أبحاث ودراساتمفاهيم وشخصياتمميز

نظرية الأبعاد الثقافية عند هوفستيد

نظرية الأبعاد الثقافية لعالم الاجتماع الهولندي جيرت هوفستيد هي إطار لفهم كيف تؤثر الثقافة على سلوك الأفراد في المجتمعات المختلفة. استند هوفستيد في دراسته على تحليل بيانات من موظفي شركة IBM العالمية في الستينيات والسبعينيات، وخلص إلى أن هناك أبعادًا أساسية يمكن من خلالها تحليل وتفسير الفروقات الثقافية بين المجتمعات. هذه الأبعاد تستخدم لتفسير السلوكيات المختلفة في بيئات العمل والمجتمعات بشكل عام. إليك شرحًا لكل بُعد من هذه الأبعاد:

1. بُعد الفجوة بين السلطة (Power Distance Index – PDI)

يقيس هذا البعد مدى تقبّل الأفراد في المجتمع للتفاوت في توزيع السلطة داخل المؤسسات والمنظمات. في الثقافات التي تتميز بفجوة سلطة عالية، يميل الأفراد إلى قبول هرمية صارمة حيث يتمتع أصحاب السلطة بمكانة واضحة ويتوقعون الطاعة من الآخرين. أما في الثقافات ذات الفجوة المنخفضة، فيكون توزيع السلطة أكثر تساويًا وتكون العلاقات بين الأفراد الأكثر قوة والأقل قوة متساوية نسبيًا.

أمثلة:

  • ثقافات ذات فجوة سلطة عالية: مثل الهند والمكسيك.
  • ثقافات ذات فجوة سلطة منخفضة: مثل الدول الإسكندنافية (السويد، الدنمارك).

2. بُعد الفردية مقابل الجماعية (Individualism vs. Collectivism – IDV)

يصف هذا البعد مدى أهمية “الفرد” مقابل “الجماعة” في المجتمع. في الثقافات الفردية، يُتوقع من الأفراد أن يعتمدوا على أنفسهم وأن يعطوا الأولوية لمصالحهم الشخصية ومصالح عائلاتهم القريبة. أما في الثقافات الجماعية، تكون الهوية الشخصية مرتبطة بالجماعة (العائلة أو المجتمع) ويُتوقع من الأفراد أن يتصرفوا بما يخدم مصلحة المجموعة ككل.

أمثلة:

  • ثقافات فردية: الولايات المتحدة، المملكة المتحدة.
  • ثقافات جماعية: الصين، كوريا الجنوبية.

3. بُعد تجنب عدم اليقين (Uncertainty Avoidance Index – UAI)

يقيس هذا البعد مدى قدرة المجتمع على التعامل مع الغموض والمواقف غير المؤكدة. الثقافات ذات تجنب عالٍ لعدم اليقين تحب الوضوح والقوانين الصارمة وتفضل تفادي المخاطر. أما الثقافات التي تتقبل عدم اليقين، فهي تكون أكثر مرونة تجاه الأمور غير المتوقعة وتُظهر تسامحًا مع الأفكار الجديدة والمواقف غير المنظمة.

أمثلة:

  • ثقافات ذات تجنب عالي لعدم اليقين: اليونان، البرتغال.
  • ثقافات ذات تجنب منخفض لعدم اليقين: سنغافورة، الدنمارك.

4. بُعد الذكورة مقابل الأنوثة (Masculinity vs. Femininity – MAS)

يشير هذا البعد إلى مدى تبني المجتمع للقيم “الذكورية” مثل التنافس، الطموح، الإنجاز، مقارنة بالقيم “الأنثوية” مثل الرعاية والاهتمام بالجودة الحياتية. في الثقافات الذكورية، يكون التركيز على النجاح الشخصي والمكانة. أما في الثقافات الأنثوية، يتم التركيز على العلاقات الشخصية والمساواة في الفرص بين الجنسين.

أمثلة:

  • ثقافات ذكورية: اليابان، ألمانيا.
  • ثقافات أنثوية: السويد، النرويج.

5. بُعد التوجه طويل الأمد مقابل التوجه قصير الأمد (Long-term vs. Short-term Orientation – LTO)

يتعلق هذا البعد بكيفية تعامل المجتمعات مع الزمن. الثقافات ذات التوجه طويل الأمد تركز على القيم المستقبلية مثل المثابرة والتوفير، بينما الثقافات ذات التوجه قصير الأمد تميل إلى التركيز على القيم التقليدية والنتائج الفورية.

أمثلة:

  • ثقافات طويلة الأمد: الصين، اليابان.
  • ثقافات قصيرة الأمد: الولايات المتحدة، المملكة المتحدة.

6. بُعد التساهل مقابل الكبت (Indulgence vs. Restraint – IVR)

يقيس هذا البعد مدى حرية الأفراد في المجتمع للاستمتاع بالحياة وإشباع رغباتهم. المجتمعات المتساهلة تُشجع على الانفتاح والتعبير عن المشاعر والاستمتاع باللحظة. في المقابل، المجتمعات المكبوتة تميل إلى ضبط النفس وكبت الرغبات الشخصية.

أمثلة:

  • ثقافات متساهلة: المكسيك، الولايات المتحدة.
  • ثقافات مكبوتة: روسيا، باكستان.

الخلاصة:

تساعد نظرية الأبعاد الثقافية لهوفستيد في فهم الفروقات الثقافية وكيف تؤثر على القيم والسلوكيات في المجتمعات المختلفة. يمكن تطبيق هذه النظرية على نطاق واسع، سواء في بيئات الأعمال أو في الدراسات الأكاديمية لفهم كيفية تأثير الثقافة على العلاقات الشخصية والمهنية.

Public library

موقع المكتبة العامة يهتم بنشر مقالات وكتب في كافة فروع المعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى