: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.