ثقافة وفنون

معلومات حول التفاؤل والتشاؤم لدى شعوب العالم

معلومات حول التفاؤل والتشاؤم لدى شعوب العالم – حسام الهندي

يستعد الرجل وزوجته للذهاب لعملهما، يفتحان الباب فإذا بقطة سوداء تمر من أمامهما. ينظر كل منها للآخر، ويعودان إلى المنزل خوفًا من الحظ السيء. وكغيرهم، هناك الكثيرون ممن تتلاعب بهم رموز التشاؤم والتفاؤل، بلا تفرقة بين شرقي أو غربي.

شرقًا وغربًا، في مجتمعات «متقدمة» أو «نامية»، هناك رموز التشاؤم والتفاؤل، والحظ السيء والحظ الحسن، باعتبارها أبرز علامات الحظ التي ترتبط بنسبة كبيرة بسكان الكرة الأرضية.

وهناك دراسات حول التفاؤل والتشاؤم، من بينها دراسة كراندل (Grandel، 1972)، أشارت إلى أن التشاؤم يرتبط سلبيًا باحترام الذات، والقدرة على حل المشكلات، أما التفاؤل فيرتبط إيجابيًا بنفس الأمرين.

وكشفت دراسة «Grewen-et al 2000»، عن أن النساء الأكثر تشاؤمًا لديهن مستوى عال من ضغط الدم الانقباضي أثناء النهار وكذا في المساء، وخلال فترات النوم، مقارنة بقريناتهن الأقل تشاؤمًا، ورغم ما قيل عن الخوف والضغوط المرتبطة بالتشاؤم والتفاؤل، فإننا أمام طبيعة بشرية ترى حظوظها مرتبطة بحيوانات أو نباتات، أو أرقام أو أفعال.

الأرقام النحسات

يُعد الرقم 13 من أشهر الأرقام المرتبطة بالتشاؤم حول العالم، وبخاصة في الغرب والشرق الأوسط، حتى أن الأمر يصل في بعض الأحيان إلى عدم كتابة الرقم على المنازل والشوارع، والأدوار، ويكتب «12 مكرر» بدلًا عنه، خوفًا من شؤمه المزعوم.

ويكون الرقم مصدر تشاؤم مزدوج، إذا ما صاحب يوم الجمعة، عند الغرب، ويقال إن من أسباب ذلك، أنه في بعض العقائد المسيحية، يُعتقد أن يهوذا الذي وشى بالمسيح، كان الرجل الـ13 في العشاء الأخير، كما يُعتقد بأن المسيح صُلب يوم الجمعة، وغير ذلك من الأسباب التي حصرتها العديد من الكتب والمراجع.

وفي الثقافة الصينية، ولدى بعض دول آسيا، يحضر الرقم أربعة، مرادفًا لجلب الشُؤم، ويُرجع البعض السبب إلى صوت الرقم عند نطقه بالصينية «سه»، وهو مشابه في النطق لكلمة موت، وقد يلحظ زوار الصين، أو أي من الدول حولها، اختفاء الرقم أربعة، واستبداله بـ«3A».

هناك أيضًا الرقم 666، ويربطه البعض بالشيطان، أو بالشر المُطلق، وفقًا لبعض المعتقدات المسيحية أيضًا. أما في اليابان، فالشؤم مصاحب للرقم تسعة، وهو رقم لنطقه في اليابانية، دلالات مرتبطة بالألم والمعاناة.

أما حظ الرقم 40، من نصيب المتشائمين من بعض العرب، وبخاصة مصر، وكذا عند الروسيين، حيث يربطون بينه وبين الموت، ويُعتقد بأن روح الميّت تظل في مكان موته 40 يومًا. وكان قدماء المصريين، يُحددون 40 يومًا مدة تحنيط المومياوات، وإلى الآن في مصر، تُعد الـ40 يومًا الأولى للميت، فترة حداد متواصل، يُمنع فيها أي مظهر من مظاهر الفرح، ويُلبس فيها الأسود.

أرقام الحظ

الرقم خمسة في الثقافة المصرية، له دلالة ميتافيزيقية، فيربطونه برد الحسد، كونه مرتبطًا بكف اليد وعدد أصابعها، التي غالبًا ما يُعتقد أنها تُشبه كلمة «الله»، ولذلك تشتهر عند المصريين مقولة «خمسة وخميسة»، لرد الحسد المُحتمل.

footprint-955932_960_720

وفي الثقافة الصينية هناك الرقم ثمانية، لدرجة أنه في دورة الألعاب الأوليبمية في بكين، 2008، حُددت ساعة انطلاق الألعاب في تمام الثامنة وثمان دقائق بتوقيت بكين، في اليوم الثامن من الشهر الثامن لعام 2008.

وحاول الرقم ستة أن ينافس الرقم ثمانية في الثقافة الصينية، في الارتباط بجلب الحظ، حين بيعت لوحة أرقام سيارة، بمبلغ يزيد عن مليون دولار، في مزاد بهونج كونج، عام 2001، كانت تحمل رقم 16، لكن المبلغ الذي بيعت به، لم يكن الأكبر، إذ بيعت لوحة تحمل الرقم 18، بمليوني دولار، عام 2008.

وعلى عكس اليابان، يُعد الرقم تسعة، من أرقام الحظ في تايلاند، فيما يُعد الرقم 14 رقمًا جالبًا للحظ في أمريكا اللاتينية.

أما الرقم 10، فهو رقم عليه شبه إجماع، وبخاصة من محبي كرة القدم، حتى أن البعض يعتقد في أن اللاعب الذي يرتدي رقم 10، هو هداف الفريق، بل إنه في بعض فرق كرة القدم، كانت تحدث أزمات بين اللاعبين، حول أحقية ارتداء الرقم، حتى برز في السنوات الأخيرة، لاعبون كبار، لا يرتدون الرقم 10.

ألوان الخوف والحظ

تختلف ثقافات الشعوب حول الألوان، وليس ثمة لون واحد تتفق عليه كل الثقافات في كونه لون جلب للحظ، أو جلب للشؤم، وعلى سبيل المثال، في الحضارة الصينية، يعتبر كل من الأحمر والأخضر والأصفر، من ألوان الحظ. لذا تستخدم الألوان الثلاثة بشكل مكثف في الطقوس الصينية، وبخاصة اللون الأحمر.

في الشرق الأوسط، لا يعتبر اللون الأسود، لونًا مفضلًا، لارتباطه بالموت، فيما تعد ألوان الوردي والأخضر والأصفر، من ألوان الحظ، والأزرق لون للحماية من الحسد، وبخاصة لدى المصريين.

وفي بعض الدول، تكون هناك اختلافات كبيرة بين الشؤم والتفاؤل، وعلاقتهما بالألوان، ففي تايلاند يعتبر الأحمر والوردي من ألوان الحظ، بينما في اليابان، اللون الأحمر رمز للغضب، والخطر، وفي بعض دول إفريقيا، اللون الأحمر يُستخدم للحداد، والأسود للقوة، والأبيض للحزن!

وفي دولة كالنهد، تضم بين حدودها أكثر من مليار إنسان، تتعدد وتمتزج فيها الثقافات والطوائف الدينية، تختلف رمزية الألوان باختلاف الطوائف، فعلى سبيل المثال، يرمز اللون الأحمر، لدى البعض من الهنود إلى الخوف، والبعض الآخر يراه رمزًا للثروة والسلطة، وآخرون يعتقدون أنه رمز للنقاء والخصوبة، وهناك من يراه رمزًا للإغواء والحب والجمال، في المقابل، ثمة شبه اتفاق على حب اللون البرتقالي.

كل ما حولك

في التشاؤم يشترك الغرب والشرق في كل من القط الأسود في الصباح، وكسر المرآة، والمقص المفتوح، والصندل المقلوب، ورؤية العريس للعروس قبل حفل الزفاف أثناء تجربتها للفستان الأبيض، ونزع خاتم الزواج من اليد، والصفير ليلًا، والتعامل الليلي مع المقابر، سواء بالمرور أو بالنوم فيها، وكسر الإبرة عند الخياطة، حيث الأخيرة، يرى البعض أنها دلالة على قرب موت شخص ما.

ويتشاءم العرب من نعيق الغربان، والبومة، ومن الملابس السوداء ليلًا، وقص الأظافر ليلًا، ولعب الحجلة، والكنس بالمقشة ليلًا، ورفة العين، حيث يرون أن الأخيرة تُشير إلى قرب حدوث أمر سيء، كذلك يتشاءمون من المرور أعلى قشر الثوم والبيض، كما يُحظر الدخول على المرضعة حديثًا بالباذنجان، أو أن يدخل عليها الرجل حالقًا شعر رأسه!

ولدى الغرب، ثمة الكثير من رموز التشاؤم، مثل المرور أسفل سلم نقّال، ويُقال إن السبب في ذلك، أن تنفيذ أحكام الإعدام قديمًا كانت تُستخدم فيها السلالم النقالة. كذلك يُعد من رموز التشاؤم في الغرب، سكب الملح، وتلقي هدية عبارة عن محفظة نقود أو حقيبة فارغة، أو فتح المظلة داخل المنزل، أو قتل العنكبوت داخله.

هذا وتعتبر حدوة الحصان، وسطوع الشمس بعد المطر، ورؤية قوس قزح، وسقوط فضلات الطيور على الملابس، من علامات التفاؤل المشتركة بين الغرب والعرب.

ويعتبر المصريون سقوط القهوة جلب للحظ، ويقولون في ذلك: «دلق (سقوط) القهوة خير»، وكذا قرص رجل العروس، والدخول بالقدم اليمنى، ورش الملح في الأفراح.

النباتات التي تجلب الحظ

يظن البعض أن النباتات تجلب الحظ، ومن ضمن تلك النباتات الخزامي والحبق والريحان، ونبات البامبو الذي يُعتقد في جلبه للسعادة والراحة النفسية، والوقاية من الشر، والحسد، فيما يعتقد البعض أن نبات الياسمين يأتي بالحظ والحب والثروة. على الجانب الآخر، يعتقد البعض أن النباتات المتسلقة، تجلب الموت.

حيوانات الشؤم

يتشارك الجميع تقريبًا في التشاؤم من القط الأسود، وبخاصة في العالم العربي، يُشاع أن الحيوانات السوداء إجمالًا تجلب الشؤم، ويتعلق الأمر غالبًا باللون الأسود، الذي غالبًا ما يرتبط في الوعي الجمعي لدى العرب، بالموت، والشر.

حيوانات التفاؤل

في مقابل القط الأسود، يعتقد العرب، والمصريين بخاصة، في الحظ الذي تجلبه الحيوانات البيضاء، بخاصة القطط البيضاء، التي يُعتقد في أن روح ملائكية تسكنها، بالإضافة إلى الاعتقاد في أن طائري الحمام والهدهد، من الحيوانات الجالبة للحظ.

الحيوانات تمائم حظ الجيوش

قد يبدو الأمر مُثيرًا للدهشة، أن جيوشًا تعتمد على جديد التكنولوجيا العسكرية، تتخذ من الحيوانات والطيور، تمائم لجلب الحظ، لكن ذلك ما يحدث.

من تلك الحيوانات، الدب «Wojtek»، وهو دب صغير، عثر عليه أحد الجنود البولنديين، في مكان قرب إيران، عام 1942، وتولى رعايته أحد جنود الفرقة العسكرية.

مع مرور الوقت، تحوّل لتميمة حظ لهذه الفرقة العسكرية، وصاحبهم في العديد من المعارك، حتى إنه عندما انتقلت الفرقة للقتال في إيطاليا، انتقل معهم، وسُجّل باعتباره جنديًّا رقم 22، في السرية الخاصة بتزويد الجنود بالأسلحة والذخيرة على الجبهة.

هذا ويُروى أن للدب دورًا بطوليًّا في معركة «مونتي كاسينو»، حيث نقل الذخيرة للجنود دون أن يُوقع طلقة واحدة، لتتخذ الفرقة من الدب وصورته رمزًا لها. وعقب الحرب العالمية الثانية، نُقل الدب إلى حديقة الحيوان، وكان زملاؤه في الفرقة يزورونه تكريمًا له.

وفي بريطانيا تتخذ فرقة ميرسيا عسكرية من خروف وحصان، تميمة حظ، وربما أشهر تلك الخراف، خروف «ديربيXXX»، الذي نال رتبة جندي أوّل، في أيلول (تموز) 2015، وذلك خلال حفل أُقيم لإحياء ذكرى تأسيس الفرقة في مدينة تشيستر، وسلّم العميد أندرو وليامز، الخروف، وثيقة ترقية، جاء فيها أنه نالها، بسبب «سلوكه الحسن».

ولم يكن ذلك الخروف الأول، الذي تعتمده فرق عسكرية بريطانية، تميمةً للحظ، بل إنه الخروف رقم 30، وهو تقليد للفرق العسكرية البريطانية، يعود إلى أيام حروب العصيان الهندية، أواسط القرن الـ19.

وللخروف التميمة، رقم عسكري خاص به، ومثله مثل باقي الجنود، له إجازات موسمية، وعليه مهام، من بينها المساعدة في إنارة أضواء الميلاد في أشبورن.

وفي النرويج هناك طائر البطريق، الذي يُعد تميمة جلب الحظ للحرس الملكي النرويجي. وقد ترقى البطريق حتى حصل على لقب فارس.

بدأ البطريق منذ عام 1972، فقبل تقديم الحرس الملكي استعراضًا عسكريًا، تبنى ملازم في الحرس، يُدعى نيلز إنجيلين، بطريقًا من حديقة الحيوان، ليتخذه تميمة جلب حظ للفرقة العسكرية، وأطلق عليه اسم نيلز أولاف، تيمنًا باسم الملازم الذي تبناه، والملك النرويجي، أولاف الخامس.

تدرج البطريق في الرتب العسكرية مع كل استعراض عسكري يُشارك فيه، حتى فارق الحياة عام 1982، واستبدل به بطريق آخر، أُطلق عليه نفس الاسم، وصل في عام 2005 إلى رتبة عقيد، ثم حصل بعد ثلاثة أعوام على لقب فارس.

المصدر: ساسة بوست

هذا المقال لا يعبر سوى عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي فريق المكتبة العامة

 

Public library

موقع المكتبة العامة يهتم بنشر مقالات وكتب في كافة فروع المعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى