ثقافة وفنون
الاضطراب الداخلي الذي يشعل الإرهاب
مقابلة: الاضطراب الداخلي الذي يشعل الإرهاب – بانكاج ميشرا / ترجمة: غادة اللحيدان
(لقد نسي الغرب كمية الفوضى التي تخلفها العصرنة)
وُلد بانكاج ميشرا في شمال الهند عام 1969 ودرس في جامعة جواهر لال نهرو في نيودلهي ويعيش الآن في لندن. يعد بانكاج أحد أبرز كتاب المقالات في جيله حيث يستكشف كتابة الجديد “عصر الغضب” (والذي نقده ستيفان كوليني في إصدار شهر فبراير من مجلة بروسبكت) جذور عداء المهاجرين المتطرف الذي انغمس فيه عالمنا. ما هو الرابط بين الجهاد العنيف والقومية الهندوسية ودونالد ترمب؟ قال ميشرا متحدثاً لمحرر قسم الكتب والفنون لمجلة بروسبكت، سمير رحيم أن معظم العالم يمر بنفس التغيرات الاضطرابية التي مر بها الغرب في القرن الثامن عشر والتاسع عشر. حيث كانت تجربة خلق الحداثة مروعة للأناس العاديين والذي وثقه مفكرين كروسو ودوتوفسكي.
سمير رحيم: هناك شيء واحد فقط يمكننا البدء به وهو: دونالد ترمب. فقراراته الأسبوع الماضي والتي تنص على حظر المسلمين ماهي إلا تعبير عن نوع من غضب كاره للمهاجرين والذي وصفته في كتابك. هل كان الأمر مفاجأة؟ أم أنه ذروة لأحداث وسياسات منذ الحادي عشر من سبتمبر؟
بانكاج ميشرا: أعتقد أنها ذروة إذا ما تذكر المرء أن السلطات التي يمارسها ترمب كرئيس قد تكدست عن طريق باراك أوباما وجورج بوش من قبله. مُهِد الطريق للإسلاموفوبيا منذ الثورة الإيرانية عام 1979, بالطبع زادت حدتها بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ولكن فكرة أن الإسلام يمثل “الآخر” بالنسبة للهوية الغربية وبالتحديد للأمريكان البيض الذين صوتوا لترمب، أصبحت الاتجاه السائد. تحدث الناس عن هذا الأمر بشكل صريح لسنوات عدة، ترمب إذاً هو الذروة الوحشية للميول والسمات التي رأيناها من قبل في السياسيين الأمريكيين. من الخطأ رؤية ترمب كشذوذ.
سمير رحيم: تميل الدوائر الليبرالية إلى تشويه الإسلام. أنا أفكر بشخصيات كسام هارس ومارتن أميس. قال أميس في مقابلة له عام 2006: (هناك رغبة واضحة ألا تملكها؟ لقول ” على المجتمع المسلم أن يعاني إلى أن يحل مشاكله. ما نوع المعاناة؟ منعهم من السفر وترحيلهم وما إلى ذلك، تضييق حرياتهم والتفتيش الدقيق لكل شخص يبدو وكأنه من الشرق الأوسط أو باكستان، وأشياء تمييزية أخرى إلى أن يضر ذلك بالمجتمع بأكمله ويبدأون بالتعامل مع أطفالهم بقسوة”) دافع أميس فيما بعد عن هذا الكلام قائلاً إنها كانت مجرد “تجربة فكرية”.
ب.م: إن “التجربة الفكرية” لماتن أميس تتحول إلى واقع. فهي تثبت أن كل ما يمكن أن يتخيله المرء يمكن أن يتحول إلى واقع مرير. وهذه أحد الأسباب التي تدعونا لعدم نشر التجارب الفكرية لشخص ما (خاصة من هذا النوع) وعدم إعطائهم الهيبة الفكرية التي ستمنح لهم تلقائياً نظراً لكونها صادرة من روائي. هذا درس مهم لنا جميعاً، علينا الحذر من كيفية حديثنا عن مجتمعات كاملة. ولكن كما قلت لا يتعلق الأمر بالحذر من ستيف بانونز أو روبرت سبنسر فحسب، بل يمتد الحذر إلى المثقفين الليبراليين الإسلاموفوبيين.
س.ر: هل أرصد نوع من الرضا المحبط بعد أن سقط القناع؟ كتبتَ العام الماضي أن وجود ترمب يعني أنه من المستحيل إنكار وجود الإسلاموفوبيا.
ب.م: سقطت الكثير من الأقنعة مع وجود ترمب، ماجرى حدوثه عادة خلف الستار وما أُعطي مظهر لبق، في هيئة رئيس واضح (باراك أوباما) والذي رَحّل أناس أكثر من أي رئيس قبله، وفي بيل كلنتون الذي سجن أعداداً من الأفريقيين الأمريكيين أكثر من أي رئيس جمهوري. ولكننا متعلقون بهذه الشخصيات لأنها تشبهنا، يقرأون نفس نوعية الكتب التي نقرأها وبناءً على ذلك نشعر باندماجنا معهم. ما يفعله شخص كترمب هو أنه فضح الممارسات الغير إنسانية التي كانت تقود الاقتصاد والسياسة التي تدعي تكريس نفسها لحرية الإنسان. فمن هذه الناحية على المرء الترحيب بهذا الوضوح. فكرت بهذا الأمر ملياً اليوم: هذه هي أكثر الفترات السياسة أملاً في حياتي، كالمسيرة النسائية الكبيرة بعد يوم من التنصيب، لم أشهد في حياتي هذا العدد من الأمريكيين المنخرطين سياسياً بهذا الشكل خلال العشر أيام الماضية.