أثر المنشورات الدينية في الفيس بوك – بقلم: رمضان عيسى
يقول المثل الانجليزي : لا تتعارك مع الخنزير في الوحل ، فأنت تتسخ ، وهو يستمتع !
ونحن نقول أن : مناقشة يكون موضوعها غير عقلاني مع شخص يؤمن بالخرافات ، لن تخرج بنتيجة عقلانية ، وهو سيعتبر نفسه أنه ناقشك وأفحمك بخرافاته !
والفيس بوك مكان رحب لمناقشات يجعلها البعض غير عقلانية بدفع الآيات القرآنية التي تهدف الى التسليم دون مناقشة ، أو الأحاديث التي أكل الدهر عليها وشرب ، واذا لم يجد استجابة لأفكاره الغيبية ، يبدأ في رش ما يعتبره اتهامات لمن يناقشه – فهو يعتبرها تهمة – علماني ، حداثي ، ناكر ، كافر ، ملحد ، لا ديني.
فما هي أضرار المنشورات الدينية ؟
1 – لا تزيد عن أنها اجترار للماضي وما في بطون الكتب الصفراء ، فلا تضيف معلومات عصرية .
2 – محشوة بالنصائح الأخلاقية البدوية والصحراوية ، فالمهزوم حضارياً يلجأ الى النقد الأخلاقي لمظاهر الحضارة المدنية والعلمانية ، كالألبسة ومشاركة المرأة والسينما والمسرح والمتنزهات .
3 – لا تعترف بسيرورة الزمن التطورية التي تُؤمن بأن لا شيء ثابت ، بل هناك ديمومة في الحركة التطورية ، مستمرة وشاملة للطبيعة والمجتمع والفكر الانساني .
4 – لا تعترف بقيمة الزمن ، أي استهلاك الزمن لإنتاج شيء مفيد مادياً أو اجتماعياً أو علمياً .
5 – يعتقد أتباع الفكر الديني بأن لديهم حلولاً جاهزة لمشاكل العصر، وما علينا إلا الحفر واستخراج الحلول من ما جاء على لسان الرسول ، والسلف الصالح ، فبعد الرسول ليس لنا ما نقول !!
6 – تتجاهل المستوى الاجتماعي والاقتصادي والعلمي الذي وصلته البشرية عبر تاريخها الطويل ، فهي تنكر الحلول العصرية لمشاكل العصر كالفقر والتزايد السكاني وحقوق الانسان ، والتضخم النقدي ، وطرق انتاج الغذاء .
7 – تنشر أفكاراً وتفسيرات غير علمية عن مظاهر الكون والطبيعة وأحداث المجتمع ، وتزرع الشك في النظريات العلمية عن طريق تعظيم النصوص والتفسيرات السلفية بحجة القدسية .
8 – تعمل على استبعاد المنهجية العلمية في البحث والتفكير ، والتي تعتبر التطبيق هو المعيار الذي يثبت صحة الأفكار وأن التسلسل السببي هو الذي يثبت صحة النظريات .
9– لا تعترف بالنقد والنقد الذاتي كمبدأ تطوري عام يشمل التاريخ وأفكار الماضي ، وتعتبر كل الشخصيات الاسلامية – الخلفاء والصحابة منزهون عن الخطأ ، ويجب اتباعهم دون تمحيص .
10 – تنشر الأفكار المذهبية التي تزرع الفُرقة بين مكونات مجتمع الوطن الواحد، وحتى بين أتباع الدين الواحد .
11– تعظيم نُظم الخلافة المتنوعة، وتجاهل صراعاتها ودمويتها ، وتسويقها للجيل باعتبارها نموذجاً يجب تطبيقه في هذا الزمن ، وتؤمن أن الاسلام دين ودولة ، والخليفة هو ولي الأمر المطاع .
12– عدم قدرة أتباع ” شرع الله ” على اعطائنا تعريفاً واضحاً لما يعنونه ب ” شرع الله ” ، وهل المقصود بالفرقة الناجية ، حزب ، أم جماعة ، أو أن يكون المجتمع بأسرة فرقة ناجية حتى يمكن تطبيق ” شرع الله ” ، وبالتالي يجب القضاء على كل الآخرون الذين لا تنطبق عليهم صفات الفرقة الناجية من وجهة نظرهم .
13 – المنشورات الدينية تعمل على خلق أرضية إيمانية بالسحر والجن والعفاريت ، وفعالية وقدرة النصوص والآيات على الشفاء من الأمراض وامكانية النصر على الأعداء وتغيير الظروف السيئة بالدعاء ، وبالتالي انتشار ما يسمى بالطب النبوي والرقى الشرعية والتداوي بالقرآن .
14– المنشورات الدينية انتقائية وغير متناسقة تاريخياً ، وتخلق شكلاً من أشكال التشتت الفكري الذي لا يعترف بترابط الأسباب بنتائجها في الظرف المعين .
15 – تعظيم نظرية الخلق التوراتية التي تنطلق من فرضية التدخل الغيبي في صيرورة التطور العضوي للكائنات الحية .
16 – تعمل المنشورات الدينية على بث روح التواكل والقدرية والاستسلام ، والايمان باننا مساقون سوقاً الى قدرنا المرصود في اللوح المحفوظ ، ولا نملك القدرة الذاتية على التغيير الى الأفضل .
17 – ترفض المنشورات الدينية المفاهيم الحديثة مثل : العلمانية والحرية والانتخابات وحقوق الانسان والأخلاق ، وتحاول الالتفاف عليها بإعطائها تعريفات ومسميات دينية .
18 – تعظيم فكرات مثل الاعجاز العلمي والاعجاز اللغوي والاعجاز الرقمي ، ومحاولة الدخول منها الى أصحاب العقلية النصفية والبسطاء لتقوية الاعتقاد بالغيبيات وتفسيرات النصوص المقدسة .
فبلاد تتعظم فيها وتنتشر المنشورات الدينية لا يمكن أن تكون مسيرتها التطورية تسير بشكل طبيعي ، فبلاد مثل هذه لا بد أن تواجه الكثير من المعوقات والانحرافات التي ستكون نتيجتها اهدار الكثير ، الكثير من الزمن ، وخيرات البلاد المادية دون الوصول للنتائج المرجوة .
انظر حال باكستان وأفغانستان والصومال والسودان ومصر وليبيا والعراق واليمن …. وهناك بلدان نصفية ولكن سلبياتها مغطاة بالبترودولار ، مثل السعودية وقطر والامارات والبحرين والكويت ، فهي دول استهلاكية ذات حضارة مستوردة ، شكلية .
ومن جهة أُخرى فمن الممكن أن تغرق البلاد في صراعات مذهبية بين مكونات المجتمع التي تؤثر على الأجيال وعلى العقول ومدى قدرتها على خدمة البلاد .
وبمقارنة تلك البلاد ببلاد أُخرى لم تعاني من أثر الصراعات الدينية والمذهبية ، سيكون الفرق شاسع ليس في التطور المادي والعلمي ، بل وفي إنتاج الخيرات المادية الضرورية لحياة المجتمع .