علوم وتكنولوجيا
كيف تفرِّق بين العلم الحقيقي والعلم الزائف؟
كيف تفرِّق بين العلم الحقيقي والعلم الزائف؟ – ترجمة: هالة أسامة
علم الفراسة من العلوم المزيفة الشهيرة، يدّعي معرفة شخصية المرء من شكل جمجمته. العلم الكاذب هو مجموعة الممارسات غير الجديرة بالثقة والمرتبطة بالطب غالبًا والتي تفتقد للأدلة، هو علمٌ متنكر بعناية ليبدو كالعلم الحقيقي. لقد مرّت عليك بالتأكيد أمثلة له؛ سواء كان شابًا في المركز التجاري يحاول أن يبيع لك سوار الطاقة، أو إعلان الشامبو الذي يعدك بأن ‹‹الأحماض الأمينية›› ستجعل شعرك لامعًا، أو بائعي ‹‹الأدوية الطبيعية›› أو برامج الحمية الرائجة. كل هؤلاء يتوسعون في استخدام المبدأ الدعائي الأساسي؛ وهو جعلك تعتقد أن لديك مشكلة ما، كي يستطيعوا بيع حل لها.
يمكنك التعرف بسهولة على العلوم الكاذبة من خلال تشديدها على الإثبات بدلاً من النفي، وعلى الادعاءات المستحيلة جسديًّا، وعلى الألفاظ المشحونة بالعواطف أو تلك التي تبدو شبيهة بالمصطلحات العلمية. أحيانًا يتسم ما يقوله مروّجو العلم الكاذب بقدرٍ من الحقيقة مما يجعلها تبدو معقولة، إلا أن هذا القدر سيكون على الأغلب مجرد نصف الحقيقة، والنصف الآخر الذي يتغاضون عنه هو ما يجعل منتجهم غير فعال وعديم الجدوى.
عند التفكير في شراء أي شيءٍ؛ سواء كان كريمًا مضادًا للشيخوخة، أو برنامج حمية غذائية، أو كتابًا يزعم إخبارك ما لا يقوله الأطباء، أو قِطع مجوهرات تحتوي على مغناطيس، عليك الإجابة على هذه الأسئلة أولاً:
-
ما المصدر؟ هل يتمتع الشخص أو الكيان الذي يدعي هذه الادعاءات بخبرةٍ حقيقيةٍ في هذا المجال؟ هل يبيع المنتجات نيابةً عن شخصٍ آخر في مقابل عمولة؟ هل هو جزءٌ من خدعة تسويقية؟ هل يستخدم إعلانًا في صحيفة أو مجلة أو موقع إلكتروني يبدو علميًّا أو صحفيًّا بينما هو في الحقيقة مجرد إعلان ضخم يخدعك للاعتقاد بكونه صحفيًّا؟
-
هل لديه أجندة؟ عليك معرفة الإجابة على هذا السؤال لكي تضع أية معلومات في سياقها الصحيح، فإذا كنت تقرأ بحثًا علميًّا يمكنك الاطلاع على الممولين، أما إذا كنت تقرأ موضوعًا غير علمي فلا بد أن تشكّ كثيرًا. ما الفائدة التي ستعود على هذا الشخص أو الكيان؟ هل يبدو الأمر وكأنه يخبرك أن لديك مشكلةً لم تعرف بوجودها من قبل، ثم يقدم لك حلاً لها؟
-
ما اللغة المُستخدَمة؟ هل يستخدم كلماتٍ عاطفية أو الكثير من علامات التعجب؟ أو لغةً تبدو فنّية أو متخصصة للغاية – مثل الأحماض الأمينية والإنزيمات والحامض النووي- ولكنها في الحقيقة لا تعني شيئًا بالمعنى العلمي أو العلاجي؟ إذا لم تكن متأكدًا، يمكنك البحث عن المصطلحات من خلال جوجل أو سؤال طبيب. احذر المتشبّهين بالعلماء، فكما قال أينشتاين: إذا لم تستطِع شرح أمرٍ ما ببساطة فإنك لا تفهمه جيدًا. إذا اعتقد البائعون أن عليهم استخدام مجموعة من المصطلحات العلمية كي تصدقهم، فهم على الأرجح لا يفهمون شيئًا.
-
هل هناك شهادات؟ إذا كان كل ما يدعم صاحب الادعاءات هو شهادات الناس دون أية أدلة حقيقية على الفعالية، عليك أن تشك كثيرًا، إذ يمكن لأي شخص كتابة بعض الكلمات عن فعالية المنتج وتأثيره على أي موقع إلكتروني.
-
هل يدّعي الحصرية؟ يمارس الناس العلمَ والطبَ منذ آلاف السنين، ويشتغل بهما الآن الملايين، وتنبع الاكتشافات الجديدة من معرفتنا الحالية وتتضمن مساهمات العديد والعديد من الأشخاص، فمن النادر جدًا أن نرى اختراعًا أو علاجًا جديدًا مستحدثًا تمامًا دون خلفيةٍ علميةٍ متماسكةٍ تفسر كيفية عمله، أو اكتشفه شخصٌ واحدٌ فقط. احذر أيضًا من الكلمات المريبة مثل ‹‹مُسجَّل الملكية›› و‹‹سري››؛ فهذه الكلمات تشير إلى أن الاختراع لم يخضع على الأرجح للنقد العلمي.
-
هل يشير إلى مؤامرةٍ ما؟ إن المزاعم مثل ‹‹ما لا يريدك الأطباء أن تعرفه›› أو ‹‹المعلومات التي أخفتها الحكومة لسنواتٍ›› مثيرة للريبة بشدة، لماذا لن يريدك ملايين الأطباء أن تعرف شيئًا قد يُحسِّن من صحتك؟ الأطباء ليسوا كيانًا موحدًا يتخذ قرارات جمعية تخصك، فجميعهم ليسوا سوى أفرادًا منفصلين، وهم يريدونك أن تعرف! كما أن الحكومة مجرد مؤسسة جامدة منفصلة تتخذ قرارات آلية.
-
هل يشمل عدة أمراض غير مرتبطة ببعضها البعض؟ هل يؤكد على انتشار الأضرار في أجهزة متعددة مختلفة؟ أو على فوائد علاجية كثيرة لأجهزة متعددة مختلفة من أجهزة الجسم أو لسلسلةٍ من الأمراض غير المرتبطة ببعضها البعض؟ فالادعاءات بوجود أدوية تعالج السرطان والحساسية والتوحد وقصور الانتباه وفرط الحركة غير منطقية.
-
من المستفيد ماديًّا؟ إن الباحثين الذين يعملون على دراسة أسس الأمراض (مثل الجينات والمحفزات البيئية…إلخ) ويمارسون العلم هم أقل المنتفعين من الوصول لنتائج في المسائل الصحية. وأكثر المنتفعين على الأرجح هم من يحصلون على براءة الاختراع، أو من يسوّقون للأدوية والعلاجات، أو من يؤلفون كتبًا ويتلقون المال لإلقاء محاضرات، أو من يعملون كاستشاريين يعالجون الناس. لا يعني ذلك أن من يتكسّبون ماليًّا من الأبحاث أو تطوير الأدوية ليسوا جديرين بالثقة، فليس عليهم أن يفعلوا ذلك مجانًا، ولكن من الهام معرفة المستفيد ماديًّا.
-
هل اتُبِعَت خطوات علمية حقيقية؟ عادةً ما تمر الأدوية المستندة إلى أدلة بخطوات علمية متعددة قبل طرحها للعامة لاستخدامها. تشمل تلك الخطوات إجراء بحثٍ أساسي باستخدام اختباراتٍ على الخلايا والحيوانات، وبحث طبي على المرضى أو المتطوعين عبر مراحل منظمة عديدة، والمراجعة التقييمية في كل خطوة، وسلسلةً من الأوراق البحثية المنشورة. هل هناك دليل على أن هذا المنتج قد خضع للاختبارات العلمية ونُشِرَت نتائجه في الدوريات العلمية؟ أم هو مجرد منتج غير علمي لم يخضع لمراجعة أي من الخبراء؟
-
هل هذا الشخص خبير؟ مهما كنت تكره الخبراء أو لا تثق في المؤسسات، سيظل الحاصلون على شهادة الدكتوراه هم من تعمقوا في الدراسة لسنواتٍ طويلةٍ ويتعلمون بصورةٍ يوميةٍ المزيد عن المسائل التي يناقشونها. إذا كانوا متخصصين في مجالاتهم أو باحثين فيها يمكنك الثقة بهم، فهم ليسوا جهلاء ولا أغبياء ولا فاسدين ولا غير مبالين ولا يرغبون في المال فقط؛ فالعديد منهم في الحقيقة عكس ذلك كله. إلا أن تمتع المرء بلقب ‹‹أستاذ›› أو ‹‹دكتور›› لا يعني بالضرورة تمتعه بالخبرة في المجال المذكور؛ فأنا حاصلة على الدكتوراه في الأحياء، إذا ألفت كتابًا في الهندسة الكيميائية ووضعت ‹‹د.›› قبل اسمي لا يعني ذلك أنني خبيرة في الهندسة الكيميائية.